تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الدعم النقدى.. لماذا؟
تظل الأولوية القصوى للدولة هى الارتقاء بمستوى معيشة المواطن وتحسين جودة حياته, فهو الهدف من التنمية وهو أداتها فى ذات الوقت. وفى إطار تحقيق التنمية البشرية وتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية, يشكل الدعم بكافة أشكاله أحد أهداف سياسة الدولة فى دعم المواطنين خاصة الفئات الأشد فقرا والأقل دخلا والأكثر احتياجا, وتخفيف المعاناة عن كاهل المواطن البسيط من خلال دعم الدولة للعديد من السلع والخدمات. وقد تطور حجم الدعم فى الموازنة العامة للدولة من 9 مليارات جنيه عام 1977 إلى حوالى 636 مليار جنيه فى موازنة 2024-2025, ليشمل دعم السلع التموينية ب135 مليار جنيه ودعم منظومة الخبز ب126 مليار جنيه لإنتاج 100 مليار رغيف مدعوم, ودعم المواد البترولية ب154 مليار جنيه, ودعم برامج الإسكان الاجتماعى ب12 مليار جنيه ودعم التأمين الصحى والأدوية ب8.5 مليار جنيه ودعم العلاج على نفقة الدولة ب10 مليارات جنيه, إضافة إلى دعم الكهرباء ودعم المزارعين ب657 مليون جنيه للمساهمة فى تخفيف المعاناة عن صغار المزارعين.
ومنذ عقود طويلة وتحديدا منذ خمسينيات القرن الماضى, والجدل مستمر حول أيهما أفضل للمواطن هل الدعم العينى الذى ساد خلال الفترات الماضية وكانت له عيوب كثيرة أبرزها عدم وصول الدعم إلى مستحقيه, أم الدعم النقدى؟.
وفى الواقع أن الجدل هنا ليس حول إلغاء أو الإبقاء على الدعم وإنما هو حول شكل الدعم وآليات وصوله إلى مستحقيه, فالدعم مستمر من جانب الدولة وبالتالى السؤال هو حول كيفية تحقيق الهدف الأساسى من الدعم وهو تخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين ومساعدة ودعم الفئات والأسر الأشد احتياجا. وهنا فإن التحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى يحقق العديد من الأهداف والمزايا:
أولا: أن الدعم النقدى يسهم فى وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين, من خلال تحديد الفئات الأشد احتياجا ووضع معايير واضحة ومحددة لمن يستحق الحصول على هذا الدعم, وبالتالى يتلافى عيوب الدعم العينى السابق, الذى كان يصل إلى الجميع ويستفيد منه الأغنياء والقادرون أكثر من الفقراء, وهو ما تسبب فى حرمان فئات كثيرة من الاستفادة الكاملة من هذا الدعم بسبب مزاحمة الأغنياء للفقراء. كما أن الدعم النقدى يتيح للمواطن تحديد خياراته واحتياجاته وفقا لمتطلباته, وليس وفقا لما يصرف له من سلع تموينية.
ثانيا: الدعم النقدى يسهم فى ترشيد الدعم فى موازنة الدولة فى ظل الهدر الكبير الذى شهدته الموازنات الحكومية السابقة ولم يتم الاستفادة منه بشكل فعال لصالح المواطنين خاصة الفئات التى تستحق الدعم, ومن هنا فإن الدعم النقدى سيسهم فى توجيه الأموال التى كان يتم تخصيصها للدعم العينى إلى مجالات أخرى خاصة الإنفاق على الصحة والتعليم والتأمين الاجتماعى وزيادة المرتبات والمعاشات وتوسيع مظلة التأمين الصحى ليغطى كل أنحاء الجمهورية.
ثالثا: الدعم النقدى سوف يتكامل مع شبكة الحماية الاجتماعية الواسعة التى تدعم من خلالها الدولة المواطنين خاصة الفئات والأسر الأشد احتياجا, وعلى رأسها مشروع تكافل وكرامة, الذى خصصت له الدولة 40 مليار جنيه, يمكن زيادتها لتشمل عددا كبيرا من الأسر والفئات ذات الدخل المنخفض. كما أن الدعم النقدى هو جزء من الدعم بشكل عام سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر, مثل مشروع حياة كريمة الذى يعد مشروع القرن ويستهدف الارتقاء بمستوى معيشة أكثر من 60 مليون مواطن خاصة فى ريف مصر من خلال توفير كل مقومات الحياة الكريمة من خدمات وبنية أساسية وغيرها, كما أنه توسع ليغطى كل مناطق الجمهورية إضافة إلى توسع مهامه ومجالات عمله. كما أن الدعم مستمر فى جميع السلع الأخرى خاصة الكهرباء والمواد البترولية والخدمات الصحية والتعليم وغيرها.
ولاشك أن نجاح وفاعلية الدعم النقدى فى تحقيق الهدف الأساسى منه وهو وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين يتطلب العديد من الأمور:
أولها: وجود قاعدة بيانات دقيقة للفئات التى تستحق الدعم, وتحديد تلك الفئات وفقا لمعايير صارمة ومحددة تتعلق مثلا بمستوى الدخل أو الفئات التى ليس لديها أى دخل أو من هو غير قادر على العمل بسبب حالات العجز أو الإصابة كذلك حالات الشيخوخة, كذلك الأسر الأكثر احتياجا..إلخ. مع مراجعة وتجديد قواعد البيانات وفقا لتغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية وحجم الأعباء الملقاة على عاتق الأسر المصرية. ولاشك أن تحديد قاعدة بيانات دقيقة من شأنه أن يسهم فى وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين واستبعاد من لا يستحقون هذا الدعم خاصة الدعم السلعى ودعم الكهرباء والمواد البترولية.
ثانيها: المرونة فى تحديد قيمة الدعم النقدى وفقا للظروف والأوضاع الاقتصادية ومعدلات التضخم وارتفاع الأسعار, وبما يتماشى مع تكاليف المعيشة المتزايدة, وبما يمكن المواطن من تلبية احتياجاته الأساسية.
إن مناقشة قضية الدعم النقدى من شأنه أن يتيح المجال لكل الآراء المختلفة بما يسهم فى الوصول إلى أفضل صيغة لترشيد الدعم وضمان وصوله إلى مستحقيه الحقيقيين، ومناقشة التحديات التى يمكن أن تواجه تطبيق الدعم النقدى وسبل التغلب عليها. ولاشك ان الحوار المجتمعى والبرلمانى حول الدعم, وإن اختلف فى الآليات لكن الجميع متفق على العمل من أجل الارتقاء بحياة المواطن خاصة الفئات الأكثر احتياجا.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية