تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
كلمة سر الجنرال طلبة رضوان
.. ومر الأسبوع الأخير من مايو الماضى دون أن يرسل الجنرال صباحاته وكانت غزة تحترق والقضية مشتعلة فى محكمة العدل والجنائية الدولية والجمعية العامة فكتبت له: خلى السلاح صاحى يا جنرال: شفت مجرم عابر بيزأر عايش دور ملك الغابة.. وكل النعام مطأطئ لا اسود ولا نمور تهشه ولا ذبابة..
هه هههه !
ولم يرد الجنرال بأي منشن!
وجاء أكتوبر هذا العام ولم يظهر الجنرال طلبة رضوان طلبة إبراهيم أو النقيب طلبة قائد السرية الأولى التى عبرت القناة وحررت تبة الشجرة يوم الثامن من أكتوبر 1973، غاب طلبة كما غاب قائده الجنرال رجب عثمان، ورفاقهما رشاد مرزوق ومكرم جرجس، ومعهم عبدالقادر وعبدالجبار وعبدالعاطى وباقى يوسف، وآلاف المبدعين من جنود وضباط القوات المسلحة والمدنيين، ارتوت بدمائهم وبطولاتهم رمال سيناء، وبغيابهم، صارت القيم التى تشربوها والثقة فى قهر العدوان وجبروت من يسانده معرضة هذه الأيام لعملية تشويش،
تتوالى الضربات على مواقع المقاومة ويسقط رموزها شهداء فى غزة والضفة والقدس وبيروت ودمشق، وتحوم كالغربان حمى التقسيم الطائفى للعرب (سنى وشيعى وغزاوى وكردى وحضرمى وحوثى، وحزب الله وحزب اللات والعزى)، في قضية تحرر لا تقبل القسمة، واختفت تعبيرات «قضية العرب الأولى» وظهرت قنوات كاملة تروج لليأس والترهيب والتفوق التكنولوجى للجيش الصهيونى الذى لا يقهر!
غاب الجنرال طلبة برمزيته ومثله وسيرته عن أبواق الدعاية الجديدة كما غاب رفاقه الذين عبروا القناة وأزالوا الساتر الترابى وقهروا المستحيل وحقول الألغام والجسر الجوى الأمريكى، وانتصروا بإماكانت مصرية وانتصرت معهم سمعة كل «عربى» .. حاربوا بدبابات عمرها 30 سنة وقاتلوا برشاشات «العربية للتصنيع ومصنع ٣٦»، تساندهم وتغطيهم طائرات من الحرب العالمية الثانية، دمر طلبة ورجاله وجيله 26 نقطة قيادة للعدو فى خط بارليف وملاجئ للجنود محصنة بحوائط ضد القنابل النووية فوهات نابالم تقلب المنطقة إلى نار جهنم ومعدات استطلاع للإبلاغ عن أى مخلوق يحاول العبور والاقتراب والتصوير!
وغاب مع طلبة ورفاقه أبطال قهروا التحصينات بصواريخ سام المحمولة على ظهورهم من المسافة صفر، لم يحارب طلبة وزملاؤه بطائرات شبح وصواريخ باليستية ولا بطائرات مسيرة بالريموت كنترول تنطلق من المضيق لتصيب هدفها من على بعد مئات الكيلومترات في إيلات وتل أبيب وحيفا وما بعد.. بعد.. حيفا !
ومع أكتوبرهاجت ذكرياتى شوقا لرؤية طلبة أو رده، وطال غيابه لأول مرة منذ منحنى قائده اللواء رجب عثمان قائد ك12 مشاة شرف أن أكون واحدا من أصدقاء الكتيبة الذين اعتادو الاحتفال بالنصر وسط أسرهم واولادهم وأحفادهم كل عام، وخلال عشرين سنة من تعارفنا اكتشفت فى طلبة القائد الحاسم والمعلم ودائرة المعارف، ودرايته بالمجتمع السيناوى الذى ربطته به صداقات ومعارف وعلاقات مع عواقل القبائل والعشائر تجاوزت علاقة قائد الكتيبة بجيرانه وأهله بسيناء فى أثناء توليه خدمة قيادة الكتيبة 12 إلى علاقة انسانية استمرت بعد تقاعده لا تعرف يساره ما تنفق يمينه، وفى زمن كورونا أصابتنا حمى التواصل الاجتماعى فاستثمرناها معا فى رسالة قبل كل فجر وضع لها عنوان "يا صباح" على الواتس آب، كشفت لى عن الوجه المبدع خفيف الظل الساخر الفكاهى اللذيذ، بعيدا عن الصرامة والانضباط الشديين
انتقى من بينها اليوم ما تبادلنا فجر يوم الثامن من أكتوبر 2023:
كتب طلبة كلمة السر «يا صباح..».. قبل تطوير الهجوم بنصف ساعة يوم ٨ أكتوبر ١٩٧٣ خطرت لى فكرة أن ألمع حذائى بالورنيش الاسرائيلى الذى أهداه لى الملازم أول مفتى عبدالعزيز من دبابة دمرناها وقمنا بالواجب نحو طاقمها، وفوجئت بقائد اللواء العقيد محمود المصرى خلفى، وبعد أن تلاقت نظراتنا سألنى ضاحكا ايه الروقان اللى انت فيه ده، بتلمع جزمتك والدنيا مولعة حواليك.. هو انت رايح تقابل بنت يوم العيد فى سينما التحرير!
رددت على هذه الاصطباحة بقولى: .. كل روقان وانت طيب يا جنرال!
...
وفى يوم 24 أكتوبر كتب «ياصباح ..» بقول لها عايز أكل كبده يا انشراح.. كشرت وقالت الكبده زمانها فات وراح، انت ناسى أيام الحرب كانت علبة كشرى تخليك مرتاح، وقرصين طعمية تنسى فيهم الجراح، قلتلها: حاضر!
فرديت على طلبة : ياصباح … قلتلها شايفة يا صفية ..الراجل ده كان بيفطر هاون ويتعشى دبابة .. وياما داس برجليه صهاينة وتعابين فرادى وعصابة.. دلوقتى مفيش غير «حاضر» محشية مقلية ومشوية.. و«حاضر» دى مش فاكسين استسلام وكآبة.. دى فائض صلابة وغرور ومهابة.. وما "أُخذ بالقوة يسترد أحيانا بمكر الثعالب ودحلبة الديابة!
وانقطعت الرسائل حتى آخر مايو الماضى فكتبت أستفسر فأجاب: اللهم انا عبدك وابن عبدك وابن امتك فاغفر لى ذنوبى وارحمنى برحمتك التى وسعت كل شىء..ثم رجاني: ادع لى يا هادى!
فرددت عليه وأنا أكتم ألمي: اللهم الرضا الذى يصلح قلبك... ويزيح همك ويطيب روحك،
وفى يوم الثلاثاء 11 يونيو الماضى شاركت أسرته تشييعه مع محبيه وجموع المصلين بعد صلاة الظهر من مسجد عمرو بن العاص واقتصر العزاء على تشييع الجنازة،
وهذا أول «أكتوبر» منذ 75 سنة بلا طلبة رضوان ..أفتقد فيه نور البدر وزمانه. وأسألكم فيه الدعاء!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية