تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > جلال عارف > فى رحاب أكتوبر العظيم تعلمنا الدرس ولم يتعلم العدو

فى رحاب أكتوبر العظيم تعلمنا الدرس ولم يتعلم العدو

.. ويظل أكتوبر العظيم «بعد أكثر من نصف قرن» هو النصر الملهم الذى لا ينبغى أن تغيب أبدًا دروسه الرائعة عن وطن يعرف كيف يقهر أعتى التحديات، وعن شعب هو الذى علَّم الدنيا كيف يصنع الحضارة وكيف يدافع عنها، وعن جيش كان على الدوام عنوانًا لوحدة وطنية صمدت لكل المؤامرات ومثالًا للتفوق العسكرى الذى ما زال يتم تدريسه فى أرقى الأكاديميات العسكرية العالمية حتى اليوم.

كان الصمود العبقرى فى ٩ و١٠ يونيو هو أول رد على الهزيمة، وكان إعلانًا صريحًا بأننا تلقينا ضربة هائلة لكننا لم ولن ننكسر. ومن اليوم التالى كنا نعيد البناء ونستعد للثأر. وبعد أيام كانت معركة رأس العش ثم جاءت ضربة إغراق المدمرة «إيلات» أمام شواطئ بورسعيد، ليدرك العدو أن مصر ستظل هى القلعة الصامدة أمام الأوهام الصهيونية ولو طال الطريق وتعددت التضحيات.
 

ما زلت أذكر مشاعر الأسى حين علمت لأول مرة «خلال اجتماع سياسى محدود»، أن أمامنا ثلاث سنوات لنستكمل عملية إعادة بناء قوتنا العسكرية. كان الكل يريد الثأر فى أسرع وقت، وكنا ندرك قسوة الانتظار، لكننا كنا أيضًا نثق فى النصر القادم الذى يستحق كل التضحيات، وكنا نواكب كيف لم تهدأ المدافع مع حرب الاستنزاف العظيمة التى خاضها جنودنا وهم يسددون الضربات للعدو الذى كان يحاول «بكل الطرق» أن يمنع استكمال جيشنا لاستعداده ليوم العبور. كانت سنوات صعبة على الجميع، لكن الإنجاز كان رائعًا، وصمود الشعب كان مثاليًا، وقتال جنودنا جعل من حرب الاستنزاف طريقنا إلى أكتوبر العظيم.

أنجزنا المهمة، واستعد جيشنا للعبور، لكن رحيل عبدالناصر وما تلاه من أحداث أجَّل يوم الثأر. كانت هذه السنوات هى الأصعب داخليًا وخارجيًا. ومع ذلك تحمل الشعب كل الظروف، واستطاع جيشنا العظيم أن يواكب ما كان ينهال على العدو من أحدث الأسلحة، وأن يستكمل كل أدوات العبور، وأن يبتكر بـ«العلم» كل الحلول لهدم خط بارليف ولإبطال أنابيب النابالم، وأن يكون جاهزًا فى ٦ أكتوبر ليحقق الثأر ويُلقن العدو الدرس الذى لن ينساه أبدًا ويلحق به الهزيمة التى كشفت زيف ما روَّجه العدو عن تفوق جيشه الذى كاد قادته يعلنون الاستسلام لولا التدخل الأمريكى الذى جاوز كل الحدود!

>>>

يأتى عيد أكتوبر العظيم هذا العام والمنطقة كلها على فوهة بركان مع حرب الإبادة التى شنها العدو الإسرائيلى على غزة، والتى ينقلها الآن إلى لبنان الشقيق وسط صمت دولى وتواطؤ أمريكى عرفناه نحن مبكرًا فى حرب أكتوبر وما قبلها. تأتى الذكرى العظيمة ونحن نعيش فى رحاب أكتوبر المنتصر ومع دروسه الباقية فى ذاكرة الوطن. أعلامنا مرفوعة دائمًا وأبدًا على كل شبر من سيناء التى تحررت بالدم وبأغلى التضحيات فى أكتوبر، نعرف جيدًا أن وحدتنا الوطنية هى سياج الأمان، وأن جيشنا هو جيش أكتوبر القادر على مواجهة كل التحديات، وأن قرارنا بأيدينا، وقوتنا هى التى تحمى وتردع، ودعمنا للأشقاء لا يهتز، ويقيننا كامل بأن العدوان الهمجى الإسرائيلى سينهزم حتمًا مهما لقى من دعم غربى أو تواطؤ أمريكى.

يعلمنا أكتوبر العظيم أن الشعوب ستنتصر، وأن القوة الغاشمة فى يد الفاشيين الصهاينة قد تفوز بجولة لكنها تنهزم فى النهاية. سيصمد لبنان ولن ينكسر، وسيدرك العالم أنه لا سلام ولا أمن فى المنطقة إلا بدولة فلسطين على كامل حدودها وبعاصمة هى القدس العربية. وستسقط كل محاولات فرض سيطرة صهيونية من خلال حروب الإبادة أو اتفاقيات التطبيع المجانى أو سيناريوهات الصفقات المشبوهة وحروب الطوائف.

يعلمنا أكتوبر العظيم أن النصر بأيدينا، وأن الحق تحميه قوتنا وتصونه وحدتنا. كل عام ونحن فى رحاب أكتوبر المنتصر، ومصر بخير دائمًا وأبدًا.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية