تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

المعمل وفن الحب

«معقول الحب دخل المعمل؟!،معقول العلاقة الحميمة تخضع للقياسات والتجارب العلمية والإحصائية؟ !! «، تلك الجمل والعبارات استقبل بها الجمهور والقراء الكتاب الجديد الصادر عن دار المحروسة “كلام العلم فى الحب والجنس” للدكتور سامح مرقس، وهو طبيب مصرى يعمل أستاذاً للأشعة فى شيفلد بالمملكة المتحدة، الإجابة كانت نعم، العلم قد تسلل إلى كل المجالات بما فيها الجنس والحب، الحب لم يعد مشاعر وعواطف وأشعارا وسهر ليال ودموعا وعذابات فقط، إنما صار هورمونات تفرز فى الدم وتؤثر فى موصلات المخ العصبية، دوبامين وسيرتونين وأوكسيتوسين، والعلاقة الحميمة تستطيع بمثبطات معينة ومنشطات خاصة أن تتحكم فيها إيجاباً وسلباً، وصارت هناك أقراص وحقن تتفاعل وتؤثر وتزيد من الفاعلية وتصنع السعادة وتحسن تلك العلاقة، خضع كل شيء للعلم، من هنا كانت أهمية هذا الكتاب الذى سيثرى المكتبة العربية فى هذا المجال، لا حياء فى العلم، ولا خجل فى فهم الحياة بطريقة علمية صحيحة.

 

وقد أعلن أحد أساتذة طب النساء فى ندوة توقيع الكتاب أن 80% من أسباب الطلاق تعود إلى فشل التفاهم فى تلك العلاقة، إذن الكتاب مهم، وإخفاء الرءوس فى الرمال بدعوى العيب والغلط وكفاية الأم تعلم البنت، والأب يعلم الولد، كل من خبراته السابقة، هذه الثقافة الخاطئة حتى الفن رسخها، والسينما والدراما تناولتها بخفة وشوهت معناها، ففى أحد الأفلام على سبيل المثال تم تصدير أن الثقافة الجنسية هى الأفلام الإباحية!! وهذا خطأ فاحش ومنتهى التشويه، الكتاب مبذول فيه جهد كبير وهناك مراجع ومصادر معتبرة فى كل فصل،

البداية كانت عن الحب وهذا له دلالة هائلة، لأن الغرب يطلق على تلك العلاقة الحميمة صناعة الحب وينزع عنها الجزء الميكانيكى الآلى، فالحب ببساطة هو التتويج وليس الرشوة، هو البداية والنهاية، تحدث المؤلف فى فصل مكتوب بلغة أدبية رشيقة عن الفن كيف تعامل مع العلاقة، وعن الحضارات خاصة الحضارة المصرية القديمة وكيف احترمتها وقدرتها وأعلت من مكانة المرأة.

أما عن العلم وكيف كانت رحلته لرصد وتحليل وتحسين فن صناعة الحب، بداية من فرويد وتقرير كينزى، وحتى ماسترز وجونسون، طبيب النساء وعالمة النفسية، وهما أول من أخضع تلك العلاقة للتجارب والدراسات العلمية المنضبطة والطب القائم على الدليل، من حيث علم التشريح والفسيولوجى، فهذان العالمان هما من فتح الطريق لشركات الأدوية لكى تصرف على تجارب الأدوية التى أحدثت تلك الثورة فى علاج الاضطرابات التى تحدث خللاً فى تلك العلاقة وفشلاً فى الحياة الزوجية،
لكن هل العواطف والمشاعر من الممكن أن تخضع للمعمل؟،
هل من الممكن أن تتحول إلى معادلات كيميائية ؟،

بالطبع ليست كل تفاصيل الحب بين الرجل والمرأة هى كيمياء، فالقبول والرغبة والجاذبية..الخ كلها مازالت أسرارا نفسية فى الصندوق الأسود للروح، لكننا لا نستطيع أن نغفل الأسباب العضوية لفشل فن صناعة الحب، والتى تحتاج إلى أدوية، ولابد من فهم المتغيرات المرتبطة بالسن أو بكونك ذكراً أو أنثى، هل تتناول دواء اكتئاب أو مهدئات نفسية أو دواء ضغط؟، هل أنت مريض سكر؟،

كل هذه المتغيرات أنت تحتاج لفهمها لكى تعرف أين هى مشكلتك؟، أهم أجزاء الكتاب هو المتعلق بأكبر مشكلة أثارت جدلاً وهى تدريس تلك الثقافة فى المدارس، وهل هذا عيب وتصرف قبيح أم أنه علم وثقافة وفائدة ورفع وعى وحماية من الأمراض والعدوى؟،

هناك عدة أشياء لابد أن يفهمها الطرف المهاجم لفكرة التدريس والطرف المدافع عن الفكرة،

أولها أنه لا يوجد مدرس معين اسمه مدرس ثقافة فن صناعة الحب الحميمة، ولا يوجد كتاب أبلة نظيرة فى تلك المسألة!!،
فمدرس العربى الذى يدرس أشعار الغزل للطلبة مسئول، والإخصائى الاجتماعى الذى تعرض أمامه المشاكل العاطفية مسئول،
ومدرس العلوم الذى يخاف من حصة تدريس الجهاز التناسلى ويتجنبها مسئول بهذا التهرب عن تشويه تلك الثقافة،
ومدرسة الألعاب التى تمنع البنات من ممارسة الجمباز أو ركوب الدراجات حفاظاً على عفتهن، هى تنقل لهن الجهل والتخلف،

ثانياً كيف يدرس الطالب دخول الحملة الفرنسية إلى مصر ولا يدرس كيف سيدخل هو إلى مرحلة المراهقة وكيف سيستعد لها!! كيف تحفظ الطالبة خريطة أستراليا ولا تحفظ خريطة جسدها!!؟،

ثالثاً تدريس تلك الثقافة سيحمى الطلاب من الأمراض التناسلية والحمل المبكر ومخاطر العلاقات المسمومة، العرب قديماً كانوا يناقشون تلك العلاقة بكل حرية، بل ألفوا فيها كتباً تتحدث عن أدق التفاصيل وبكل صراحة وبدون خجل وادعاء مزيف، والأهم أن معظمهم كانوا شيوخاً وفقهاء!!

كتاب د سامح مرقس كانت المكتبة العربية متعطشة إليه، وهو كان جريئاً فى التصدى لعرض تلك القضية التى ستعرضه للقيل والقال والهجوم المبتذل السفيه، لذلك له كل التحية على هذا الجهد، وهذا التحريك للمياه الراكدة، لكن لابد أن يكون هناك بعض الإضافات والتوضيحات فى الطبعة الثانية باذن الله.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية