تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

سيدة من مصر اسمها هاجر!

توحدت الروايات الموثوقة حول نسبها المصرى، لكن اختلفوا حول وضعها الاجتماعى، البعض يرى أنها ابنة الملك سنوسرت الثالث، وهو من أعظم ملوك الأسرة الثانية عشرة تصديا للخطر الخارجي، والبعض يرى أنها كانت جارية أهُديت لسارة زوجة إبراهيم عليه السلام ذلك التقى الورع بن "أزر" صانع التماثيل والأصنام فى "أور" الكلدانية ببلاد العراق، وكانت هاجر فائقة الجمال والحسن، وفى الحالتين تحابتا ـ سارو وهاجرـ  فى الله وعلمتها سارة أمور الدين والتوحيد والعلم الربانى الذى تعلمته من زوجها نبى الله إبراهيم، ثم طلبت سارة بعد أن تخطى عمرها السبعين من زوجها أن يتزوج هاجر ـ شقيقتها أو جاريتها ـ لعلها تنجب له الأولاد!

فتزوج إبراهيم من الفتاة المصرية هاجر وأنجبت له إسماعيل، وهنا بدأت الأقاويل الناتجة عن "التسييس" وقصور فهم سلوك الأنبياء ونسائهم، حين خرج إبراهيم بزوجته هاجر ورضيعها إلى جهة "مجهولة" ومر ببلاد مزروعة وصحراوات وجبال ووديان ومدن بها بشر وسكان تهفو نفس المرأة "المطرودة" إليهم، فواصل السير، حتى حط رحالهما فى واد قاحل "غير ذى زرع"، ولا ثمر ولا شجر إلا من جراب فيه بعض الطعام والماء ثم استدار عائدا!.
تصرخ فى زوجها إبراهيم وتسأله: لمن تتركنا!
ولم تجد ردا ولا مفرا من الامتثال، والأخذ بالأسباب للخروج من هذا المصير المفجع، بعد أن نفد ما تركه لها زوجها من طعام!
 فتهبط من الجبل وتهرول فى الوادى حتى تصل الى طرفه الآخر وتنادي: هل من أحد؟ هل من معين؟
فلا تجد ردا!
 فتعود بسرعة وهى تتوقع أن تجد رضيعها لقى حتفه أو افترسته السباع!.

ثم تنجب سارة بعد السبعين «إسحاق» فيبدو الأمر بالنسبة لنا وكأنه مكافأة، بل ينبئنى شيطانى أنها ربما طلبت من إبراهيم أن يسافر ويبلغ هاجر نبأ حملها وإنجابها الولد!

 فيسافر "إبراهيم" ويلوح في عيون هاجر على البعد وجهه المضيئ ، فتهلل وجه هاجر بالبشرى..
 وتحكى له عن عين الماء التى انبجست من مكان كان يضرب فيه رضيعها «فجعلت أغرف بيدى من مائها وأسقيه وأشرب وأرضعه"، ألم أقل لك أن الله  لن يضيعنا!
 لكن سرعان ما تلقت فى جوابه الصفعة الثانية أشد وأعتى .. حين أبلغها الزوج العائد أنه رأى فى المنام أنه يذبح ولده إسماعيل!

. وتستمر القصة المعروفة والمؤكدة بعد أن «تله للجبين للذبح.. حتى فديناه بذبح عظيم»!

لكن التساؤلات التى تتركها قصة هذه المصرية لا تزال: كيف خلقت هذه الأم وكيف احتملت بلائها بعد أن كاد ينفذ الأمر الذى جاء من أجله وهو ذبح الصبى الذى صار أملها ورجاءها معلقا عليه!.

وهل هى صدفة أن تكون هذه الصبورة التي زرعت الحياة والنماء مصرية؟
وهل صدفة أن يتم التركيز على الابتلاء الأعظم وهو التضحية بالولد ثم الفداء بالأضحى بعد شروع «النبى إبراهيم» فى ذبح ولده الطفل الامل الوحيد لأمه؛ ولا يتم التركيز على التضحية التى قدمتها الأم التى تفوق طاقة البشر العاديين؟
وإذا توارت وغابت بطولة هذه السيدة فى كل زمان فلا يجب أن تغيب هذا الزمان خاصة مع الحاجة إلى الأمل والتضحية والصبر للتخفيف من معاناة أهلنا فى فلسطين أمام الظلم الفاجر للإنسانية وآلاف الضحايا من نساء وأطفال وشيوخ!

قدمت «أمنا هاجر».. دروسا للمقهورين فى العالم:

 أولا؛ فى صبرها وقدرتها على ادارة المحنة والابتلاء الذى ابتليت به سواء عند شبهة الغيرة التى هدمت عشها وطردها إلى تيه قاحلة لا زرع ولا ماء ولا ونيس، وعندما اشتد عود الولد وصار محط أملها؛ عاد الزوج بعد غياب يخبرها انه جاء ليذبح هذا الأمل وهو فلذة كبدها وملتقى أملها، ومن هنا إذا كان هذا الابتلاء شديدا وقاسيا على إبراهيم فإنه نبى يعرف حدود لعبة الدنيا ويعرف ايضا واجبات الوحى وأن الرؤيا تكليف، فإن هذا الابتلاء لا تحتمله أى امرأة فى الدنيا إلا إذا كانت على نفس القدر من صلابة النبوة فى اليقين بالله وكأنه قد أوحى إليها!.

والدرس الثاني: أن هذه الفتاة المصرية استطاعت أن تدير قمة العطايا ورغد العيش والحياة والنعمة الإلهية باقتدار ايضا، حين تفجرت ماء زمزم، ودبت الحياة كافأها الله بأن جعل أفئدة من الناس تهوى اليها حتى صار المكان القاحل الذى ألقيت فيه أقدس وأطهر مكان معمور على وجه الأرض، وبعد أن كانت تعانى الوحدة ساق لها الله قبيلة كاملة «جرهم» تنشد الاستقرار فاستأنست حول البيت العتيق ثم أمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يرفعا القواعد من البيت العتيق كما رزقها الله شعوبا وقبائل من نسل ولدها إسماعيل هم كل العرب وظلت سيدتهم خادمة البيت المعمور حتى توفاها الله ثم توفى إسماعيل فظل خالد الذكر فى ذريته وبينهم أكرم خلق الله سيدنا محمد (عليه الصلاة والسلام)، والغريب أن المسلمين من مقام إبراهيم مصلى وانتقلت وفادة البيت إلى «قبيلة جرهم» حتى اليوم، بينما السيدة هاجر أصل الذرية العربية وصاحبة الرحم التى أوصى رسول الله بمصر وأهلها خيرا لأجلها؛ وجدنا من ينكر نسبه اليها ومن يجهل فضل ريادتها، بل ولا نعرف أين هي؟.

حكتك يا رب!

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية