تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > أنور عبد اللطيف > كابوس الطفلة مرح.. حلم أم حقيقة؟!

كابوس الطفلة مرح.. حلم أم حقيقة؟!

قالت الطفلة مرح لمسعفها فور خروجها من تحت الركام بحي الزيتون: عمو بدى اسأل شى شَغْلة ..احنا فى حلم والا حقيقة؟
هدف مرح  التأكد أن الكابوس المخيف الذى فرمها وأسرتها وبيتها قد زال، وكنت مثلها احلم لكنى تمنيت ألا ينهار الكوبرى الذى يصلنى واقعي بالكابوس، وحين نظر طبيب العظام فى الأشعة سألنى مستغربا: ما الحركة التى فعلتها فى أثناء النوم وأصابتك بهذا التهتك الشديد فى أوتار الكتف؟

فأجبت ساخرا: كنت أحارب بمقلاع!

 فتساءل متهكما: أكنت تحمل بالمقلاع حجرا من الهرم!

فقلت: كنت أنتفض للتخلص من أصدقاء يكبلون بخوفهم ذراعى وأصيب وجه مجرم يعيش على القتل!

وضع الطبيب الأشعة وجلس أمامى مصغيا.. فشرحتُ:

لو انت مكانى وبت ليلتك مغموما مكتئبا من رد الفعل الغربى بعد انقضاء الشهر الذى منحته محكمة العدل الدولية لإسرائيل لتقديم تقريرها عن الإجراءات التى اتخذتها لمنع الابادة الجماعية فى غزة، وبعد أن كنت ترى قرارها فرصة لتبييض وجه الدولة العظمى وتوابعها لتثبت انها الراعى الأوحد للسلام والعدل فى العالم، ومحاصرك هذا النظام العنصري لوقف حرب العقاب الجماعى والتطهير العرقى للفلسطينيين بالتهجير أو الموت، ولو شاهدت وزراء حكومته ما زالوا يعتبرون الفلسطينيين حيوانات بشرية يستحقون السحق بقنبلة نووية، ووجدت العالم يتعامل بازدواجية حين يتعلق الأمر بخرق القانون الدولى الإنسانى والحربى فى غزة ويتعامل الجميع بآذان صماء وعيون عمياء وألسنة مقطوعة، ووجدت أن محكمة العدل تطلب وقفا فوريا لإطلاق النار بل منحت الحكومة المجرمة شهرا للمزيد من القتل والحصار والتجويع ومنع دخول المساعدات الطبية والغذائية وتعتبرها شريان الحياة لحماس والمقاومة، وان القتل بسلاح الجوع ينهى القضية، ولوشاهدت الرئيس الأمريكى يهزي: لا أجد فى العمليات التى تتبعها اسرائيل ما يبرر اتهامها بالإبادة الجماعية، ويكرر دفاعه عن الفيتو الذى أفشل  للمرة الثالثة قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار بحجة عدم تعطيل المفاوضات الجارية لإطلاق سراح الرهائن، ويواصل الدعم العسكرى والمالى للقاتل ويوقف تمويل بلاده لمنظمة غوث اللاجئين أونروا، ويرتفع عدد المجازر من تسع قبل شهر إلى ١٦ ألف مجزرة ويتجاوز عدد الشهداء الـ 30 الفا وعدد المصابين  70 ألفا، ويستمر هدم المنازل ويتكدس نحو المليون ونصف المليون فلسطينى فى رفح، وبعد انتهاء شهر المهلة تعلن منظمة العدل الدولية انها تلقت ردا من اسرائيل، وأن مضمونه سيبقى سريا!

هل تتخيل يا دكتور ان الرد الإيجابى الوحيد لاصحاب الضمير هو الانتحار، كما فعل أمام السفارة الإسرائيلية بواشنطن الضابط الامريكى آرون بوشنل رافضا أن يكون متواطئًا بحرب الإبادة الجماعية على غزة

لو بكيت مثلى يا دكتور فى أثناء مشاهدة جثث ٣٠ شهيدا مكبلا ومعصوبى الأعين تحت مقلب قمامة، ولو شاهدت مئات الاطفال يسقطون مرضا وقصفا ويتضورون جوعا، فتأتيهم الإغاثة بمجزرة الطحين فى دوار النابلسى فجر الخميس الماضى حين وصلت الاغذية للشمال بعد حصار وجوع ثلاثة أشهر فيهرع الجوعى اليها فتنهمر عليهم رصاصات الاحتلال من مسيرات بالجو وقناصة ومجنزرات فى البر فيقتل ١١٢ فلسطينيا ويصاب ٨٠٠ ينقلون إلى مستشفى أصابه الشلل عن تقديم الخدمة  للجرحى، فتعيش بجوارحك مأساة وطن يتحلل إلى ركام وخرائب وجثث وتصير اللغة المعتمدة فى التفاوض هو التجويع والهدم والتهجير القسرى مقابل استمرار الحكومة النازية فى الحكم وليذهب أسراها وملفهم إلى الجحيم لتعيش لافتة القضاء على إرهاب حماس، ولو وجدت أمامك وجه المجرم يتحدث بوحشية بأن وقف الحرب لاجراء انتخابات معناه نهاية إسرائيل، لو شاهدته يفخر بأن ٨٢٪ من الأمريكيين يؤيدوننا، فتتذكر صورة جورج بوش يقول: ان الرب يؤيدنى وأمرنى ان أغزو العراق، ولو استحضرت شجاعة الصحفى العراقى منتظر الزيدى، حين وجد نفسه امام مجرم يعترف بجريمته، فاقتنعت ان حياة الأبرياء صارت مرهونة بتحطيم هذا الرأس الدموى، لو اقتربت إلى المسافة صفر، وشاهدت رأس الشر امامك يوقع اتفاقا للإفراج عن مئات المحتجزين القتلى مقابل آلاف من الأسرى فى حكم المقتولين دون أن يلتزم بوقف الحرب او بحق اى أسير فى الحياة،  لو وجدت مقابلته فرصة للتعبير بإيجابية عن كراهيتك للمجرم بلا أسئلة ولا صراخ ولا مظاهرات، لو فار دمك وشعرت بالاختناق حين شاهدت وجهه القمىء وقد تم تجريدك قبل الاقتراب منه من كل ملابسك وأجهزة الموبايل والنظارة الطبية وأقلام الكتابة وليس معك خلال نصف ثانية إلا أقدم حذاء ترغب فى إنهاء خدمته معك بطريقة شريفة، فماذا تفعل؟

فسألنى الطبيب بلهفة: ماذا فعلت؟

فأجبت: قذفت فردة حذائى في وجه نيتانياهو بأقصى مافى قلبى من شجاعة وسرعة وقوة موقنا بأنها ستصيب الهدف كأحد صواريخ المقاومة، لكنى أفقت على اصطدام يدى ورأسي بحائط صلب بنفس القوة ونهضت صارخا أحاول تخليص ذراعى وكتفى من بين قضبان السرير!

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية