تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الأطباء المستشيخون «2»
النعجة دوللى (5 يوليو 1996 - 14 فبراير 2003) هى أول حيوان ثديى يتم استنساخه بنجاح من خلية جسمية (يتم استنساخه من خلايا حيوان آخر بالغ). تم استنساخها فى معهد «روزلين» فى جامعة (إدنبرة) فى اسكتلندا بالمملكة المتحدة. (من موسوعة ويكيبيديا) مع انفجار خبر استنساخ «النعجة دوللى»، توجهت من فورى إلى مولانا طيب الذكر الدكتور «محمد سيد طنطاوي» شيخ الأزهر، لأستفتيه فى شأنها، شأن الاستنساخ وحكمه الشرعى فى سياق الضوابط الأخلاقية. فأمهلنى مولانا العالم هنيهة، وطلب على الهاتف حضور طيب الذكر الدكتور «إبراهيم بدران»، وكان عضوا وقتئذ فى «مجمع البحوث الإسلامية» بالأزهر الشريف. وما إن استقر بالدكتور «بدران» المقام فى حضرة مولانا، حتى ابتدرته شيخنا الجليل بسؤال الاستنساخ، فأفاض واستفاض من علمه الغزير، ومولانا «منصتا»، وما إن انتهى الدكتور بدران، قالها مولانا حكمة بليغة من سورة (النحل) «..فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» (43).
هكذا جبل العلماء على سؤال أهل الذكر، والأطباء أهل ذكر فى تخصصهم (الطبى).. هكذا تعلمنا على شيوخنا الأجلاء، لله دره، لم يجترئ مولانا الشيخ طنطاوى على الفتيا بغير علم، وسأل أهل الذكر. عكسا، لفتنى اجتراء نفر من الأطباء على الفتيا بغير علم دينى، ولا يسألون أهل الذكر، كما يفعل الراسخون فى العلم، بل يجترئون دينيا دون سند ولا دليل دينى أو طبى، فى خلط وتخليط كما أسلفنا فى مقالنا السابق «الأطباء المستشيخون». لفت المقال مولانا مفتى الجمهورية السابق الدكتور «شوقى علام» وعلق هاتفيا بقوله، ليت كل عالم يلزم حدود علمه، ويخلص فى تخصصه، نحن نحتاج الطبيب كونه طبيبا، والمهندس كونه مهندسا، والصانع كونه صانعا، والحرفى والمهنى، والفتوى لها أصولها كونها صنعة المفتى وحرفته، ولا يجاوز المفتى حدود مهنته، ويداوم على سؤال أهل الذكر ليتيقن، وليمتن فتواه حتى لا تجاوز فتواه معلوما بالضرورة.
ينفى مولانا الخصومة الذائعة بين الدين والعلم، يراهما متلازمين، متكاملين، ولكنه يستنكف استخدام الدين فى غير محله، وخلط الطبى بالدينى ما يخلف مضار مؤكدة. يقدم مولانا قاعدة إسلامية مؤكدة: «درء المفاسد أولى من جلب المصالح»، والمراد بدرء المفاسد دفعها ورفعها وإزالتها، فإذا تعارضت مفسدة ومصلحة، فدفع المفسدة مقدم فى الغالب، إلا أن تكون المفسدة مغلوبة، وذلك لأن اعتناء الشرع بترك المنهيات أشد من اعتنائه بفعل المأمورات، لما يترتب على المناهى من الضرر المنافى لحكمة الشارع فى النهى.
يخشى الدكتور علام من الخلط والتخليط بين ماهو طبى ودينى، ويخشى خلط الأدوار كأن ينسب الطبيب عبادة إلى عيادة، أو ينصح بالعبادة بديلا عن الدواء، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، قال: «تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ..». مولانا يقولها صريحة، عمارة الأرض تتطلب الطبيب، والمهندس، والمقاول، فى تخصصاتهم، أولى وأنفع للناس، والخلط يحمل مفسدة وضررا بليغا، وما يخص الصحة والدواء محله المؤسسة العلاجية، وما يخص الشرع محله المؤسسة الدينية، كل فى تخصصه.
ما يخشاه الدكتور علام خلط الأدوار ما يخلف مفاسد، ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح حتى لو قال بها طبيب خرج عن تخصصه فتيا فيما لا يعلم، وقد يصيب قوما بجهالة، فتصبحون على ما فعلوا نادمين.. درء المفاسد أولى من جلب المصالح، ينسحب تلقائيا فى تقديرنا على قضية «تعريب العلوم الطبية»، وحسنا فعل الدكتور «سلامة داود» رئيس جامعة الأزهر، بإخضاع الأمر للمراجعة توقيا لمفسدة علمية طبية متيقنة تحدث بها أطباء ثقات محذرين من خطورة تعريب العلوم الطبية فى المؤسسة الأزهرية على مستقبل مدرسة الطب المصرية عالميا. الطب لغة عالمية لا سبيل لتعريبه، والتجارب المثيلة فشلت فى الجوار العربى فشلا ذريعا، ونصيحة للدكتور المبجل «سلامة داود»، واشتقاقا من الآية القرآنية «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»، فأسألوا الأطباء الثقات قيل أن تدخلوا بالعلوم الطبية مدخلا تعريبيا ضيقا، اسألوا نوابغ الأطباء (أهل الذكر) بين ظهرانينا قبل الولوج إلى مفسدة التعريب. وكما استن طيب الذكر الدكتور طنطاوى رحمه الله، السؤال فيما غم عليه بشأن الاستنساخ، وراجع العلامة الدكتور بدران رحمه الله، سأل فضيلته أهل الذكر قبل أن يفكر أحدهم فى تعريب الطب بزمان!.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية