تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

تحديات خطة ترامب فى غزة

رغم مرور أكثر من شهر على اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة, ما زالت خطة ترامب للسلام فى غزة تواجه تحديات كثيرة, وما زالت تراوح مكانها فى المرحلة الأولى، ولم تنتقل بعد إلى المرحلة الثانية, والتى تعد المرحلة الأصعب بسبب تعقد وتشابك ملفاتها.

أبرز تحديات خطة ترامب تتمثل فى:

أولا: الخروقات الإسرائيلية المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار والتى نتج عنها سقوط أكثر من 180 قتيلا و600 مصاب، واتخاذ ملف جثث الرهائن الإسرائيليين كذريعة للتلكؤ فى تنفيذ بنود الاتفاق خاصة فى المرحلة الأولى. ورغم تسلم إسرائيل جميع رهائنها الأحياء العشرين وغالبية جثث الرهائن، حيث لم يتبق سوى 3 جثث من بين 28 جثة, إلا انها لم تلتزم بفتح المعابر خاصة معبر رفح، ووضعت قيودا على دخول المساعدات الإنسانية، وهو ما يعكس عدم وجود جدية لدى الجانب الإسرائيلى فى تنفيذ الاتفاق، رغم أنه أساسا أفكار ومقترحات إسرائيلية، ولكن بإخراج أمريكى.

ثانيا: عدم وجود تصور محدد أو خريطة طريق واحدة محددة الأهداف والآليات تتفق عليها جميع الأطراف المعنية، سواء المباشرة مثل إسرائيل وحماس، أو الأطراف الأخرى خاصة الولايات المتحدة، وتناقض تلك التصورات خاصة فيما يتعلق بقضايا المرحلة الثانية ومستقبل غزة. فالجانب الإسرائيلى كعادته فى المراوغة والتعنت، استجاب لضغوط ترامب فى وقف إطلاق النار لاستعادة أسراه الأحياء والأموات، لكنه يسعى على أرض الواقع لتفريغ خطة ترامب من مضمونها، أو تطويعها فى الاتجاه الذى يحقق أهدافه، وهى فرض أمر واقع فى غزة، من خلال نزع سلاح الفصائل الفلسطينية كشرط لتنفيذ الانسحاب التدريجى، والبدء فى خطة الإعمار، بل يسعى نيتانياهو إلى تحويل الخط الأصفر المؤقت الذى تضمنته خطة ترامب إلى خط دائم، أو ما يسمى جدار برلين فى غزة، بحيث تسيطر إسرائيل عمليا على 53% من مساحة غزة فى الشرق المجاور لمستوطنات غلاف غزة، وجعلها منطقة معزولة وتسعى لإقامة قواعد عسكرية فيها، وهو ما يمثل خطورة كبيرة فى تزايد احتمالات تقسيم القطاع.

فى المقابل فإن حماس التى وافقت على خطة ترامب، ومنها بند نزع سلاحها, وقامت بتسليم الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، إلا أنها تتحايل على الخطة وتسعى لتكريس وجودها فى القطاع كسلطة الأمر الواقع، ورغم موافقتها على تشكيل لجنة مستقلة لإدارة القطاع من التكنوقراط المستقلين، إلا أنها تصدر إشارات متضاربة من قادتها بشأن نزع سلاحها أو انسحابها من المشهد، وهو ما يعطى الذريعة لإسرائيل لتوظيفه للمماطلة فى تنفيذ خطة ترامب.

الجانب الأمريكى حتى الآن لا يمتلك رؤية واضحة ومتماسكة ومحددة بشأن تنفيذ خطة ترامب, فالنجاح الوحيد الذى تحقق هو وقف إطلاق النار وصموده, رغم الخروقات الإسرائيلية، بسبب الضغوط الأمريكية والجولات المكوكية التى قام بها مبعوثو ترامب لإسرائيل لمنع انهيار الاتفاق. لكن فى المقابل لم تتحرك الخطة للأمام بسبب تناقض التصورات حول قضية إدارة قطاع غزة، وطبيعة دور القوات الأمنية، أو قوى الاستقرار فى غزة, فالرئيس ترامب وعبر مشروع القانون الذى قدمته أمريكا لمجلس الأمن يسعى لاستصدار قرار دولى يتضمن تشكيل مجلس انتقالى لغزة لعامين، وهو ما يعرف بمجلس السلام العالمى, والذى يمتلك كل الصلاحيات فى تقرير مستقبل غزة وقضايا المرحلة الثانية ومنها إعادة الإعمار, وأن يتم إنشاء قوة دولية تتكون من قوات عربية وإسلامية وبمشاركة قوات فلسطينية لفرض الأمن, بينما استخدمت روسيا حق الفيتو فى مجلس الأمن ضد مشروع القرار الأمريكى، وطرحت مسودة مشروع قرار بديل لا يتضمن ما يسمى بمجلس السلام العالمى، وإنما يؤكد دور الأمم المتحدة والأمين العام فى تقرير القضايا المرتبطة بغزة, مما دفع أمريكا لتقديم مشروع قرار معدل يتضمن النص على حل الدولتين، وهو ما يعكس غياب توافق إقليمى ودولى حول مهام وصلاحيات مجلس السلام أو الإدارة الانتقالية، وكذلك طبيعة وتكوين ومهام قوات الاستقرار.

ثالثا: تعد مصر الطرف الوحيد الذى يمتلك رؤية شاملة بشأن مستقبل غزة وخطة الرئيس ترامب، وترتكز على تثبيت وقف إطلاق النار وتنفيذ اتفاق شرم الشيخ عبر تذليل العقبات والعراقيل، وسد الذرائع على الجانب الإسرائيلى، كما حدث فى المساعدة المصرية فى العثور على جثث الرهائن الإسرائيليين, وكذلك العمل على إدخال المساعدات الإنسانية دون قيود وفتح جميع المعابر, وبالتوازى البدء سريعا فى خطة إعمار غزة فى إطار فلسفة تخفيف معاناة الفلسطينيين، وتوفير مقومات الحياة الأساسية لهم، والقيام بالإعمار فى ظل وجود الفلسطينيين فى أراضيهم وبيوتهم لقطع الطريق على أى مخططات لتهجيرهم قسرا او طوعا ولذلك ستستضيف القاهرة قريبا مؤتمرا دوليا لإعمار غزة بالتعاون مع الأمم المتحدة لتحديد أولويات وآليات الإعمار وحشد التمويل الدولى للإعمار, وكذلك تأكيد مصر على الإدارة الفلسطينية لغزة، ودعم تشكيل لجنة فلسطينية مستقلة لإدارة القطاع لمدة ستة أشهر وتحت مظلة السلطة الفلسطينية, وأن تكون غزة جزءا من الدولة الفلسطينية المستقبلية, وتشكيل قوات دعم الاستقرار فى غزة بقرار من مجلس الأمن الدولى لإعطائها الشرعية القانونية، وتحديد صلاحياتها ومهامها حتى لا تحدث صدامات على الأرض، خاصة مع الجانب الإسرائيلى والفصائل الفلسطينية, ومعالجة مسألة نزع سلاح الفصائل فى إطار التوافق الوطنى الفلسطينى ووحدة السلاح, وأن يقود كل ذلك فى نهاية المطاف لإطلاق مسار سياسى يفضى إلى حل الدولتين، لإنهاء هذا الصراع التاريخى من جذوره.

وبالتالى نجاح خطة ترامب يتطلب إرادة حقيقية أمريكية وتوافقا إقليميا ودوليا بشأن مستقبل غزة وضمانات دولية تحت مظلة الأمم المتحدة وفى الإطار الذى يقود إلى حل الدولتين, بينما تظل حسابات إسرائيل وحماس المتناقضة هى التحدى الأكبر لخطة ترامب.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية