تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

زيارة بطعم السكر... رغم قصر المدة

بلدي الثاني مصر، وشعبها الخلوق الفاضل، كثير من الأقارب يقولون لي "لماذا تحبين مصر بهذه الطريقة؟" ولا يعلمون أن رابط الأخوة الذي بيننا أقوى من رابط الدم، لأنهم لم يزورا مصر قط. لدي أصدقاء دراسة وأستاذة من مصر، تعلمت منهم الكثير، وقبل زيارتي لها لم يكن في مخيلتي أن شعبها بسيط لهذه الدرجة، شعب يحب الخير للجميع، شعب لا فرق بينه والشعب السوداني، إلا الحدود الجغرافية.

وعند زيارتي الأخيرة لمصر ـ في هذا الشهر ـ بعض الزملاء والأصدقاء المقربين قالوا لي: "لا تذهبي"، نسبة لدعوات احتجاجية أطلقوها إخوة مصريين في مواقع التواصل، وحددوا الحادي عشر من نفس الشهر موعدًا لانطلاقها، مع ذلك سافرت إلى دولتي الثانية مصر، حيث التعايش السلمي والترابط والمحبة التي تعم كل أرجاء الدولة، لم أتخوف من شيء لأنني لست في دولة غريبة بل هي دولة مصر السودانية.

الطمأنينة التي أشعر بها وسط الشعب المصر لم أشعر بها من قبل إلا في المدينة المنورة، تفاجأت بتحديثات كثيرة في الطرق والكباري والمؤسسات، وهذا ليس بصعب على الحكومة والشعب المصري، فجميعهم على قلب رجل واحد، وهمهم الأول هو الوطن وهذا ما تفتقده كثير من الدول.

وفي زيارتي الأخيرة لمصر قوبلت ـ أنا وجميع من معي ـ بترحيب كبير من كل مصري، مواطن أو مسؤول، وهذا ما أذهل بعض الذين معي ـ باعتبارها الزيارة الأولى لهم ـ وجدت نفسي؛ وقبل بداية الدورة التدريبية؛ ذهبت ومعي إحدى الأخوات لطبيب مصري، رحب بنا كما لو كنا مصريين، حتى قالت له صديقتي: "الدكاترة المصريين متواضعين أكثر من السودانيين"، ضحك وقال لنا "كل السودانيين على راسنا فوق، إذا ما عندكم قروش بعالجكم". 

إجراءات العلاج لم تأخذ وقتًا طويلًا، خرجنا بعدها للتجول في شوارع القاهرة، وفي أحد الشوارع لاحظت صيدلية مكتوب على لافتتها "يوجد تخفيض للسودانيين فقط" لم نتفاجأ من ذلك لأنها طبيعة الشعب المصري.

أكثر من ٥ مليون سوداني بمصر يشاركون المواطنين كل الخدمات، مع كل ذلك المصريين سعيدين بذلك، الفرص الدراسية في الجامعات التي تتاح للسودانيين أكثر من غيرهم، وعلى الرغم من ذلك فهناك جهات تسعى لخلق توترات في هذه العلاقات الجميلة بين البلدين.

جاء يوم الدورة التدريبية، وذهبنا إلى معهد الأهرام الإقليمي للصحافة، وعند دخولنا الكل كان واقفًا للترحيب بنا، حتى نسينا ما جئنا من أجله، وتفاجأنا بأن ما يعرفونه الأساتذة بمعهد الأهرام عن السودان نحن لا نعرفه، استفدنا كثيرًا من تلك الدورة. 

جاء اليوم الختامي، رغم فرحنا بنيل شهادات من هذه المؤسسة العريقة، إلا أننا كنا حزينين جدًا لفراقنا لها ولأعظم ما فيها من أساتذة.
 ما أعجبني أكثر في الشعب المصري، وجذب انتباهي، هو حبهم لبلدهم، وتمنيت لو أنّ السودانيين يفكرون بهذه الطريقة ويحبون بلدهم كما المصريين.
نتفق أو نختلف، مصر هي خط الدفاع الأول لكل الدول العربية، مصر دولة مؤمنة وآمنة، بحب مواطنيها وقدرة حاكمها، أتمنى أن تظل هكذا للأبد.
لم أدخل مكان في مصر إلا ووجدت ترحيبًا باعتباري سودانية، وهذا ما يجعلني أفتخر دائمًا بانتمائي للشعبين، الأول بالدم والثاني أقوى من الأول.
في زيارتي الأخيرة، لم أذهب لمكان في مصر إلا ووجدت به تحديثات أكثر من المرة الماضية، تحديثات يقابلها رضا وحب شعبها لبلدهم، ولنفسهم، وللأخرين، وأي مؤسسة تشع نورًا ابتداءً من استقبالها وحتى آخر مكتب بها، النور يشع من المؤسسة ومن وجوه العاملين.

 الإنسانية والروح جميلة مستوطنة في كل مصري، كل الكلمات تعجز للحديث عن مصر ومواطنيها، مع ذلك أحاول أن أكتب ما استطعت.
ما أعجبني في أخوتي المصريين أيضًا أنهم يعملون جيدًا على تطوير أنفسهم وتنمية بلدهم، أتمنى لو أن ربع الخبرة المصرية في كل المجالات أن تتوفر في بلدي الأم. الأطباء في الدول الأخرى يهاجرون إلا أن المصريين يعملون في بلدهم وهذا ما شاهدته بأم عيني، ومع كل هذا الخبرة الكبيرة التي يتمتع بها كل مصري، إلا أن مصر لم تترك بابًا من أبواب خبرتها إلا وجعلته مفتوحًا أمام الآخرين، خاصة السودانيين الذين أصبحوا جزء لا يتجزأ من هذا الشعب الأصيل.

إذا مسكنا جانب التعليم، أولًا فأنا أعتقد أن مصر الأولى في أفريقيا والعالم العربي، مصر تمتلك أطباء أكفاء ومخلصين  وخبراء إعلاميين وأساتذة مختصين، تمنيت لو أنني درست الإعلام في مصر منذ البداية، وبعد أن نلت دورتين تدريبيتين، في معهد الأهرام الإقليمي للصحافة، تعلمت الكثير من الخبرات، وما أن عدت إلى بلدي الأم، بدأت بتطبيقها كما تغيرت كثير من المفاهيم التي كانت في عقلي، عرفت معلومات لم تمر عليّ من قبل، وهذا ما قاله كل المشاركين معي في تلك الدورة، مع تمنياتنا باستمرار الدورات التدريبية في كل المؤسسات الإعلامية بمصر.

ومن هنا أتقدم بالتحية والشكر لكل المصريين، فردًا فردًا، وأخص بالشكر أبي وأستاذي سامح عبد الله، ثم أستاذتي الغالية ريهام مازن،
وتحية خاصة جدًا للرئيس والقائد الشجاع عبد الفتاح السيسي، وأقول له ليس سهلًا أن تدير شؤون ١٠٠ مليون نسمة وملايين من دول أخرى، ولكنك قادر على ذلك بمشيئة الله وقوتك وشجاعتك وحبك لوطنك، ليت كل الرؤساء العرب مثلك وفقك الله.
اتمنى من كل سوداني أن يحب بلده مثل المصريين، كما أتمنى التوفيق والتقدم والازدهار لمصر، وأن تصبح علاقتنا أكثر قوة. 
دامت مصر آمنة، وحرة، وجميلة في عين مواطنيها والآخرين.
أحب مصر، كما أحب السودان.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية