تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
لون بشرة كليوباترا.. وأمن مصر القومى!
دراما تاريخية عشتها هذا الاسبوع، بطلتها كليوباترا السابعة ملكة مصر السياسية الجميلة، ففى السابع من مايو الماضى عادت سوريا إلى حضن الجامعة العربية بقرار مجلسها الوزارى برئاسة مصر،
وفى ذلك اليوم أيضا بدأت مباحثات فى جدة لمنع دخول السودان الى نفق الانقسام والحروب الأهلية ـ الذى حشرت فيه سوريا لمدة 12 سنة ـ برعاية امريكية وسعودية ، وانتهت مرحلته الأولى الأولى الأسبوع المالضي بتوقيع اتفاق هدنة لحماية المدنيين بين الجيش السودانى وقوات التدخل السريع المنشقة عليه،
وفى الاسبوع الماضي ايضا وصلت معركة لون بشرة كليوباترا السابعة الى ذروتها، بسبب إذاعة شبكة نتفليكس مقطعا دعائيا من الفيلم الدرامى الوثائقى عن الملكة المصرية "كليوباترا" قامت بدور البطولة فيه الممثلة البريطانية "السمراء" أديل جيمس، وحمى وطيس المعركة والغضب على منتجى الفيلم الذين يرون أن هذا عمل درامى وثائقى عن ملكة صارت ملهمة فى ذمة التاريخ الإنسانى، وبين خبرائنا الذين قالوا إنها عملية تزوير للتاريخ بإظهار أن مصر تنتمى إلى الثقافة الإفريقية بينما ملكتنا كانت مقدونية من أصول يونانية،
وقاد هذه الحملة كتاب ومثقفون ووصلت إلى ساحات المحاكم مشيرين إلى مؤامرة تقف وراء تصوير بطلة المسلسل سمراء بملامح إفريقية، كما اتهم المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى " حركة المركزية الإفريقية" بالوقوف وراء هذا العمل من أجل تشويه الحضارة المصرية وسلب إنجازاتها، كما شارك فيها عالم المصريات الاشهر الدكتور زاهى حواس، بفيلم وثائقى كشف أن كليوباترة يونانية شقراء وليست سمراء!
ومع احترامى لكل الذين دافعوا عن هيلينستية ويونانية مليكتنا الجميلة، لكن الأولى بالانتقاد هو موضوع الفيلم ذاته الذى لم يكتب عنه أحد ممن انتقدوه، أما القول بأن ملكة مصر تنتمى إلى الحضارة اليونانية وأن ذوى الأصول السوداء ليست لهم صلة بحضارة مصر، وأن جميع التماثيل تظهر الملامح الهلينستية اليونانية للملكة كليوباترا من حيث البشرة الفاتحة اللون والأنف المسحوب والشفاه الرقيقة، فهو «دعاية مجانية» للفيلم دون تقديم فيلم عالمى بديل يليق بمكانة مليكتنا ،
ويتجاهل "الغاضبون" 300 سنة قبل الميلاد حكمتهم الأسرة البطلمية لمصر قبل مجيء المليكة الشابة في آخرعهد البطالسة، وما حدث خلال ٣ قرون من تزاوج واختلاط وتداخل، كما أن هذه الدعوة تتجاهل أيضا كل الجهود التى بذلتها مصر وتبذلها لتعزيز مكانتها وانتمائها الافريقي منذ رحلات حتشبسوت إلى بلاد بنط حتى الآن، ومحاولات البعض عزلنا عن القارة بحاجز اللون واتهام المصريين ـ زوراـ بالتعالى، وهى اتهامات باطلة يكذبها ما قدمته وتقدمه مصر من دعم سياسى واقتصادى واختلاط اجتماعى والتفاعل بينها وبين أشقائها الأفارقة وأولهم السودان الشقيق، وعلى مدى عقود تنشط ألاعيب خارجية لتفتيت السودان الى كيانات متصارعة وتغليب وجهها الافريقى لسلخها عن الجسد العربى، وتغليب الوجه المتوسطى على مصر لعزله عن السودان وإفريقيا، حدث هذا فى أزمة دارفورعام 2004 وفى أثناء قمة الجوار المصغرة التى عقدت فى سرت الليبية، اكتشف الرؤساء أن مصر ليست عضوا فى مفاوضات حل الأزمة بحجة أنها قضية إفريقية، فكان أول قرار للقمة برئاسة القذافى أن تشارك مصر فى مفاوضات جوبا وأى مفاوضات لتسوية الأوضاع فى السودان. وفى أزمة السودان الحالية امتلأت الشاشات بالوسطاء بين المتصارعين فى السودان معظمهم هدفه ثروة السودان وخيراته مثل بريطانيا وإسرائيل وإثيوبيا وأمريكا، والنتيجة طرح حلول "ماكرة" تساوى بين «الخاطفين والمخطوفين» والمزيد من وضع البنزين على النار فى دارنا الخلفية!
أما علاقة كليوباترا بعودة سوريا، فقد سجلها بأمانة المؤرخ الألمانى إميل لودفيج، في كتابه "كليوباترا" الذى اعادت طباعته عام 2015 هيئة قصور الثقافة!، ويرى أبو المترجمين عادل زعيتر أن نقطة الالتقاء بين كتاب لوديفج عن "النيل حياة نهر" وبين كتابه "حضارات المتوسط" هى كتابه عن السياسية الداهية الجميلة «كليوباترا»!
وعبر لودفيج عن مفهوم كليوباترا السابعة لما نسميه الآن "الأمن القومى المصرى" المنفصل عن الأمن القومى الرومانى، حين حفرت اسم سوريا بظفرها على مائدة أمامها وهي تفكر فى حليف يعينها على مواجهة الرومان، وتخيلها تقول لنفسها "لا اظن ان قائدا رومانيا يستطيع أن يقارع كتائب والى سوريا، أستطيع الاستعانة به دون أن ادفع لقيصر روما اثنى عشر ألفا ، وهو عين ما تحصله روما من والدها بطليموس الثانى عشر ثمنا لبقائه على عرش مصر، وتقارن جديا بين وجوه الجنود السوريين الذين يشبهوننا ووجوه الجنود الأجانب الذين يتكون منهم الجيش الرومانى الجرار الذين يستعدون لغزو بلادها، وهم خليط من الجرمان الشقر، والآسيويين بنظراتهم الجافية، واليهود الذين لهم عيون كبيرة والبيزنطيين الذين لهم جباه وطيئة".. يخيل اليها انهم يلخصون اسافل جيوش كسرى وأسوأ جنود الرومان لا أحسنهم!
ورأت قائدهم وهو يملى شروطه، برأسه الكبير كرأس «هرقليز» مع لحية قصيرة وأنف نسر وهو نصف قعود ونصف ضجوع وبجنبه سيف كبير وخنجر معقود فى وسطه، وهكذا لخصت الأميرة الشابة رأيها فى الرومان ولونهم من غير أن تتكلم بكلمة .. عذراء مصرية ناعمة فى مواجهة ضابط رومانى مغرور.. كليوباترا في مواجهة انطونيوس!
فكيف كانت المواجهة بين الجمال وبين الغرور، وكيف كانت نجاة الأميرة الشابة بملكها بعد إنذار قيصر روما المتغطرس بوجوب ضم مصر إليها مع جميع سواحل البحر المتوسط بعد هزيمة الفرس؟
معركة من نوع آخر في المقال القادم
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية