تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > إيمان رسلان > الكتاب الخارجى سلعة إستراتيجية

الكتاب الخارجى سلعة إستراتيجية

مع عودة بعض المدارس خلال الأيام الماضية كان التريند داخل جروبات أولياء الأمور على السوشيال ميديا هى قضية الكتاب الخارجى، وهذه الجروبات أصبحت مفيدة للغاية لأنها ليست فقط لتبادل المعلومات وإنما أيضا لتبادل المنافع مثل الكتب والمقتنيات المدرسية المستعملة سواء بالتبرع أو بيعها بسعر مخفض.

 

ونقاش هذا العام داخل الجروبات اختلف عن الشكاوى السابقة, فلم تتركز فقط على تغيير الزى المستمر أو عدم توافر الكتب مبكرا، خاصة للشهادات العامة ،والتى بدأ الموسم الدراسى لها بالسنتر منذ بداية الشهر الحالى ايضا، وإنما تركزت الشكوى من ارتفاع أسعار الكتب الخارجية والازدحام بسوق الفجالة الشهير، فهو المورد الرئيسى لأغلب محافظات الجمهورية للكتب والاحتياجات المدرسية، خاصة مع بدء الدراسة فعليا للمدارس الخاصة والدولية وكذلك بالسناتر وأغلبها كامل العدد ايضا، رغم أن موعد بدء الدراسة بالمدارس الرسمية فى أول اكتوبر ليصبح اختلاف المواعيد بينهما من الملاحظات المتكررة سنويا.

فطبقا لجروبات أولياء الأمور وهم أصحاب المصلحة والقوة الشرائية أيضا فأسعار بعض الكتب ارتفعت وتجاوزت الحد المعقول, فالكتاب الخارجى أصبح يمثل سلعة إستراتيجية لأولياء الأمور، وله سوق ضخم بالمليارات سنويا أيا كان نوع التعليم أوالمدرسة، بعدما تحول المساعد التعليمى او كتب الامتحانات وحلولها الى أن أصبح هو الأساس والجوهر الإستراتيجى الذى يبحث عنه الجميع سواء المدرس أو الطالب وولى الأمر رغم المقولة الخالدة الامتحان من الكتاب المدرسى؟.

وعن بدايات تاريخ اللغز والأزمات المتكررة له سألت أحد قدامى أساتذة التربية فقال إن أول معركة يتذكرها حول مواجهة رواج الكتاب الخارجى على حساب الكتاب الرسمى كانت فى الستينيات حينما صدر قرار بتجريمها، وأنه لايجوز طبع او عرض كتاب يحتوى على بعض المناهج الدراسية ويعاقب بالحبس من يخالف القرار. ولأسباب اجتماعية كما قال ظلت مواد القانون معطلة وبعدها جاء د. أحمد فتحى سرور فقام بحملة على الفجالة أو سوق الكتاب الخارجى وأصدر قرارا وزاريا ينظم الموضوع بعد حملة ضخمة وصفت بانه دخل عش الدبابير، ورغم ذلك استمرت بعده الكتب الخارجية وسوقها الموازية والذى قدرها البعض بالمليارات العشرة سنويا وقتها، ثم اصدر د حسين كامل بهاء الدين قرارا لتعديل التراخيص والرسوم التى يتم منحها من الوزارة للكتب الخارجية كشرط للطباعة والتداول، ورغم التقنين استمر الكتاب الخارجى يزداد قوة ويزدهر حتى بعد معركة د. احمد زكى بدر مع هذه السوق وسميت وقتها بموقعة الفجالة، وحدث ايضا مع د. طارق شوقى والذى بشرنا بان أحد أهم أهداف نظام التعليم الجديد هو مواجهة سوق الكتاب الخارجى والقضاء عليه بل هدد بوقف منح التراخيص له، ولكن المفارقة ان الكتاب الخارجى استمر أقوى فى النظام الجديد الذى واكبه خفوت الحضور للمدرسة وامتحانات الاختيار من متعدد وهى الفرصة الذهبية للترويج لسلعة كتب الامتحانات والاسئلة وحلولها، وحينما لم تتحقق الوعود أسرعت الوزارة، وأصدرت لائحة لتعديل شروط التراخيص للكتب الخارجية سمته نظام الشرائح والإعداد كما شرح لى المسئول، بمعنى ان الترخيص يمنح بسعر وطبقا لأعداد الطلاب فى السنة الدراسية بالإضافة الى الحفاظ على إعطاء الإذن الرسمى لخروج الكتب الخارجية للأسواق مع دخول أول كتاب حكومى الى المخازن، وربما يفسر ذلك وجود الكتب الخارجية بوفرة بالأسواق قبل موعد دخول المدارس.

والآن وبعد مرور اكثر من نصف قرن على صدور أول لائحة للتنظيم وتعاقب الوزراء والمعارك حوله، وازدياد وتشابك الحلقة الجهنمية بين الكتب الخارجية التى يستعملها الجميع بينما جزء من الكتب المدرسية لا يفتحها أحدٍ ، حتى إن اخبار مشروع موازنة التعليم الجديدة تشير الى اقتراحات لتخفيض تكلفة الطبع للكتب المدرسية الى مايقرب من ١٠ مليارات جنيه وتقليل عدد الصفحات بالكتاب المدرسى والمواصفات الفنية للطبع! وكذلك اقتراح ان الوزارة تطلب تخفيضا لحق الملكية الفكرية فينخفض الى نسبة ٣٠٪ فقط مع دراسة إعادة تدوير الكتب المدرسية.

والسؤال الآن كيف نحل هذه الازدواجية بين كتاب مدرسى رسمى يخفض صفحاته تباعا، وفى نفس الوقت وجود الكتاب الخارجى الدسم ولنفس المحتوى التعليمى والذى ترخص له الوزارة نفسها التى تصدر الكتاب الأصلى ولها ملكية فكرية به؟!. آن الأوان ان نفكر بطريقة اخرى ونوحد المطبوع وبأن تشترى الوزارة حقوق الملكية الفكرية مثلما يحدث لبعض الكتب المقررة، ويكون ذلك بالاتفاق مع مؤلف الكتب الخارجية بدلا من تعدد المصادر والوسطاء والتراخيص فنوفر موازنات ومصروفات لأولياء الأمور، وذلك أجدى تعليميا بدلا من تخفيض عدد الصفحات بالكتاب الرسمى، على ان تقوم الوزارة بطبعه، وتوزيعه على المدارس المجانية فقط. اما القطاع الخاص فيدفع تكلفته كما هو حادث الآن تماما، وبدلا من احتكار منح الترخيص يكون الاحتكار لحق الانتفاع للكتب محدد المدة مع كل دار نشر ويتم المنافسة والتداول مادام المنبع واحدا، وهو كتاب محكم ونموذجى استرشادي تصدره الوزارة وبذلك تتعدد المطابع والتوزيع فنلغى عبء الوسطاء من المنبع ونوحد الخدمة للسلعة التى أصبحت إستراتيجية للجميع بمزيد من المطابع والمنافسة وكل ذلك سيحسن الأداء المدرسى، وبدلا من الازدواجية الحالية وعدم استخدام الكتاب الرسمى أحيانا لافتقاده لما يتطلبه الطالب او المدرس وبذلك نحل لغز الكتاب الخارجى كما نحل موعد العام الدراسى بتوحيده للجميع، فلا فرق بين تعليم خاص او عام إلا بالعمل التعليمى الصالح فيستطيع التعليم المصرى المنافسة بخريجيه.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية