تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الجنسية الملتبسة
فى خضم حصول العديد من الفنانين والإعلامين المصريين على جنسية بعض الدول العربية، وبما أن هذا العدد مرشح للتزايد والتكاثر بشكل قد يسبب ظاهرة نزوح ثقافى وفنى فى المستقبل، ففى البداية أحب أن أوضح أن أى بلد عربى شقيق نكن له كل احترام ومودة وتقدير، ولكنها قضية اعمق من الحب والحساسية، ولابد أن تناقش من خلال طرح أكثر من عنوان ملتبس تحت النزوح الوطنى بما يسمى الجنسية المزدوجة العربية!! وفى حالتنا هذه هى ملتبسة لعدة اسباب وتحت اكثر من عنوان، أولها عنوان قومى عروبى قديم ومتأصل كان يكتفى فيه المواطن العربى قبل نهضة الحداثة البترودولارية فى دول الخليج ان يقول أنا عربى فتصبح جنسيته (مصرى وسعودى واماراتى وكويتي) فى آن واحد، اما فكرة مغايرة الجنسية وازدواجها تحت نفس العنوان العروبى الذى كان يكتفى بعروبته اصلا يثير عددا من الجدليات، أولاها هل سقطت فعلا القومية والعروبة من النفوس وحل بدلها فكرة «التجزئة للجنسيات» بدلا من جمعها فى لفظة العروبة وكفي! وهل فشلت الحكومات فى الحفاظ على وحدة عربية سياسية واقتصادية ونفسية وتجرأت فى الفشل، فأصبحنا دولا تتنافس بدلا من ان تتعاون وتتكامل وتجتذب كفاءات بعضها بدلا من أن تنميها لصالح مشترك واحد وهو الوطن العربي!
بحسب البيانات والإحصاءات الرسمية تعد مصر من أكثر الدول التى يحمل مواطنوها جنسيات أخرى ولكنها طبقا للإحصاءات لم تكن جنسيات اخرى عربية برقم يذكر وكان أغلبها (امريكى واوروبي) وغيرهما من الدول الغربية.
من المؤكد والمنطقى أن يكون الأصل فى الجنسية هو الوحدة وهو أن يكون للشخص جنسية وموطن واحد، وحينما اتاح المشرع المصرى فى البدايات حق الحصول على جنسية أخرى للمصريين وازدواجها فى المهجر بحكم غيبتهم الطويلة ومعيشتهم الدائمة فى وطن المهجر كان يهدف المشرع هنا الى الإبقاء والحفاظ على الرابطة بين الاسرة المصرية المستقرة فى المهجر وبين وطنهم الأم، ليظل باب العودة مفتوحا دائما، وتظل الروابط موثقة مهما طال أمد الهجرة، وما لذلك من تأثير ايجابى مباشر على الروح المعنوية للمهاجرين ولعدم اجتثاث أصولهم، كما يكفل للدولة ايضا الحفاظ على افراد الشعب المقيمين فى الخارج، وكما أتاحت الدولة حق الهجرة للمواطنين مكنتهم أيضا من الحفاظ على مصريتهم لأسباب منها ما يتعلق بالعهد الدولى لحقوق الانسان وايضا لتوسيع نقاط تأثير الدولة فى الخارج وتكوين لوبيهات ومواطن قوى داعمة.
إن الأصل فى القانون الدولى هو أن كل دولة حرة فى تنظيم معاملة مواطنيها من متعددى الجنسيات، وهذا ما اقرته اتفاقية لاهاى لسنه ١٩٣٠، فالدولة غير ملزمة وفقا لاحكام القانون الدولى بأن تسوى بين مركز متعدد الجنسية وغيره من مواطنيها الذين لا يتمتعون الا بجنسيتها.
ان فقه «تعدد الولاءات» الوطنية يشغل بال كثير من المتشبثين بالأمن القومى، فماذا اذا اختلفت أو تضاربت مصالح دولتى جنسية «المزدوج» واشتبكا سياسيا أو عسكريا، ماذا سيكون موقف «المتعدد»؟! وهل يستوى هنا من يقود مواقف سياسية أو حتى يوظف فنه سياسيا ومن يعمل عملا اداريا أو تكنوقراطا تقليديا!؟ إن جدلية الوطن الواحد والولاء الواحد حاضرة ولا تغيب عن اذهان الوطنيين دائما، كما ان فكرة شراء الكفاءات أو شراء سنوات نجاحهم المحلية ليست فكرة منتجة للوطنية ولكنها استقرار لثقافة التيك اواى المنتشرة، ايضا جدلية نحر الحضارات عن طريق اصطياد افرادها فكرة لم تنتقص يوما من حضارة ولم تبن اوطانا راسخة، ثم إن جدلية المواطن الساعى لجنسية أخرى غير موطنه وهو مقيم فى بلده اصلا ولا يربطه بدولة أخرى عمل متصل أو علاقة موثقة وطويلة ترتقى لعقود المسيار المحرمة شرعا وعرفا، لا اريد ان أحجر على شخص سعيه للارتزاق ولكنها يجب ألا تكون على حساب كرامته أو وطنيته!!.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية