تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

وجعلت لى الأرض مسجدا

احتراز وجوبي، هذه السطور ليست مناهضة لبناء المساجد، حاشا لله، لم نكن يوما ممن يمنعون مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، أو سعينا يوما فى خرابها، والعياذ بالله.. إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر.. تقدير وزارة الأوقاف، عدد مساجد المحروسة نحو 160 ألف مسجد، منها تقريبًا 38 ألفًا و500 زاوية.. والسؤال، كم عدد الأئمة؟.

حدث ولا حرج، نقص فادح يقدر بنحو 60 ألف إمام، مستوجب ملء المنابر الفارغة خشية اختطافها. قاعدة الشيء لزوم الشيء، الإمام لزوم المسجد، من اللزوميات، مسجد بلا إمام كالبيت بلا حارس، من يسكنه يملك أهله، ومن يملك أهله يمتطى عقولهم بليّ عنق النصوص لما يريد، ويغادر مربع الخطبة الموحدة، ولا يأبه بتعليمات الوزارة، ويتفلت بعضهم من فوق المنبر ويجهر بالعداء للدولة الوطنية.. بل ويستنكف الاحتفال بيوم مولده، مولد الحبيب صلى الله عليه وسلم . هذا بعض خشيتنا وهواجسنا المترتبة على الفجوة الرقمية بين عدد المساجد، وعدد الأئمة والدعاة والخطباء.

لم نتحدث بعد عن الزوايا المسجدية، وتلك قضية أخرى ربما أكثر خطورة، سيما وأن المساجد تستقطب اهتمام الوزارة بالضرورة، وتنفق على عمارتها المليارات ونحن فى أمس الحاجة إلى مدارس ومستشفيات، واللى يحتاجه البيت يحرم على الجامع.

ما يعنينا، استمرارية إقامة المساجد وافتتاحها بالعشرات أسبوعيا دون توفير أئمة مؤهلين، وإذا تساءلت عن مدى حاجتنا إلى مساجد جديدة فى ظل النقص الحاد والفادح فى عدد الأئمة، يقولون إلا بيوت الله، وبيوت الله يعمرها أهل الخير، ولا تكلف شيئا، تقام بالجهود الذاتية وفق الموافقات الوزارية، والاشتراطات البنائية. وماذا عن الأئمة، تلك قضية أخري، وبين ظهرانينا من يجيد امتطاء المنابر، وخطاب العامة فى الطرقات، دون تأهيل علمى أو شرعي، ويتجرأ على المنبر، ويجهر بسوء القول، ويغمز فى جنب الدولة والحكومة، ويفتن الناس فى الأسواق. أخشى المنابر الخاوية، مثل «كعب أخيل»، تتسلل منها السهام النافذة إلى قلب الوطن، الجماعة الإخوانية الإرهابية تعتمد فى بنائها الأساسى على المساجد، واحتلال المساجد هدف رئيس. النقص الفادح فى عدد الأئمة الرسميين يغرى الذى فى قلبه مرض، الفرصة سانحة لامتطاء المنابر من قبل منسوبى هذه الجماعة وشقيقاتها من الجماعات السلفية والجهادية. فرصة سنحت لتمدد الجماعة والجماعات الشقيقة والانتشار، والخروج من (الكمون القسري) إلى المنهاج الحركي، ولسان الحال، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.

أخشى خشية مشروعة، عادت حليمة اللئيمة لعادتها القديمة، لاقت استمرارية إقامة المساجد (ولو بالجهود الذاتية) دون غطاء كاف من الأئمة المؤهلين دعويا. مستوجب، قبل الموافقة على إقامة المسجد، شرط تجهيز وتأهيل الإمام، والمؤذن والعمالة المطلوبة، عندما تعانى وزارة الأوقاف نقصا فادحا فى الأئمة وتحاول سد بعض النقص بمسابقات سنوية، وتفتح مساجد جديدة، وكأنها تهديها للإخوان كاملة مكملة، وتشطيبا على المفتاح وفرشا وتكييفا.

أخشي، وكأنها تسهم فى المجهود الدعوى للجماعة الإرهابية، تهديهم مراكز جاهزة لنشر الفكر الإخوانى مع خالص الشكر. صحوة الجماعة الإرهابية أخشى من فوق المنابر فى المساجد المكيفة، الجماعة تستيقظ من سبات، تتخارج من كهوفها، تودع شتاءها، وتتشوق لتعويض ما فاتها. الجماعة (الفتنة) نائمة، كامنة لعن الله من أيقظها من سباتها الشتوي، معلوم البَيَات الشتوي، نقيض السبات الصيفى عند بعض الكائنات الحية، ومثلها بعض الجماعات الإرهابية. مصطلح البيات الشتوى المذكور أعلاه، يعبر عن كيفية قضاء فصل الشتاء أو الانتظار حتى مرور هذا الفصل من العام، حيث تتميز هذه الفترة بالبرودة الشديدة قد تصل درجة الحرارة إلى مادون الصفر، مع نقص فى الزاد الضرورى للحياة، فى مثل هذه الظروف، يصبح البقاء على قيد الحياة هدفا، ما يقعدها عن نشاطها الطبيعي، تدخر قواها الذاتية ليوم قريب آت، لليوم التالي. لفتنى الموقر الدكتور «محمد مختار جمعة» وزير الأوقاف السابق فى تعقيبه على مقال الأربعاء الماضى (مخاتلة نهاية الإخوان) إلى نزوع الجماعة الإرهابية إلى الكمون القسري، وهذا لن يستمر طويلا، والزعم بموتهم وتصديق هذا الزعم من قبل البعض سيما النخب، وترويجه مجتمعيا، يمثل خطورة بالغة على الأمن القومي. يقرر الدكتور جمعة أن الجماعة الإرهابية تستجمع حاليا قواها الحية مجتمعيا، وتتساند، وتعيد إحياء لحمتها، زيجات، ومصاهرات، وعلاقات عمل، وتتجمع فى حلقات مغلقة، تتمايز مجددا، استعدادا لمرحلة مابعد الكمون القسري.

ودليلنا، قبل السابع من أكتوبر، كان منحنى الجماعة الارهابية هابطا، وحسب «مركز تريندز» للبحوث والاستشارات (دبي) حدث انخفاض كبير فى مؤشر القوة العالمية لجماعة الإخوان، حيث انخفض تأثير الجماعة من 64 بالمائة فى عام 2021، إلى 49.3 بالمائة فى عام 2022، وإلى 48 بالمائة فى عام 2023.

أحداث 7 أكتوبر فى غزة كانت مثل (قبلة الحياة) لإخوان الشيطان، عادت الجماعة سيرتها الأولي، وعمدت لإعادة إحياء خطابها العنيف، وتعزيز عمليات التجنيد، والمساجد حقول التجنيد المفتوحة. التنظيم الدولى لإخوان صهيون حاول ويحاول الاستفادة من الحدث، فرفع مستوى الخطاب الأيديولوجي، وزعقت به منابرها ومنصاتها فى المنفى التى عمدت إلى استهداف مصر إعلاميا، والأردن إرهابيا، دولتى خط التماس مع جيش الاحتلال، بغرض خلخلة قواهما فى المواجهة المحتملة فى تنسيق مريب مع استخبارات دولة الاحتلال.

ما يعنينا وطنيا، تجفيف منابع الإرهاب الديني، ورفع منسوب الوعى الوطني، ومعركة الوعى ساحتها المساجد، وإذا ظلت آلاف المنابر هكذا خاوية، أخشى سيركبها الإخوان كما ركبوها أول مرة، وهذا جد خطير وجرس إنذار قبل أن نندم على ما فات.

وفى الأخير، أئمة بلا مساجد أعظم عند الله من مساجد بلا أئمة، وفى الحديث الصحيح: «وجعلت لى الأرض مسجدا».

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية