تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الاستراتيجية الأمريكية الجديدة - القديمة
قد تبدو السياسة الخارجية الأمريكية متناقضة ومتسارعة في بعض الأحيان، ولكن تدريجيا يتضح من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتحركات السياسية الأمريكية معالم الاستراتيجية الجديدة، وهي إعادة تقسيم النفوذ بين الولايات المتحدة وروسيا من خلال تقارب واشنطن مع موسكو لحل القضايا المعلقة، ومحاولة فصل الصين عن روسيا.
كانت هذه استراتيجية الولايات المتحدة في السبعينات، حين حاول هنري كيسنجر فصل الصين عن حلفائها في فيتنام، وإنهاء الحرب في تلك الفترة وتطوير علاقاتها بالصين. وحصار الاتحاد السوفييتي. وقتها كانت الاستراتيجية الأمريكية تسير في نفس الخطوط العريضة، لكن هذه المرة يحدث تقارب روسي أمريكي على حساب الحلفاء التقليديين لأمريكا في أوروبا.
أول نتائج هذا التقارب بالطبع هو إيجاد تسوية في أوكرانيا. ويعتبر قرار مجلس الأمن الأخير بضرورة إنهاء الحرب الذي وافقت عليه الصين وروسيا وثمانية دول بالإضافة إلى أمريكا وروسيا بداية لهذا التقارب.
قد تبدو أوكرانيا هي الضحية الأولى في هذا التقارب الروسي الأمريكي. لكن في الواقع فإن أوروبا كلها هي الضحية لهذا التقارب.
فأوروبا تبدو وحيدة في مواجهة روسيا، وهو ما دفع الرئيس الفرنسي للدعوة إلى بناء قوة دفاع أوروبية مشتركة. وأشار إلى أن أوروبا لديها أوراق تفاوضية جيدة مع أمريكا، إذ لا يمكن للولايات المتحدة أن تشن حربين تجاريتين ضد الصين وأوروبا في نفس الوقت.
وهنا تبرز أهمية إيجاد مساحة للتفاهم الروسي الأمريكي في القضايا الإقليمية الأخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا. لقد تحرك ترامب لاختيار المملكة العربية السعودية كمكان للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
مما يعني أنه يريد أن يكون هناك أيضا تفاهما أميركيا روسيا على الخطوط العريضة مما يحدث في صراعات منطقة الشرق الأوسط.
وهو ما يمكن ان يقود إلى تفاهم غير معلن بالنسبة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وللتعامل مع ملف إيران ومستقبل سوريا واليمن وليبيا. هذا ما سيتضح في الأسابيع أو الشهور القادمة. فالتقارب الروسي الأمريكي لا بد أن يكون له أثارًا بعيدة المدى على النظام الدولي بشكل عام وعلى الأوضاع الإقليمية في الشرق الأوسط بشكل خاص.
لقد كان لقاء الرئيس الفرنسي ماكرون وترامب نموذجا للتحرك الجديد للاستراتيجية الأمريكية.
ترامب يرى أن أوروبا لم تساند أوكرانيا ماليا. بينما يصمم ماكرون على أن أوروبا قد دفعت، ولكنه يذكره بأن أوروبا تتحرك في اطار القانون الدولي وتترك الأموال المجمدة الروسية وفقا للقانون والتمسك بالسيادة الإقليمية لأوكرانيا، في حين أن استراتيجية ترامب هو أن يتنازل لروسيا عن مناطق في أوكرانيا ولا يضغط مع روسيا في استعادة أموالها المجمدة.
إن الثمن الذي يتوقعه ترامب من روسيا أن تعود لتقاسم النفوذ مع الولايات المتحدة وتبتعد قليلا عن الصين، فهو يريد ان يتعامل مع بوتين على أنه المنافس الأول وليس الصين في المجالات الاستراتيجية. وبالتالي فان روسيا قد تغير مواقفها بالنسبة لإيران ومن تحركاتها في منطقة الشرق الأوسط عمومًا. وقد تبين هذا في مشروع القرارات التي وافق عليها مجلس الأمن بالنسبة لإنهاء الحرب في غزة وكذلك بالنسبة للوضع في سوريا.
هذه التحولات الاستراتيجية سيكون لها آثار بعيدة المدى على منطقة الشرق الأوسط. والمهم أن نتابع بدقة هذه التحولات التدريجية في السياسة الروسية واستجاباتها للاستراتيجية الأمريكية الجديدة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية