تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > جمال عبد الصمد > السقوط في بئر اللا إنسانية!

السقوط في بئر اللا إنسانية!

فضّل الله تعالى البشر على سائر المخلوقات بقدرات عقلية وإيمانية وعلمية وإنسانية كنوع من التكريم للإنسان، وعلى الرغم من أن كل البشر من بني آدم إلا أن ليس كل بني آدم يحملون بداخلهم القيم "الإنسانية" والالتزامات الأخلاقية التي تصل بنا إلى أعلى وأرقى مستويات التعامل الإنساني. 

 

"الإنسانية" تعد أساس الحياة، بما تتضمنه من أخلاقيات ومبادئ سامية نشأ الإنسان عليها، ومن المفترض أنها الدستور الذي يطبق في الحياة الطبيعية بين البشر، وكل من خالفه يكون خالف المعنى الحقيقي للطبيعة البشرية، ولكن الآن بدأت "الإنسانية" تختفي تدريجيا في عصرنا هذا، خاصة عندما اعتمد الإنسان على الآلة في أغلب تعاملاته سواء كانت صغيرة أو كبيرة، ما أثر بشكل مباشر على الفطرة البشرية التي خلقنا الله عليها وميزنا بها عن باقي المخلوقات.

"التكنولوجيا" كلمة ذات أصل يوناني، تنقسم إلى جزءين الأول "تكنو" ومعناها تقني أو فني والجزء الثاني "لوجيا" ومعناها علم والكلمة مدمجة تعكس مفهوم التقدم والحداثة العلمية التي نعيشها الآن، وللأسف أصبحت "التكنولوجيا" هي التي تقوم بالكثير من الأعمال المعتادة التي كان المنوط بتأديتها الأيدي العاملة البشرية، الأمر الذي ساهم في تبادل الأدوار حيث إن "التكنولوجيا" التي ابتكرها وصممها الإنسان وكان هو المتحكم بها، الآن وبعد التطور السريع والثورة التكنولوجية أصبح الإنسان هو من تحركه وتتحكم به "التكنولوجيا".

مما لا يدع مجالا للشك أن "التكنولوجيا" لها آثارها الإيجابية في مجتمعنا بشكل خاص والعالم بشكل عام، حيث استطاعت التكنولوجيا تسخير العلم والمعرفة وتوظيفهما في كافة المجالات المختلفة من أجل خدمة المجتمع، ما أدى إلى حدوث طفرة وثورة تقنية ونقلة نوعية على كافة الأصعدة علمية وعملية. كما أنها جعلت العالم بمثابة قرية صغيرة، وسهلت مجالات التواصل، كما ساعدت على نشر المعرفة بسهولة ويسر، كما ساهمت في إنجاز الكثير من الأعمال وفي وقت قصير وبأقل مجهود وتكلفة.كما أصبح للثورة التكنولوجية تأثير مباشر وغير مباشر على انسانيتنا خاصة وحياتنا عامة.

ورغم الدور الإيجابي الذي تلعبه "التكنولوجيا" في حياتنا، إلا أن لها سلبياتها الكثيرة التي تختلف على حسب نوع التكنولوجيا المطبقة وكيفية استخدامها، وعلى رأس هذه السلبيات الاستخدام المفرط والسيئ للتكنولوجيا والإنترنت، الأمر الذي أدى إلى إصابتنا بالكسل الذهني، وإذا أمعنا النظر في قضية تأثير الثورة التكنولوجية نجد أنها تسعى إلى تغيير الهوية البشرية من خلال طمس القيم الإنسانية ومحاولاتها لإصاباتنا بتبلد المشاعر وجمود الأفكار، الأمر الذي لا يتناسب مع المبادئ السامية للطبيعة البشرية التي نشأ عليها الإنسان. وهنا علينا أن نتوقف قليلا ونتأمل أمور حياتنا. ونقوم بمراجعة ما قد وصلنا إليه، كما يجب علينا أن نرفض أن يتم تدمير انسانيتنا أو أن نكون قطعة من الشطرنج تحركها التكنولوجيا كما تشاء دون أن يكون لنا أي رد فعل إيجابي يتمثل في رفض الخنوع للآلة ويأبى أن نتحول إلى شخصية مستسلمة لهذا الاستعمار التكنولوجي، وحتى لا يتخلل علاقتنا بالآخرين حالة من "اللامبالاة" ما يفقدنا الشعور بكل من هم حولنا ويحيطون بنا.

أخيرا وليس آخرا أتمنى أن يستفيد مستخدمو التكنولوجيا من الجانب الإيجابي لها، وألا ننساق خلف التأثير السلبي حتى لا نتعرض للسقوط في بئر اللاإنسانية.

كما أود أن أوؤكد بعض الأمور التي منها أن:

- التكنولوجيا سلاح ذو حدين بيدك أن تختار الأصح.

- الإفراط في أي أمر يؤذي صاحبه.

- الحفاظ على القيم والأخلاق والمبادئ بمثابة إعلاء الإنسانية.

- الإنسانية أساس الحياة.

- لا تجعل التكنولوجيا تفسد الفطرة البشرية.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية