تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
المجلس الوطنى للتعليم بين مفهومين
توجه الدولة نحو إصدار قانون بإنشاء مجلس وطني أعلى للتعليم خطوة محمودة لأسباب عديدة من بينها خلق كيان قادر على وضع تصور كلي موحد لسياسة الدولة التعليمية يشمل جميع أشكال ومراحل ومؤسسات التعليم في الدولة، ويشكل ضمانة لتحقيق الاستقرار النسبي في تلك السياسة، خاصة في ظل انتشار قناعة مجتمعية بأن السياسة التعليمية تتغير بتغير الوزراء، رغم أن ذلك قد لا يعبر عن الواقع في بعض الأحيان.
سبق أن كتبنا عن أهمية إنشاء مثل هذا المجلس. غير أننا تصورناه مجلسًا يتمتع باستقلال نسبي عن الحكومة، مهامه غير تنفيذية ولا تتعارض أو تتنازع مع الوظائف التي تقوم بها الوزارات المعنية. نتفق مع مشروع القانون الذي عرض مؤخرًا في جلسات الحوار الوطني في تبعية المجلس للسيد رئيس الجمهورية، لكننا نُفضل أن يُركز أساسًا على التعليم لأنه الأساس الذي يؤثر لاحقًا على كل من التدريب والبحث العلمي والثقافة. ونُفضل كذلك أن يُشَّكل المجلس من خبراء مستقلين وليس من أعضاء الحكومة وكبار المسئولين التنفيذيين، حتى يقدر بالفعل على صياغة الأهداف والسياسات التعليمية لفترة زمنية معقولة دون التأثر بالأوضاع الحكومية الآنية، وإن كان ذلك يتطلب أن يسبقه دائمًا حوار بناء مع الحكومة والرأي العام. مهمة المجلس هي أن يظل حارسًا على وضع تلك الأهداف والسياسات موضع التطبيق الفعلي، ومراقبًا لتقدم الجهات المعنية في تنفيذها وفق برامج زمنية سبق له إقرارها. على سبيل الإيضاح يُقر المجلس أهدافًا تعليمية عامة مثل تقليل كثافات الفصول، أو زيادة الأنشطة المدرسية واعتماد أساليب التعلم النشط أو تطوير أوضاع المُعلمين من ناحيتي التأهيل والدخل أوضمان دخول عشر جامعات مصرية على الأقل ضمن أفضل خمسمائة جامعة في أهم التصنيفات العالمية في غضون عشر سنوات على الأكثر. الخ. بعدها يعمل المجلس على صياغة الاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق تلك الأهداف، ثم يطالب الجهات والمؤسسات المعنية بتقديم برامجها التنفيذية لتحقيقها في مدى زمني محدد. أتصور أن يُشكل المجلس بقرار من السيد رئيس الجمهورية من تسعة خبراء تستمر عضويتهم مرة واحدة لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد، فيما عدا أول تشكيل حيث نقترح كحكم انتقالي أن تتوزع مدد العضوية ما بين ثلاث وست وتسع سنوات لضمان اتصال السياسات التي يتبناها المجلس دون أن تتعرض لانقطاع حاد بين فترة وأخرى. العدد المحدود نسبيًا للأعضاء يضمن كفاءة وفعالية أكبر في أداء المجلس.
ويكفي أن يتفرغ من بين الأعضاء رئيس المجلس والأمين العام. الأداة الرئيسية للدور الرقابي للمجلس تتمثل في إصدار التقارير الدورية عن مدى التقدم الذي تحرزه الجهات والمؤسسات التعليمية في تحقيق الأهداف والسياسات والبرامج الزمنية التي تم إقرارها. لذا يجب أن يؤكد قانون الإنشاء حق المجلس في الحصول على البيانات ومقابلة المسئولين التعليميين. تلك التقارير تُرفع إلى السيد رئيس الجمهورية والبرلمان والحكومة والرأي العام. وهنا يجدر التنويه إلى أن تأثير التقارير يتوقع أن يكون فعالًا، حسبما ظهر في تجارب دول أخرى، في أمور مهمة مثل حجم التمويل الذي يخصص للمؤسسات التعليمية، وبقاء أو رحيل المسئولين عنها، والسمعة والاحترام الذي تحظى به لدى المواطنين.
مصر لديها تجربة قديمة وثرية في إنشاء مجالس عليا مستقلة عن الهيكل التنفيذي للحكومة مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة. ونحن نعتقد أن التعليم يحتاج ذلك أيضًا، حتى يتحقق الغرض الأساسي من مبادرة السيد الرئيس بالتوجيه بإنشاء مجلس وطني للتعليم.
> وزير التعليم الأسبق
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية