تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د.أحمد زكريا الشلق > آثارنا فى الخارج واستردادها «1»

آثارنا فى الخارج واستردادها «1»

عندما رأى رفاعة الطهطاوى المسلة المصرية فى أبرز ميادين باريس ، كتب فى كتابه المتفرد: تخليص الإبريز فى تلخيص باريز, من نحو قرنين من الزمان متعجبا من وجود هذه المسلة أو هذه البرابى المشهورة عند العامة بالمسلات ، ولغرابتها نقل منها الإفرنج اثنتين إلى بلادهم، إحداهما نقلت إلى رومة فى الزمن القديم، والأخرى نقلت إلى باريس فى هذا العهد. من فائض معروف ولى النعم – يقصد محمد على- وأقول: حيث إن مصر أخذت الآن فى أسباب التمدن والتعلم على منوال بلاد أوروبا ، فهى أولى وأحق بما تركه لها سلفها من أنواع الزينة والصناعة، وسلبه عنها شيئا بعد شىء، يعد عند أرباب العقول من اختلاس حليّ الغير للتحلى به، فهو أشبه بالغصب، وإثبات هذا لا يحتاج إلى برهان، لما أنه واضح البيان.

وبين الحين والآخر تحرز اللجان المشكلة فى وزارة الآثار بهدف استرداد الآثار المصرية تقدما، فتستعيد لنا الكثير من قطع الآثار المصرية الموجودة فى متاحف الدنيا، بينما تخفق أحيانا نتيجة تشدد هذه المتاحف والتمسك بآثارنا فى بلادهم.

ويحضرنى فى هذا المجال دراسة أكاديمية كنا قد نشرناها فى كتاب عام 2016 فى مركز تاريخ مصر المعاصر بدار الكتب والوثائق القومية عنوانها: الآثار المصرية المستباحة، الإدارة المصرية والآثار فى القرن التاسع عشر للدكتور أشرف محمد حسن أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر فى كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر فى أسيوط.

وقبل أن أعرض الملامح الرئيسية لهذا الكتاب أود أن أشير إلى أن هناك العديد من الدراسات باللغات الأجنبية واللغة العربية تناولت بالتأريخ علم المصريات ، واختص بعضها بدراسة نهب الآثار وتدميرها بمختلف الوسائل والأساليب، منها على سبيل المثال كتاب بيتر فرانس الذى ترجم مرتين إلى العربية ، أولهما لمحمد مستجير مصطفى نشرت عام 1989 تحت عنوان: اغتصاب مصر، وثانيهما لإبراهيم محمد إبراهيم تحت عنوان: أوروبا والآثار المصرية. وقد كتبه المؤلف بأسلوب أدبى أكثر منه أكاديمى، وقد تضمن فصلا عن ارتباط الاكتشافات الأثرية بالسياسة والإدارة. وهناك كتاب بريان فاجان الذى صدر فى لندن 1977 وترجمه أحمد زهير أمين تحت عنوان نهب آثار وادى النيل ودور لصوص المقابر, وصدر عام 2002، والذى ركز على عمليات ونشاطات رجال الآثار ولصوص المقابر والسائحين فى نهب آثار مصر، وقد أفرد فصلا لدور المهرب الأكبر بلزونى، الإيطالى الذى فتح الباب للسطو على آثار مصر .

ولدينا أيضا كتاب دونالد ريد فراعنة من :دراسة فى علم الآثار والمتاحف الذى ترجمه رؤف عباس (2005) والذى يمكن القول بأنه يؤرخ لعلم المصريات وصلته بالهيمنة الإمبريالية، ورد الفعل الوطنى فى موقف العلماء المصريين دفاعا عن تراث مصر وهويتها القومية ، حيث يدحض الكتاب الفرية التى رددتها الكتابات الغربية بشأن عدم أحقية المصريين بآثار بلادهم.

ويمكن أن نشير إلى الدراسات التى تناولت هذا الموضوع فى بعض جوانبها، مثل كتاب دومنيك فالبيل علم المصريات, ترجمة لويس بقطر(1994) وكتاب جون مارلو تاريخ النهب الاستعمارى لمصر الذى ترجمه عبدالعظيم رمضان (1974)، وكذلك دراسة وائل الدسوقى تاريخ علم المصريات (2014) وإن كان قد ركز على نشأة العلم وتطوره خلال القرن التاسع عشر.. وغير هذه الدراسات كثير تناول بعضا من جوانب هذا الموضوع المهم والخطير المرتبط بتحديث مصر وهويتها، وموقف القوى الإمبريالية منها.

والمؤلفات والدراسات السابقة بالرغم من أهميتها، فإنها لم تهتم اهتماما واضحا بدور الإدارة المصرية من خلال التشريعات والقوانين واللوائح وتطبيقها وأثرها على وضع الآثار وعمليات نهبها خلال القرن التاسع عشر.

وفى اعتقادنا أن هذا الكتاب الجديد للدكتور أشرف محمد حسن يتفرد بتقديم دراسة وافية وموثقة عن هذا الموضوع ، تفتقر إليها المؤلفات السابقة، كما أن هذه الدراسة تميزت بالإحاطة والشمول مع تقديم نظرة نقدية لكل ماسبق نشره حول هذا الموضوع. ومؤلف هذه الدراسة نال بأصولها درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى عام 2005، الذى أضاف للمكتبة التاريخية المصرية عملا علميا جادا ورصينا تناول فيه بشكل أساسى موقف الإدارة المصرية من الآثار ومشكلاتها خلال القرن التاسع عشر .

لم يترك المؤلف مصدرا وثائقيا فى الأرشيف القومى المصرى يتعلق بالآثار إلا ونقب فيه واستفاد منه فضلا عن المصادر المخطوطة والمطبوعة والمراجع العربية والأجنبية،والمعربة، إلى جانب كتب الرحالة، كما نبّه إلى أهمية بعض الكتب المطبوعة فى مصر – والمنسية – والتى صدرت فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر وعالجت موضوعات أثرية، مثل مؤلفات أحمد كمال باشا وأحمد نجيب، بالإضافة إلى أدلة المتاحف والدوريات التى صدرت خلال الفترة التى شملتها الدراسة.

وقد بدأ المؤلف دراسته بتمهيد عن موقف الإسلام من الآثار القديمة، كما قدم خلفية عن وضع الآثار قبل القرن التاسع عشر، معالجا مشكلاتها الأساسية الممثلة فى التهريب والتخريب والاستغلال والسرقة وتجارة المومياوات، ثم تناول جهود الاحتلال الفرنسى فى الكشف عن حضارة مصر القديمة وآثارها، وقدم فصلا مهما عن دور الأجانب، من قناصل وسائحين ومغامرين، ورحالة أو مقيمين فى مصر، فى نهب هذه الآثار، وموقف الإدارة المصرية والحكام من هذا الموضوع خلال القرن التاسع عشر.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية