تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الدور المصرى فى اتفاق غزة
يعد اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، والذى أعلن عنه الأربعاء 15 يناير، خطوة مهمة فى اتجاه وقف معاناة الشعب الفلسطينى بعد حرب عدوانية شنتها إسرائيل على مدى 15 شهرا دفع خلالها الفلسطينيون ثمنا باهظا وتكلفة غير مسبوقة، تمثلت فى أكثر من 70 ألف شهيد ومفقود وأكثر من 120 ألف جريح، وتشريد أكثر من مليونى شخص وتدمير كامل لقطاع غزة.
ولاشك أن الاتفاق كان تتويجا للجهود المصرية المتواصلة بالتعاون مع الشركاء، أمريكا وقطر. ورغم التعنت الإسرائيلى وإستراتيجية المراوغة التى اتبعها نيتانياهو خلال جولات المفاوضات التى جرت على مدى ثمانية أشهر وأفشلت التوصل إلى اتفاق، إلا أن الجهود المصرية استمرت فى إطار فقه أولويات الدولة المصرية، وهو وقف نزيف الدم الفلسطينى، ووضع حد لمعاناة الفلسطينيين فى قطاع غزة.
وقد تجسد الدور المصرى فى العمل على تذليل العقبات وحل القضايا العالقة، خاصة بعد تناقض مواقف إسرائيل وحماس بشكل كامل، وارتكزت المقاربة المصرية على التدرج فى حل القضايا أى تنفيذ القضايا المتوافق عليها وحل القضايا العالقة عبر المفاوضات فى المراحل المختلفة للاتفاق، ولذلك رغم أن مرجعية اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة هى خطة بايدن التى طرحها فى 31 مايو 2024، وصادق عليها مجلس الأمن الدولى وترتكز على مراحل ثلاث،
إلا أنها تستند بشكل أساسى إلى المقترحات المختلفة التى قدمتها مصر قبل ذلك وتقوم على فكرة المراحل من أجل إفساح المجال أمام تجاوز القضايا المعقدة، أو الألغام التى كانت تفجر كل اتفاق.
وارتكزت إستراتيجية نيتانياهو خلال الفترة الماضية على محاولة الظهور، والانخراط فى المفاوضات لاستيعاب الضغوط الأمريكية، وضغوط أهالى المحتجزين والرهائن الإسرائيليين، لكن لم تتوافر لديه الإرادة الحقيقية فى التوصل إلى اتفاق، فكلما كان هناك اتفاق على حل القضايا العالقة يضع شروطا تعجيزية جديدة تفضى إلى إفشال المفاوضات.
وقد ساعد على عدم التوصل إلى اتفاق خلال الفترة الماضية أيضا موقف إدارة الرئيس بايدن التى اتسمت بحالة من اللاحسم والضعف أمام نيتانياهو وعدم ممارسة ضغوط حقيقية عليه، وبالتالى عندما تغير الموقف الامريكى ودخل الرئيس المنتخب ترامب على الخط توافرت الإرادة والحسم الأمريكى فى التوصل إلى اتفاق انعكس ذلك فى الضغط على نيتانياهو الذى بدا أن خياراته أصبحت محدودة فى المراوغة امام ترامب، الذى بالفعل وعد العرب والمسلمين فى أثناء الانتخابات الامريكية بوقف الحرب،
وهنا تغيرت المعادلة وساهمت ضغوط وإرادة ترامب فى إنضاج الصفقة وإنجاح الجهود المصرية فى التوصل إلى اتفاق. كما يبرز الدور المصرى بشكل واضح فيما يتعلق بتنفيذ هذا الاتفاق على أرض الواقع، وذلك لخبرة مصر الكبيرة فى إدارة الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على مدى جولات عديدة من المواجهة بين الجانبين، حيث تمتلك الخبرة الأمنية والفنية الكبيرة فى التعامل مع القضايا المختلفة.
وقد تجسد الموقف المصرى من الاتفاق فى ضرورة وقف الحرب وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من قطاع غزة بما فى ذلك محور صلاح الدين، فيلاديلفيا، ومعبر رفح وأن تكون غزة جزءا من الدولة الفلسطينية، وبالتالى الاتفاق بمراحله الثلاث سوف يفضى إلى الوقف الدائم لإطلاق النار والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
هناك تحديات عديدة تواجه تنفيذ هذا الاتفاق فى ظل انعدام الثقة التامة بين إسرائيل وحماس، وسعى كل طرف منهما لتوظيف الاتفاق لمصلحته للظهور بأنه المنتصر، وأبرز التحديات يتعلق بالانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية حيث ينص الاتفاق على وقف إطلاق النار طالما استمرت المفاوضات حول المرحلة الثانية،
وهنا قد تنهار المفاوضات بين الجانبين فى أى لحظة بسبب الاختلافات المحتملة حول الأسرى وانسحاب القوات الإسرائيلية وعودة النازحين إلى شمال غزة وغيرها، وبالتالى العودة مرة أخرى إلى القتال.
كما أن هناك تحديا يتعلق بمسألة جدول تسليم الرهائن الإسرائيليين فى ظل وجود أعداد منهم لدى الأفراد وآخرين لدى الفصائل وانقطاع الاتصال مع حراس هؤلاء الرهائن ومقتل أعداد كبيرة منهم، إضافة إلى تحدى عدم التزام حكومة نيتانياهو بتنفيذ بنود الاتفاق، ووضع عقبات أو شروط جديدة أو رفض الانسحاب من قطاع غزة ومن محور صلاح الدين أو العودة مرة أخرى إلى الحرب لإرضاء اليمين المتطرف، وهو ما يجعل الاتفاق هشا.
والواقع أن نجاح تنفيذ بنود الاتفاق خاصة المتعلقة بتبادل الرهائن وآليات إدخال المساعدات الإنسانية والتغلب على العقبات المحتملة يتطلب
أولا تنفيذ إسرائيل وحماس التزاماتهما وفقا للاتفاق،
وثانيا أن يكون هناك دور أمريكى فاعل وحاسم من قبل إدارة ترامب فى الضغط على نيتانياهو للالتزام بالاتفاق.
الاتفاق خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار، وإنهاء معاناة الفلسطينيين، لكن الأصعب هو ما بعد الاتفاق، واليوم التالى لوقف الحرب خاصة فيما يتعلق بإعادة إعمار القطاع المدمر تماما الذى يتطلب مئات المليارات من الدولارات، كما أن تحقيق الاستقرار الدائم يتطلب تحقيق السلام العادل عبر إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية فى إطار حل الدولتين،
وهذا بدوره يتطلب انسحاب حماس وخروجها من المشهد السياسى والأمنى فى غزة، لأن ذلك فى مصلحة القضية الفلسطينية، وعدم إعطاء الذرائع لإسرائيل فى استمرار العدوان، كما أنه سيساعد على حشد الدعم الدولى لإعادة الإعمار، وعلى توظيف الدعم السياسى الدولى الكبير للشعب الفلسطينى فى إقامة الدولة الفلسطينية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية