تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
مستقبلنا والذكاء الاصطناعى
ماذا لو استيقظت ووجدت نفسك فى غابة الذكاء الاصطناعى، بعد أن تكتمل ملامحه، ويستولى على كل تفاصيل حياتك؟
من الممكن أن تستيقظ فتجد أن فيديو منتشرا عنك بالصوت والصورة يثبت خيانتك، أو أنك عميل لأجهزة خارجية، ثم تستمع لموسيقى يقال لك إنها من تأليف عبدالوهاب أو بليغ حمدى، وكانت مختفية فى الأدراج، وهى مفبركة بالكامل!
قصائد وروايات يكتبها الذكاء الاصطناعى، رسائل دكتوراه، كتب ومراجع بقلم الذكاء الاصطناعى، إدارة مؤسسات وشركات ومستشفيات.. إلخ، ماذا ستفعل؟، وماذا سيكون شكل المستقبل؟، ما هو دورك كإنسان؟، هل ستحتفظ بهويتك؟، هل ستكون لك هوية أصلا؟،
هل ستستطيع مقاومة الوحش الجديد الرابض أمام بيتك، وبين جدرانه، بل الرابض داخلك أنت، أسئلة كثيرة يطرحها هذا المستقبل الغامض، دعنى أخُضْ معك تلك الرحلة،
وأستعرض لك بعض الأمثلة على التغيرات المتوقعة فى ظل تسونامى الذكاء الاصطناعى، بالنسبة للاقتصاد وسوق العمل، ستكون هناك أتمتة واسعة، كثير من الوظائف الروتينية (الكتابية، الإدارية، التحليلية) سيتم إنجازها أسرع وبدقة أكبر بالـ AI، ستظهر وظائف فى مجالات الإشراف على الذكاء الاصطناعى، تصميم الخوارزميات، وأمن البيانات، المهارات الإبداعية، الاستراتيجية، والعاطفية ستصبح ذات قيمة أعلى، بينما تقل أهمية بعض المهارات اليدوية أو الحسابية البسيطة، تعال ننظر إلى التعليم، كل طالب سيحصل على «مدرس رقمى» يفهم أسلوبه فى التعلم ويقدم له المحتوى المناسب، ستنهار كل الحواجز اللغوية، الترجمة الفورية والتفاعل المتعدد اللغات ستجعل أى إنسان قادرًا على التعلم من أى مصدر عالمى، المجتمعات التى تتبنى AI مبكرًا قد تتقدم بسرعة، وتترك المجتمعات المتأخرة وراءها تنقرض بالبطىء!
سألت نفسى بحكم التخصص والاهتمام، ماذا عن الطب؟، هل سنجلس فى البيوت؟، هل المطلوب منا أن نعتزل؟
الذكاء الاصطناعى تشخيصه أسرع وأكثر دقة، تحليل صور الأشعة والفحوصات بالذكاء الاصطناعى سيكتشف الأمراض فى مراحل مبكرة، سيكون هناك طب مخصص لكل فرد، تخطيط وتفصيل العلاج مثل الترزى بناءً على الجينات، وأسلوب الحياة، وسجلات الصحة، ما هى الوظائف الطبية الأكثر عرضة للتغير؟، أول وظيفة طبية متوقعة هى أطباء الأشعة، الـAI أصبح يقرأ صور الأشعة بدقة كبيرة،
لكن سيبقى دورهم فى الحالات المعقدة ومراجعة النتائج، أطباء الباثولوجيا (تحليل الأنسجة)، فالخوارزميات يمكنها اكتشاف وقراءة العينات والسرطان بدقة عالية، لكن سيظل الطبيب يراجع النتائج النهائية، الممارس العام، ستتم الاستشارات تتم عبر روبوتات المحادثة الطبية،
أما الأعراض الجانبية فستكون الاعتماد الزائد على الخوارزميات التى ستجعل الأخطاء التقنية خطيرة إذا لم يُشرف عليها البشر،
ماذا عن الثقافة؟ هل ستكون هناك ضرورة لوزارة الثقافة، وجمعيات الكتاب، ومعارض الكتب؟، هناك كارثة قادمة، أى شخص قد يصبح كاتبًا، رسامًا، أو ملحنًا بمساعدة AI، تكنولوجيا الـ Deepfake ستجعل من السهل فبركة الأخبار والصور والفيديوهات، ستتغير مفاهيم الملكية الفكرية، فمن يملك العمل الإبداعى إذا صنعه AI؟، سؤال عويص، لن نستطيع الإجابة عنه!، ماذا سيفعل الذكاء الاصطناعى للدول الفقيرة؟، إنه سيلتهمها كما تلتهم الضباع الخراف الشاردة،
فمن يمتلك أفضل نماذج الذكاء الاصطناعى سيملك نفوذًا اقتصاديًا وسياسيًا ضخمًا، وبالطبع أصحاب الـ«نو هاو» هم الذين سيسيطرون ويأمرون ويدمرون ويبيدون، من خلال التجسس، الهجمات السيبرانية، والتلاعب بالرأى العام عبر شبكات التواصل، ستختفى الخصوصية، وتذوب الهوية، هناك كتب ومقالات كثيرة تتوقع ما هى الوظائف التى ستختفي؟، والتى لابد من الاطلاع عليها ودراستها، خاصة وأولادنا يخوضون معارك التنسيق، واختيار الكليات، والتعرف على سوق العمل
الدنيا تتغير بإيقاع يتجاوز سرعة الصوت وربما الضوء، ونحن مازلنا «على قديمه»، نقسم الكليات إلى كليات قمة وقاع!
تعالوا نعرف أولادنا ما الذى سيختفى من وظائف وهم يختارون مستقبلهم، بدلا من تخزينهم فى جراجات تعليمية، ما هو مستقبل الوظائف المكتبية والإدارية الروتينية، ستختفى الوظائف المرتبطة بإدخال البيانات (Data Entry)، وسكرتارية وجدولة المواعيد التقليدية، ووظائف خدمة العملاء الأساسية، والمحاسبة البسيطة ومعالجة الفواتير، ومعها مراكز الاتصال (Call Centers)، أما الإعلام فينتظره مستقبل مرعب هو الآخر، ستختفى الترجمة النصية البسيطة (الترجمة الآلية أصبحت دقيقة فى النصوص العامة)، وكتابة التقارير الإخبارية المباشرة (مثل تقارير الطقس والرياضة والاقتصاد اللحظى)، التدقيق اللغوى الآلى للنصوص البسيطة، مونتاج الفيديو البسيط وصناعة الإعلانات، حتى وسائل النقل ستتأثر،
ماذا سيحدث لسائقى سيارات الأجرة والشاحنات فى الدول التى تتبنى المركبات الذاتية القيادة، عمال الدليفرى ، ستكون هناك الطائرات المسيرة والروبوتات الجوالة، هل ستكون هناك ضرورة لعمال تحصيل التذاكر أو رسوم المواقف،
أما الصناعة، وما أدراك ما الصناعة، وماذا سيحدث لها على يد الذكاء الاصطناعى؟!،
ماذا سيحدث فى زمن الروبوتات لعمال خطوط الإنتاج البسيطة فى المصانع، ولوظائف التخزين والمخازن التى تعتمد على الترتيب اليدوى، عمال فحص الجودة البصرى للمنتجات، الذكاء الاصطناعى يمكنه اكتشاف العيوب بدقة أعلى، سيختفى الكاشير التقليدى البشرى مع انتشار الدفع الذاتى وأنظمة الباركود والتعرف على المنتجات تلقائيًا، التسويق عبر المكالمات العشوائية (Telemarketing)، هل سيكون هناك دور للمحامين فى زمن الـAI؟، لن ينجو المحامون من تسونامى الذكاء الاصطناعى، سيتولى عنهم المراجعة القانونية المبدئية للعقود القياسية، وتحليل البيانات الإحصائية البسيطة، وإعداد المستندات الرسمية وفق قوالب ثابتة.
هل نحن مدركون؟، هل تم الاستعداد لتلك المرحلة؟، هل قدمت الدراسات والبدائل؟، زمن ختم النسر وموظف الأرشيف والقوى العاملة تغرب شمسه، فلنستعد لزمن شروق الشمس الجديدة، إما أن تدفئنا أو تحرقنا.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية