الإشاعة (الشائعة) خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر فى المجتمع بشكل سريع وتتكاثر سرطانيا، وتُتداول كالأطعمة الفاسدة فى أفواه العامة ظنا منهم فى صحتها. ما يميز هذه الأخبار الكاذبة، أنها دائما ما تكون شيقة ومثيرة لفضول المجتمع والباحثين عن المعلومات، وتفتقر الإشاعات (الشائعات) عادةً إلى المصدر الموثوق الذى يمتن صحتها. الشائعات المصنعة فى أقلية مسحورة باتت الغذاء اليومى الذى يلقى من مسيرات تجول فى الفضاء الإلكترونى لتتغذى عليه ماكينات إنتاج الفضلات الإخبارية الأرضية، وتتلقفه الكتائب الإلكترونية، لتشيره بين العامة، فيصير أخبارا ملونة تعجب الغافلين، فلا يسألون عن مصدرها، ما يشيع فتنا مجتمعية، تضرب فى أساسات استقرار المجتمع.

قسم كبير من المعلومات الكاذبة التى نتعاطها إلكترونيا، تكتسب مصداقية بالانتقال السريع، سبعون فى المائة من الشائعة محض إضافات من المتلقين، فتصير حينئذ حقيقة ولا تعرف لها أصلا ولا مصدرا.

ما نسميه «الرسكلة»، مصطلح توليد من recycle بمعنى إعادة تدوير المخلفات، هكذا وصفنا السابق للشائعات الإخوانية، ولايزال صالحا للاستخدام فى سياق معركة المعلومات التى هى جوهر الحرب على استقرار المجتمعات. «الرسكلة» صناعة المنصات الإلكترونية الإخوانية، يعيدون تدوير المخلفات المعلوماتية، بين الناس الطيبة وتلقى رواجا، الإخوان تخصص تدوير فضلات. الرسكلة صناعة إخوانية رائجة، يقتاتون على المخلفات، ينبشون صناديق القمامة المعلوماتية، يجمعونها صلبة وسائِلة، ويصدرونها لتدويرها على فضائياتهم، وتحويلها إلى سموم مصنعة كما اللحوم المصنعة توجع البطون، وتسمم الأبدان، تستوجب غسيلا معويا من فرط السمية. ما نعانيه ونعانى منه خطر الشائعات على الوعى الجمعي، تشتته ذهنيا وتبلبل أفكاره، وفى معركة الوعى تستخدم أسلحة محرمة مجتمعيا.

إنهم يحرفون الوعى الجمعى عن مساره الوطني، بجملة قضايا موهومة تهبط إذ فجأة على الدماغ المصرى فتصيبه بالصداع فيطير صوابه وتنحرف بوصلته. لماذا تشيع الشائعة وتكتسب مصداقية وهى كاذبة، ولماذا مواجهة الشائعات تبدو غير ناجزة، ورغم تعدد المنصات الإعلامية والصحفية الوطنية، أخشى ألا تصد الشائعات المسيرة فى الفضاء الوطني! لماذا نحن متأخرون بخطوة معلوماتيا، وغيرها من الأسئلة المسنونة التى تنقر الدماغ الجمعى فى محاولة استنهاض الهمة الفكرية. حماية الوعى الجمعى من قصف المسيرات الإلكترونية، من الأولويات الوطنية، ومستوجب أن تحتل أولوية فى أجندة حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، ولا ينقصها الخبراء الثقات فى مواجهة الشائعات.

كل بناء تبنيه الحكومة تقصفه المسيرات الإلكترونية، وكل موقف للقيادة المصرية تحت القصف المفرط، وكل منجز يحيلونه رمادا، وكل نور يطفئونه بأفواههم!! قصف الانتخابات النيابية نموذج ومثال، اسثخنوها بالشائعات والأخبار المكذوبة، ما شكك فى صلاحيتها وطالبوا بإلغائها لإحداث فراغ تشريعى لا تحتمله البلاد.

القبة الحديدية نظام دفاع جوى بالصواريخ ذات قواعد متحركة، والهدف منه هو اعتراض المسيرات، والصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية، مطلوب قبة معلوماتية حديدية، تحمى الفضاء الوطنى من القصف، معلوم فى حرب الشائعات لا يئد الشائعات سوى المعلومات الصحيحة على وقتها، القبة المعلوماتية الوطنية للأسف ليست فى وضعية تؤهلها لصد الهجمات السبرانية.

أن تأتى متأخرا، نفرة حكومة مدبولى لمعالجة هذا الملف عاجلا يحمد لها، الشائعات من مهددات الأمن القومي، ومراكز التفكير فى غيبوبة، ومصادر المعلومات غائبة عن معركة الوعي، والبيانات الرسمية الروتينية لا تقدم جديدا وتخلو من الاحترافية، وجبة معلوماتية فقيرة الدسم، (نيئة) لم تنضج بعد لمواجهة شائعات تطلقها منصات احترافية تخصصت فى اختراق العقل الجمعي.

ارتهان المنصات الوطنية بما تمليه عليها البيانات الرسمية، يعجزها عن الفاعلية فى معركة تستخدم فيها أسلحة قذرة، صحافة البيانات الرسمية لن تذهب بنا بعيدا، المعلومات هى السلاح الذى نملكه ولا نستخدمه، وشح المعلومات يعجز الإعلام الوطنى عن إدراك مهامه الوطنية فى الدفاع عن مقدرات الدولة الوطنية.

أخشى أن نعمه فى ظلام دامس، المعلومات الصحيحة وعلى وقتها سلاح نافذ فى معركة الوعي، أخشى أن نخسر معركة الوعى مجانا، تنوير الرأى العام بما هو حادث ويحدث، وإطلاق قدرات الإعلام الوطنى وتحريره من ربقة الرقابة الظنية تلك التى أعجزت الإعلام الوطنى عن موجبات المبادرة فى المواجهة المستوجبة. لا أبالغ ولا أزايد على المتصدين فى معركة الوعي، يجتهدون فى حدود المتاح من معلومات وامكانات، ولكن خطر الشائعات يحتاج إلى (خلية تفكير وطنية) تتقفى الشائعات على مدار الساعة من مصادرها، وتجهز عليها فى مهدها، وتمد المجتمع بالمعلومات الصحيحة على وقتها. تفعيل مراكز التفكير والأبحاث والدراسات، مهمة وطنية، رأس الوطن عارٍ من قبة حديدية تحميه من قصف المسيرات، وتحديد مسارات المسيرات، وأهدافها، ومصادرها ضرورة لإجهاضها مبكرا.

شح المعلومات مثل شح المياه لا تروى عطشا، العطشى للمعلومات يشربون من آنية مسمومة، ملح اجاج، زيادة ملوحة المياه تفسدها، ومنسوب المعلومات المالحة ( الفاسدة) مرتفع فى الأوساط الشعبية التى تتعاطى الشائعات باعتبارها حقائق، ويتداولونها سرا وعلانية، ويزيدون عليها ويمدونها بترهات، فتصير كما يقولون (الحبة قبة) تحجب الحقيقة.