تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د.أبوالمجد الشوربجي > دروس التاريخ لمن يعتبر ويتعلم الدرس

دروس التاريخ لمن يعتبر ويتعلم الدرس

المنافقون المفسدون الخارجون يشعلون وينشرون الفتنة، فيا له من درس قاس من دروس التاريخ وأي عبرة من عبرة وقعة الجمل، ويوم النهروان (موقعة صفين)، المسلم يقتل المسلم، والصديق يقتل الصديق وابناء العم يقتلون أبناء العم، وأهل البصرة يقتلون أهل البصرة، وأهل الكوفة يقتلون أهل الكوفة، وما أكثر أبناء الأعمام الذين قتل بعضهم بعضا، وقد كان أولئك وهؤلاء أبنائهم وإخوانهم وصديقهم وذوي عصبتهم، حرب الإخوان للإخوان، وحرب الصديق للصديق، فتفشى الضعف وانتشرت الفرقة وساد الحزن على فقد الإبن والأخ والصديق (قتل سبعون ألفاً من المسلمين أو ما يزيد)، فكانت الفتنة أي الفتنة، وأخذ سلطان الدولة يضطرب وطمع الروم في الشام وهموا بالغزو فلم يتقهم معاوية بن أبي سفيان إلا بالمال.
 
لا تنتظر عوناً، ولا تأمل في دعم من الواشين الافاقين مذيعي الاضطرابات وناشري القلاقل ، أصحاب المنفعة الخاصة، لأنهم يصدق عليهم قول علي بن أبي طالب حينما قال لأهل البصرة والكوفة: فكلما دعوتكم إلى الجهاد دارت أعينكم في رءوسكم كأنكم من الموت في سكرة وكأن قلوبكم قاسية، فأنتم أسود الشرى عند الدعة، وحين تنادون للبأس ثعالب رواغة، اللهم قد أبغضتهم وأبغضوني، ومللتهم وملوني، وحملوني على غير خلقي وطبيعتي وأخلاق لم تعرف عني، اللهم فأبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً مني، اللهم مث قلوبهم كما يماث الملح في الماء؛ ثم يأتي عبد الرحمن بن ملجم الذي يبدو للناس صاحب صلاة ودين وصاحب قرآن أن يقتنع ويبرر فكرة قتل الإمام علي بن أبي طالب وهو في طريقه لصلاة الفجر.

احذر المنافقين العائبين، فهم أصل المداهنة، يجيدون السير على غناء المنشدين كالحاوي، ويلتوون كما تلتوي الأفاعي، وتلوك ألسنتهم بكل رزيلة، فلا تخشوهم واستخدم معهم الشدة التي لا تعرف هوادة في الحق ولا تأخذها في العدل لومة لائم، ولا تخف منهم فيزيدوا طمعاً على طمع وحرصاً على المال وأخذه بغير حق، ويتورطوا في مزيد من الكبرياء والطمع، ويؤثروا لأنفسهم كل شىء، فهم مدفوعون إلى المطامع، وضعفاء منهزمون أمام المنافع واللذات الرخيصة التي لا تخلو من الإثم، ويتجاوزوا الحدود والطموح إلى مالا ينبغي الطموح إليه، فعندما تكثر النعمة من حولهم يزدادوا طمعاً وكذباً وأشراً وبطراً.

لعنة الله على من يوقد ويشعل نار الفتنة، ويا للحسرة والمرارة حين تشتعل الفتنة بين أبناء العائلة وأبناء الوطن، ينتشر الاضطراب وتعم الفوضى وتنقلب القوة إلى ضعف، فيطمع الأعداء المتآمرين في العدوان على العائلة والوطن، ويخيم الحزن على القلوب وتغشى الكآبة والذل النفوس، وتهان الرجولة والكرامة والشرف.

تباً للمجترئين التواقين للعيب واللوم، ولعنة الله عليكم جميعاً، ما أخطر صنيعكم الخطر، أمثال جلبة ابن عمرو الساعدي حين تطاول على الخليفة عثمان بن عفان وهو يخطب على المنبر، وقال له: ياعثمان انزل نلبسك عباءة ونحملك على شارف من الإبل (او قلوص جرباء) إلى جبل الدخان، وجهجاه بن سعيد الغفاري عندما وثب إلى المنبر وأخذ من عثمان العصا التي كان يخطب عليها، (وهي العصا التي خطب عليها النبي عليه الصلاة والسلام وصاحباه أبوبكر وعمر رضي الله عنهما) فكسرها على ركبته، فثار المسلمون، وظهر الشر،  وتقاتلوا حتى صرع عثمان وسقط مغشيا عليه وحمل إلى داره، فمنعوه من الصلاة في مسجد النبي، وحالوا بينه وبين الماء، فلم يخرج منها إلا مقتولا، وقعت الواقعة، وقتل الإمام غدراً، قتل وهو يقرأ القرآن، وصب على المسلمين بلاء عظيم.

أيها المفسدون الطعانون، أنتم آفة الوطن وعاهته، لا ظفرتم بناع ولا ضجت عليكم بواكي، حث في وجوهكم التراب، قبحكم الله وخذلكم وقبح ماتصنعونه، أصحاب الوجوه الكالحة، بئس ما يخرج من أفواهكم الكريهة، وتضمر به قلوبكم السوداء، وتتكتمه عقولكم الماكرة، ومتأصل في نفوسكم الشريرة من قتل وسفك للدماء، مثل أبو لؤلؤة المجوسي الذي طعن عمر بن الخطاب (الذي يضرب به المثل في الحق والعدل)،  طعنه بخنجر ذو رأسين وهو يصلي الفجر في المسجد النبوي، هذا المجوسي الخائن النذل الذي نجاه المسلمون من الأسر لدي الرومان وأكرموا ضيافته في المدينة.

لا تطع المتآمرين المفسدين ولا تخشاهم، ولا تنصت لهم، يدفعوك لخراب ودمار الوطن بالحرق والهدم والتخريب والإرهاب لأنهم لا يستحون؛ إن من  أمثالهم عبدالله بن سبأ (ابن السوداء)، يهوديا دخل الإسلام نفاقاً ليكيد بالإسلام وأهله، وأحكم كيده إحكاما فأخذ يتنقل بين البلاد والعباد، فنظم جماعات خفية من مصر والكوفة والبصرة تستتر بالكيد وتتداعى فيما بينها إلى الفتنة، دبروا المؤامرة حتى تهيأت لهم الأمور وأحاطوا بدار الخليفة عثمان بن عفان وحاصروه، ثم تسور بعضهم سور الدار، ووثبوا على الخليفة وقتلوه غدراً، قتلوا الخليفة غدرا وهو يقرأ القرآن، وبمقتل الخليفة فتح باباً لفتن أخرى طال أمدها بين المسلمين حتى يومنا هذا.

لا للمنافقين أمثال "عبدالله بن أبي سلول"، الذي قال على العلن قوله الرخيص في موقعة بني المطلق: "والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل" وكان يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما مات ابن سلول، أنزل الله عز وجل هذه الآية: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة:84].

تجنب النمامين المغتابين الواشين ودع أذاهم، يذكرونك في مجالسهم العفنة بكل قبيح،  ويغتابونك بكل وقاحة وقحة، وتلوك السنتهم الكريه بأحوال وأعراض الغادي والرائح، ويخوضون في أعراضهم وشرفهم والسعي بينهم بالفساد للإفساد، ويوشوا بك عند رئيسك وأحبابك لإيقاع العداوة والبغضاء، وايغال صدورهم، والنيل منك، ويفشوا ويفضحوا سرك، عما يكره كشفه وكرهت أن يطلع عليه الناس.

لا تثق في الكذابين أصحاب الزيف ولا تأمنهم، شيمتهم الغدر ونقض العهد والخيانة، وليسوا أهل للثقة، إنهم كمن أسلموا بألسنتهم واحتفظوا بجاهليتهم في قلوبهم وضمائرهم وعقولهم، لأنهم لم يسلموا عن رضا وإنما أسلموا طمعا أو قهرا، وسيرتهم لا تلائم الأمانة ولا التورع، وإنما تلائم الجشع والطمع وحب الاستكثار من المال.

المنافقون السفهاء هم أصل الفتنة ومادتها، يستبيحون لأنفسهم الكيد والمكر، ولا يؤثرون رضا الله، ويقيمون أمور الناس على الرشوة والفساد، ويشترون الطاعة بالمال، فهم بعيدوا الهم، وعظماء في المكر، كلما حزبتهم المشكلات عرفوا كيف يستقبلون ماحزب من الأمر، وكيف يخرجون منها سالمين موفورين كما تخرج الشعرة من العجين.

 لا تعزية للمنافقين المناهضين لمصر، المضاغون في جميع الموائد، المرتزقة السائحون في بلاد الغربة، إنهم (المنافقون) كالأعراب الذين تلسنوا بكلمة الإسلام، لكنهم احتفظوا بجاهليتهم في عقولهم وقلوبهم وضمائرهم، لأنهم صدقوا بألسنتهم ولم يصدقوا قولهم بفعلهم, فقيل لهم: قولوا أسلمنا، لأن الإسلام قول، والإيمان قول وعمل، ونزل فيهم قول الله تعالي: قالت الأعراب آمنا، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا.

ما أقبح النفاق والفتن والوشاية التي تهدم الأوطان، لعنة الله عليكم جميعا وأمثالكم تبت اياديكم وضمائركم وعقولكم، وعشتم الخزي في الدنيا والآخرة، زرعتم الفتنة ونشرتم القتل وسفك الدماء، وساهمتم في نشر الفوضى وهلاك البلاد والعباد. لا تشارك في هدم وطنك وبيتك وعائلتك، بقصد أو غير قصد، لأنك ستسأل يوم الحساب، وذكر نفسك مرارا وتكرارا أن عظائم النار من مستصغر الشرر.

وما أطيب الشجاعة والصدق والأمانة التي تصنع الرجال وتبني البلاد. بلادي وإن جارت علي عزيزة، وأهلي وإن ضنوا علي كرام، حفظ الله مصر وأهلها الكرام وجيشها العظيم وقيادتها السياسية المخلصة لله وللوطن، مثل الرئيس السيسي في ٣٠ يونيو، وفي ٣ يوليه ٢٠١٣ تمتع بالشجاعة والقوة والأمانة والضمير المسئول، مخلصا لله وللوطن، منحازا لمصر وللشعب المصري، عهدنا فيك القوة في غير عنف، واللين في غير ضعف، حفظك الله وجيش مصر العظيم ودامت مصر بخير بقيادة رئيسها عبد الفتاح السيسي. 

لننبذ الفتنة، علينا أن نحقق الهوية، هوية مصرية قوية في غير عنف، قوية في غير ضعف، قوية في الحق ونصرة المظلوم، هوية تزين الفرح والنصر والنجاح في القلوب المخلصة المحبة للخير والعطاء، وتؤثر الرفق والعون والعطف والرحمة والبر والتراحم، لينة القلب ليست قاسية، هوية لاتمس حقا من حقوق المواطنين، محافظة على كرامتهم، تؤثر العدل السياسي والعدل الإجتماعي والمساواة ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، تحافظ على الإيثار وليس الأثرة، مستقيمة غير منحرفة، قنوعة غير طماعة، لا تجور عن القصد والقيم والمبادئ، ولا تتورط كما تورط المستعلون في الظلم والجور، هوية واثقة من نفسها ليست مغرورة، متواضعة ليست متكبرة.

أيها الناس، اتحدوا وتوحدوا وتراحموا واصبروا وصابروا وسددوا وقاربوا لنحيا حياة كريمة، واتقوا الله لعلكم تفلحون، وليحيا أبناؤنا واحفادنا حياة اكرم، ونسعى ما استطعنا نحو التأمين والتعمير وليس التخريب والتدمير، وإلى الصدق والإخلاص وليس الي الكذب والنفاق، عندما نتوحد داخليا ويحترم بعضنا البعض، سيحترمنا العالم طائعا أو مجبرا،  ولن يخطر على باله أبدا أن يهيننا.

خالص الاحترام والتقدير للمحبين المخلصين لله وللوطن، طبتم يا أهل بلدي الطيبين، ودمتم بخير ونفس مطمئنة راضية مرضية.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية