تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
نيتانياهو ــ بايدن.. شو !
على مسرح فلسطين شاهدت مع العالم كله فصلا جديدا من ملحمة «العدالة بعيون غربية» يحمل عنوان «بايدن ـ شو»، بمناسبة الذكرى الرابعة والتسعين لانتهاء "ثورة البراق" بتنفيذ أحكام الإعدام فى سجن عكا على 3 من قادة المقاومة الفلسطينيين يوم 17 يونيو عام 1930، وكان من نتائج تلك الثورة قرار عصبة الأمم بتشكيل محكمة دولية برئاسة سير والتر شو وزير خارجية السويد!
استمعت "محكمة شو" إلى 52 شاهدا، من بينهم 21 من حاخامات اليهود و31 من فقهاء المسلمين، وكانت مهمة اللجنة محاولة الإجابة عن سؤال: هل حائط البراق حقٌ للمسلمين، أم هو الهيكل المزعوم لسليمان – عليه السلام – وهو حق تاريخى لليهود؟! وكان اليهود يطلبون السماح لهم بإقامة طقوسهم قبالة الحائط.
وبعد المداولات أصدرت "لجنة شو" قرارها بأن حجة المسلمين هى الغالبة، وأن جميع المنطقة التى تحيط بالجدار وقفٌ إسلاميٌ بموجب وثائق وسجلات المحكمة الشرعية، وأن زيارة اليهود للحائط ليست حقاً، واذا سمح لهم بزيارة المكان فقط، دون السماح لهم بإقامة شعائر الصلاة فى هذا المكان يُكتفى بالدعاء بلا صوت ولا إزعاج ولا أدوات جلوس أو ستائر!!
وبينما أصدرت "محكمة شو الدولية" حكمها السالف كانت سياسة حكومة الانتداب البريطانية العمل بجدية على إقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين منذ عام 1917، وتدعم بكل الوسائل ـ المال والسلاح والتنازل عن الأرض ـ العصابات اليهودية للاستيطان وتهويد المدن والبلدات الفلسطينية حتى أعلنت الأمم المتحدة قرار التقسيم وإقامة دولة لليهود فى 29 نوفمبر 1947 وانسحبت حكومة الانتداب، وسارعت الحكومات الغربية بالاعتراف بدولة إسرائيل فى فلسطين!
ولم أندهش حين وجدت نفس معيار العدالة المزدوجة هو الذى اتبعه الرئيس الأمريكى على خلفية "ثورة طوفان الأقصى" التى اندلعت فى 7 أكتوبر الماضى، إذ لم يكتف بايدن بالدعم الكامل لإسرائيل وضمان تفوقها عن محيطها العربى واعتبار حرب الإبادة التى يشنها "المجـ ـ رم نيتـ ـانيـ ـاهو" على الفلسطينيين دفاع عن النفس! ، ومنع كل محاولات صدور أى قرار من مجلس الأمن بإدانتها ووقف الحرب التى راح ضحيتها أكثر من 38 ألف قتيل ، ورغم المقابر الجماعية والمذابح اليوميةً التى تحدث للفلسطينيين اعتبر بايدن قرار محكمة العدل الدولية بوقف اعمال الإبادة الجماعية سخافة، واعتبر قرار المحكمة الجنائية الدولية بطلب توقيف بنيامين نيتانياهو ووزير دفاعه إرهابا، ورغم قرار الأمين العام للأمم المتحدة "الأمين" أنطونيو جوتيريش إدراج الجيش الإسرائيلى فى قائمة عالمية للضالعين فى انتهاكات حقوق الأطفال بعد أن تسبب فى مقتل عشرة آلاف طفل فلسطينى عام 2023 فقط، ووسط دخان الابادة أصدر الرئيس الأمريكى بيانا مفاجئا فى أول يونيو الماضى وصفه بخطة لإنهاء الحرب تشمل: انسحاب الجيش الاسرائيلى من غزة، وإطلاق سراح الرهائن، وعودة النازحين إلى الشمال وإعادة الإعمار ودخول 600 شاحنة مساعدات يوميا، وزعم أنها خطة نيتانياهو، وأنها فرصة لوقف إطلاق النار، لكن المفاجأة أن أول الرافضين لعرض بايدن هو نيتانياهو وحكومته نفسها، وبينما طالبت حماس بضمانات لفرض وقف اطلاق النار بعد الإفراج عن الرهائن هدد أعضاء حكومة نيتانياهو المتطرفون بالاستقالة وحل التحالف الحاكم فى حال وقف اطلاق النار قبل محو غزة وتدمير حماس!
وصباح السبت الماضى حين أصبح الاختلاف فى الصياغة هو النقطة الشائكة فى مبادرة بايدن، انكشفت هزلية العرض وصحا العالم على دمار وخرائب ومجزرة مخيم النصيرات، ضمن خطة جرى الاعداد لها منذ ثلاثة أشهر بمساعدة معلوماتية وتسليحية من الولايات المتحدة ـ التى تتزعم الوسطاء لوضع نهاية للحرب بالتفاوض ـ ونفذ الهجوم الجيش الاسرائيلى بقوات جوية وبحرية ومدرعات برية وفرقة متخصصة فى الاغتيالات بمباشرة الشاباك والشرطة الخاصة واستخدمت الصواريخ والقنابل الأمريكية والفوسفورالأبيض، كما استخدم في العملية شاحنة مساعدات تحمل جنودا فى زى نازحين غزاويين من القوات الخاصة الاسرائيلية وأسفرت العملية عن استشهاد 270 فلسطينيا وجرح 600 آخرين وهدم 89 منزلا على ساكنيه مقابل إطلاق 4 من المحتجزين وقتل 3 آخرين وضابط إسرائيلى، وحدث هذا الدمار بعلم بايدن رغم إطلاقه مبادرة أيدها 16 رئيس دولة فى بيان مشترك معه طالبوا حماس وإسرائيل بقبول المبادرة كوسيلة وحيدة للإفراج عن المحتجزين!
وانتهى هذا العرض التراجيدى بعد يوم واحد من انطلاق 30 ألفا من المتطرفين اليهود فى «مسيرة رقصة الأعلام» السنوية واقتحمت القدس القديمة، وسمحت لها حواجز شرطة الاحتلال بالمرور إلى الهيكل المزعوم وأداء الطقوس التلمودية والرقص على انغام أغنية «الموت للعرب» فى حرم المسجد الأقصى!
وجدتنى فى نهاية العرض أمام "فولة وأنقسمت نصفين" بينهما 94 سنة فلجنة "شو " أقرت بأنه «ليس هناك لوم على دولة الانتداب البريطانية لفشلها فى منع وصول التعزيزات المسلحة للمهاجرين اليهود»، وبايدن أيد حرية إسرائيل فى تحرير الرهائن «بهذه الطريقة المدمرة التى اتبعها الجيش الصهيوني أو بغيرها»، وعند الإفراج عن المحتجزين سيؤيد بايدن أيضا حرية الفلسطينيين فى الانتحار بالإبادة أو بالتهجير القسرى!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية