تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أهل غزة الأبطال يتحدون مجرم الحرب الصهيونى
يبحث الانسان دائما عن الأمان والاستقرار وحماية حياته وعرضه وماله ويبذل فى سبيل ذلك كل جهده.. ولذلك قد يجول الانسان قارات العالم بحثا عن الأمان والاستقرار والنجاة بحياته من الطوفان.
لكن أهل غزة الكرام قلبوا كل الموازين ومقاييس العقل والمنطق، وتحلوا بالقدر الأكبر من الشجاعة والتمسك بالوطن.. حطم أهل غزة كل المخاوف والهواجس النفسية ولم يهربوا من الطوفان او يبحثوا عن النجاة بعيدا عن أرضهم فهى فى نظرهم رمز عزتهم وكرامتهمعندما تم توقيع اتفاق وقف النار فى غزة منذ اكثر من شهرين توقعت مع ملايين المهمومين بهموم غزة وأهلها أن يشهد معبر رفح طوفانا من الهجرة الجماعية لأهل غزة بعد ما عانوه من قتل وتدمير وتخريب لبيوتهم ومقومات حياتهم طوال عامين كاملين، لكن فوجئنا جميعا بعدم رغبة الأغلبية الساحقة من أهل غزة فى تركها، وتفضيل البقاء فيها تحت المعاناة اليومية، والحرمان من أبسط مقومات الحياة الكريمة عن الخروج منها الى بلاد أخرى أكثر أمانا واستقرارا حتى ولو على سبيل النقاهة وتخفيف معاناة عامين من المعاناة تحت وطأة عذاب القصف اليومى والقتل الجماعى والحرمان من أبسط مقومات الحياة .. بل على العكس علمت من مصادر موثوقة بأن فى مصر حاليا مئات من الأسر الفلسطينية التى كانت بها وجاءت بعضها من دول عدة يرغبون ويلحون فى العودة الى ديارهم المدمرة التى محاها أحقر جيش عرفه التاريخ .
هؤلاء الأبطال ينتظرون منذ توقيع وقف إطلاق النار فى شرم الشيخ بلهفة أن يتعقل مجرم الحرب الصهيونى وينفذ المرحلة الثانية من الاتفاق ويسمح بفتح معبر رفح من الجانبين ليدخل من يريد الدخول برغبته، ويخرج من هو مضطر للخروج للعلاج أو الدراسة أو لم شمل الاسرة..لكن للأسف لا يزال مجرم الحرب الصهيونى مع عصابته المجرمة التى تتحكم فى القرار السياسى فى تل أبيب يماطل ويسوف ويتلاعب بإرادة المجتمع الدولى الذى يتطلع الى تحقيق سلام حقيقى فى المنطقة.
****
هذا المشهد غير المسبوق فى تاريخ الحروب وتوجهات ضحاياها يؤكد الى أى مدى يتمسك أهل غزة بتراب بلادهم حيث لم يعد فيها إلا التراب.. يؤكد هذا المشهد التاريخي أن أهل غزة لن يقهرهم أحد مهما بلغت قوته وجبروته.. لن يجبر أحد على ترك وطنهم الذى قدموا من أجله تضحيات كثيرة وستظل غزة عربية إسلامية وشوكة قوية فى ظهر المحتلين المجرمين
لن يفر أهل غزة من الخطر.. بل سيسيرون عكس الاتجاه.. وسيبقون فى وطنهم من أجل إعادة إعماره ليعود بإذن الله افضل مما كان .
الفلسطينيون الذين ينتظرون دخول غزة يعيشون حالة انتظار ثقيلة، انتظار لا يشبه أي انتظار.. هؤلاء لا ينتظرون فرصة للهجرة، ولا يبحثون عن لجوء دائم، ولا يفاوضون على مستقبل أكثر أمانًا.. إنهم ينتظرون فتح معبر رفح… ليعودوا إلى غزة العزيزة على قلوبهم ففيها ولدوا وفى ترابها يدفنون.
هؤلاء يعرفون جيدا إلى أين يعودون.. فغزة الآن بلا مساكن أو مرافق أو مقومات حياة.. غزة لا كهرباء فيها، ولا ماء منتظم، ولا أمان، ولا ضمان للغد. غزة التي ما زالت تحت القصف، والتي تحولت شوارعها إلى ذاكرة مفتوحة للفقد، وبيوتها إلى أطلال. ومع ذلك، يصر هؤلاء على العودة.
لا يقبل أهل غزة وطنا بديلا لهم.. لا فى مصر ولا تركيا ولا أى بلد آخر
ومع أنهم فى مصر يشعرون بدفء الاخوة الحقيقية والاخاء الإنساني والدعم التاريخي لقضيتهم إلا أنهم يرغبون فى العودة الى بلادهم.. هم يعتبرون أن مصر هي محطة انتظار، رصيف مؤقت، مساحة بين مكانين: مكان خرجوا منه اضطرارًا، ومكان يريدون العودة إليه اختيارًا. يعيشون حياة معلّقة؛ حقائبهم جاهزة، أوراقهم محفوظة، وقلوبهم هناك… في غزة.
سألت بعضهم عن الدوافع الحقيقية فقال لى أحدهم- وهو أخصائي علاج طبيعي- خرج بعد بدء الحرب مع أسرته بأربعة أشهر ووالده أستاذ جامعى أن دوافع العودة متنوعة..كثيرون منهم تركوا خلفهم آباء مسنين، أو أمهات مريضات، أو أبناء لم يستطيعوا إخراجهم في اللحظة الأخيرة.. بعضهم خرج للعلاج أو لإنقاذ طفل، ولم يكن يتخيل أن الخروج سيطول، وأن العودة ستصبح أمنية صعبة، ومع مرور الوقت، يتحول الأمان النسبي إلى عبء نفسي، ويصبح السؤال الأخلاقي أقسى من السؤال الأمني: كيف نعيش هنا، وأهلنا هناك يواجهون الموت وحدهم؟
الذين ينتظرون دخول غزة لا يرفعون شعارات، ولا يظهرون في نشرات الأخبار، ولا يبحثون عن تعاطف إعلامي.. بل هم صامتون.. شجاعتهم صامتة، وصبرهم يشبه صبر أيوب على ما ابتلاهم الله به من محن ولذلك نحن نحسدهم على صبرهم وعلى قوة تحملهم وعلى شدة أرتباطهم بوطنهم.
****
ما حدث لغزة وأهلها على مدى عامين كاملين من حرب الإبادة الشاملة كان كافيا ليبرر لمن استطاع أن ينحو حانبا بعيدا عن الطوفان أن يبحث لنفسه ولأسرته عن النجاة والعيش بعيدا عن الحروب والصراعات الدموية .. ولكن أهل غزة يتحلون بعزة نفس وشجاعة نادرة والشجاعة هنا ليست تحدي القصف، بل تحدي فكرة الهروب.. ليست في مواجهة الموت فقط، بل في مواجهة إغراء البقاء بعيدا عنه. هم يدركون أن البقاء في مصر او أى بلد آخر أكثر أمانا، لكنهم يدركون أيضا أن الأمان لا يُقاس فقط بغياب الخطر، بل بوجود الكرامة.
معبر رفح، في هذه القصة، ليس مجرد نقطة عبور. إنه رمز ثقيل المعنى. بوابة جغرافية تفصل بين عالمين، لكنها أيضًا بوابة نفسية وأخلاقية، فتحه لا يعني فقط انتقال أجساد، بل انتقال مواقف.. قرار العودة هو إعلان صامت: نحن جزء من هذا المصير، مهما كان قاسيا
سلوك هؤلاء الأبطال يكشف عن الطبيعة الفدائية للشعب الفلسطيني.. فكل التحية لأبناء الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة فهم حراس أمناء على وطنهم وسوف ينصرهم الله إن عاجلا أو آجلا.. فلن يضيع وطن يسكنه ويرتبط به أبطال.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية