سيسجل التاريخ المرحلة التى يعيشها العالم حاليا بوصفها لحظات حاسمة تشهد نقطة تحول حقيقية للنظام العالمى وإن كانت معالمه لم تتضح بعد. وتتلاحق الأحداث بحيث بات من الصعب ملاحقتها، وتنطلق تصريحات وعكسها فى نفس الوقت، فعلى من يتمتع برؤية واضحة وتصور محدد ألا يتوه فى ذلك المنزلق ويتابع سيره وتقدمه حتى لا تبتلعه المتاهة. تتثاقل الأعباء على مصر صاحبة النهج الصريح الواضح، ولكنها تستكمل مسيرة أجادت تخطيطها وصياغتها حفاظا على أمن محيطها بنزاهة وشرف فى زمن عزت فيه تلك القيم. لكن ذلك لا يعنى تخليها عن نهجها وإنما أن يكون أيضا شعارها «مصر أولا» على غرار ما يرفعه الكل دفاعا عن مصلحته أولا.

يبدو أن الأوروبيين أيضا أدركوا أن عليهم رفع شعار جديد لهم بعد تهديدات واشنطن برفع يدها عنهم دفاعيا وأمنيا واقتصاديا. وكانت قمة بروكسل الخميس الماضى خطوة فى هذا الاتجاه، حيث قرر الزعماء إقرار خطة أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية بتوفير 800 مليار يورو لتعزيز السياسة الأمنية والدفاعية لأوروبا. كما تشمل الحزمة التى أقرتها القمة تقديم الدعم لأوكرانيا خاصة بعد تجميد واشنطن دعمها العسكرى لها فى ضوء التشاحن الذى وقع بين الرئيسين الأمريكى والأوكرانى مؤخرا، وإن كان الجانبان أعلنا أنه تم تخطى الموقف، ويزور الرئيس الأوكرانى زيلينسكى الرياض غدا تمهيدا لمحادثات أمريكية أوكرانية بين وفدى البلدين الأربعاء بالسعودية استكمالا لجهود الرئيس الأمريكى ترامب لوقف الحرب الروسية. ويبدو أن زيلينسكى بدأ يتخلى عن شعاره «أنا أولا» إنقاذا لبلاده أولا.