تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
فتاة النابالم.. تفقد ضميرها فى غزة!
فى ميامى الأمريكية بدأت الفتاة «كيم فوك» المرحلة الأخيرة فى علاجها بالليزر من آثار النابالم الذى احترق به جسدها النحيل قبل واحد وخمسين سنة في فيتنام، وفى تقرير لقناة «سى إن إن» الإخبارية صرحت: بأنها تتذكر كيف كانت تجرى فى الشارع وهى تصرخ وقد احترقت ملابسها ولحمها يتساقط من ظهرها وزراعها حتى أغمى عليها، لكنها الآن لم تعد تلك الفتاة الدميمة التى تخجل من آثار حروقها بل أصبحت أما وجدة وصاحبة مؤسسة كيم الدولية لتقديم المساعدة الطبية والدعم النفسى للمتضررين من الحروب فى كل أنحاء العالم!.
حرضتنى حكايتها على البحث عن صفحة مؤسستها لمعرفة نوعية خدماتها، والبحث عن اطفال فلسطين على صفحتها ، ثم قررت الكتابة اليها بعتب وعجب سرعان ما انتهى حين أدركت السبب!
وشهرة "فوك" العالمية بدأت بمصور إنسان اسمه "نيك أوت" وهو شاب فيتنامى كان يغطى الحرب الفيتنامية لوكالة أسوشيتدبرس، فوجئ يوم 8 يونيو 1972 بمجموعة أطفال فى قرية ترانج بانج تشتعل نيران النابالم فى أجسادهم النحيلة، كانت فى قلب الصورة طفلة تصرخ.. تسقط ..تنهض .. تستغيث وتجرى نحوه وقبل أن تصل إليه التقط صورة لها وسط 5 أطفال وهى تصرخ: نار نار!
وحملها فى سيارته وجرى بها الى المستشفى، ثم أرسل الصورة فنشرت فى العديد من الصحف الأمريكية .. فتحرك ضمير الناخب الحر وانطلقت المطالب بوقف الحرب التى شنتها امريكا لتقسيم فيتنام منذ 1964، وشكلت ضغطا على موقف الرئيس نيكسون فى الانتخابات فأصدر قراره بوقف الحرب، ووقف دعم فيتنام الجنوبية بقنابل النابالم الذى اخترع فى هارفارد كمادة لإذابة الدروع، وفى نفس اللحظة التى قرر سحب جيشه من فيتنام عام 1973 كان المصور "نيك اوت" يحصل على جائزة بوليتزر للصحافة عن أهم صورة فى القرن العشرين،
وبعدها بعام عزل نيكسون من منصبه!.
أما الطفلة فوك فقد ظلت سلاحا تستخدمه فيتنام الشمالية فى التنبيه الى جرائم امريكا وحلفائها فى الحرب، وكثيرا ما كانت تستدعى فوك من الفصل الدراسى لإجراء المقابلات الاعلامية، وحين وصلت إلى المرحلة الجامعية قررت الحكومة إرسالها للدراسة فى كوبا وفى طريقها لدراسة الطب فى موسكو، هبطت الطائرة فى كندا حيث هربت مع صديقها الذى صار زوجها وأكملت دراستها في اوتوا وعاشت وأسست مؤسستها العالمية لمواجهة آثار الحروب!.
وسر عتابى للسيدة فوك التي قضت عمرها فى كندا وتعالج فى مستشفى أمريكي كل هذه السنين! إلى جانب مؤسستها التي صدرت صفحتها على الفيسبوك ببيان أنها لم تعد الفتاة الضحية المحروقة الظهر والذراعين بل اصبحت تهتم بتقديم المساعدة والعلاج لضحايا الحروب فى كل أنحاء العالم، لكنها منذ 8 أكتوبر 2023 وحتى الآن لم تنشر صورة واحدة أو موقفا واحدا تجاه ضحايا فلسطين ونسائها وأطفالها، رغم أن الصحف العالمية ومواقع التواصل الاجتماعى تنشر وقائع إبادة شعب فلسطين فى قطاع غزة على الهواء ومات حتى أمس أكثر من 14 ألف شهيد، بينهم تسعة آلاف من الخدج والأطفال والنساء، وتسمع الفضائيات صرخات المحاصرين من الجو والبحر والبر ويخنقها دخان الفسفور الابيض الذى يعمى الأبصار ويترك آثارا حارقة مزمنة للجلد والرئتين، وهم تحت الأنقاض فى غزة بلا ماء ولا كهرباء ولا أدوية ولا غذاء،
وتنقل الكاميرات جثث الآلاف فى الشوارع والمدارس ومخيمات النازحين والمرضى بعد توقف 25 مستشفى في غزة فالطبيعى فى هذا الزمان ألا تكفى كل هذه الوحشية لتحريك ضمائر صناع وتجار الحروب، لكن غير الطبيعى ألا تتحرك مؤسسة السيدة فوك التى تغطى وتدين وتشجب وتعالج ضحايا العنف فى أوكرانيا وفى المدارس الأمريكية!.
ألا تتذكر السيدة فوك وقد شارفت على الـ ـ 60 عامًا أى وجه شبه بين اليوم الرهيب الذى لا تنساه ـ كما كتبت فى النيويورك تايمز ـ حين كانت تحتمى بالمعبد البوزى تلعب مع الاطفال وأنذرهم الجنود الجنوبيون بالخروج الى الشارع وبعد لحظات ألقت عليهم الطائرات قنابل النابالم التى جعلت كل شىء مشتعلا من الحوائط حتى ملابس البشر وجلودهم، ألا تتذكر وجه الشبه بين المحتمين بـ المعبدالبوزى وبين الأطفال والنساء والرجال الذين القيت عليهم قنابل الفوسفور الأبيض والصواريخ والقذائف الاسرائيلية بعد أن أنذرهم الاحتلال بالخروج من كنيسة القديس برفيريوس ومساجد خان يونس وبيت لاهيا ومستشفى المعمدان والشفاء ومدارس الأونروا ؟
ألا تتذكر قولها: إن قنابل النابالم لم تكن اداة الموت كما أراد اعداء بلادى، بل صارت وسيلتى للحياة وإعادة الأمل لكل ضحايا الحروب، فلماذا لا تتبنى مؤسستها الأسيرات الفلسطينيات المفرج عنهن تباعا، اللائى دخلن سجون الاحتلال الصهيوني أطفالا وزهرات مراهقات وخرجن منه بعد عقود سيدات بعاهات مستديمة بلا أيد أو أرجل أو قعيدات محطمات نفسيا، تحررن من سوء معاملة سجون المحتل ووجدن انفسهن فى سجن اكبر يسكنه الدمار والخراب بلا جدران ولا مبان ولا أهل ولا جيران؟
ألا تعرف السيدة فوك "فتاة النابالم" ان مبدأ حقوق الإنسان ـ الذى نالت بفضله بلادها فيتنام حريتها ـ تحول بعد نصف قرن إلى قانون غاب يعطى الحق للقاتل المحتل ان يدافع عن نفسه بقتل وطرد أصحاب الأرض من وطنهم المقتول؟!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية