تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
"ست ابوها" تتحدث عن نفسها!
لماذا خرج المصريون فى عهدها من عزلتهم بعد ثلاثة قرون قضوها خلف جدران المعابد بعيدا عن طبقة الحكام والملاك والإغريق؟
كليوباترا ليست مجرد ملكة ذكية جذابة انتحرت كما صورها المؤرخون الغربيون ونجح احمد شوقى بعبقرية فى تبييض سيرتها فى مسرحية ملحمية عن مصرعها ؛ لكن كليوباترا أول حاكم مقدونى بعد ٣٠٠ سنة تكتشف انها يجب ان تتكلم لغة المصريين شعبها وتعبد آلهته وتستمد من مواطنيها الحماية والامان والقوة!
وقائع فهم كليوباترا للهوية المصرية والإفريقية أكدها المؤرخ أبو الحسن المسعودى فى موسوعته مروج الذهب (ج1) حين قال «إن مقدونيا - ليست اليونان بل - هى بلاد مصر من الإسكندرية وغيرها»، وأن لقب القيصر أطلق على حكام روما بدءا من القائد الذى فى عهده قتلت (قلبطرة).. وظهرت مصريتها عند سليم حسن فى موسوعة مصر القديمة الذى قال «إن التاريخ لم يكتب بالمصرية الشعبية إلا فى عهد كليوباترا وكل عصر البطالسة كتبه المؤرخون الغربيون على هواهم، لأن لغة الكتابة المصرية كانت اليونانية والرومانية فصورتها خيالاتهم أنها مجرد امرأة لعوب.. ومؤخرا روجوا ما تقوله حركة الأفريكان سنتريك أنها امرأة سوداء زنجية، واعترف المستشرق إميل لودفيج فى كتابه عن كليوباترا بأنه اعمل خياله فى روايتها أمام نقص الأسانيد والمصادر الحية عنها، وكشف جمال حمدان فى شخصية مصر أن مصير القيصر ومن يدخل مجلس الشيوخ الرومانى وخطوط الموضة كانت ترسمها كليوباترا من الإسكندرية، وحكم روما قياصرة من أصل مصرى وعربى بسبب نفوذها، واترك الحكاية لخيالى تتحدث كليوباترا عن نفسها فى رسالة بصوتها الى المصريين المحدَثين:
من كليوباترا السابعة الى شعبى العظيم تحيات كثيرة، ودوام الازدهار، من قال إنى يونانية شقراء أو إفريقية سوداء فليصمت، أنا إيزيس عشت زمنا فى الفيوم، بعد أن زلزلت الدسائس وأصابع روما أمان قصرى فى حربين مع شقيقى الاول زوجى بطليموس الثالث عشر وبعده زوجى بطليموس الرابع عشر، وبقيت أمامى معركة وجود بأساليب جديدة مع يوليوس ومنافسه انطونيوس فى طريقى إلى فتح روما! أقلع قارب البريد برسائلى الى البحر، لعلها تصلكم فى حالة رائعة، يبدو الأمر طيبا بنصيحة مجلسى من العلماء والحكماء والكهنة ورعاية الإله ـ آمون رع ـ الذى يستيقظ من نومه فجرا ليضىء العالم، بفضلكم سيأتينى حكام روما ساجدين، لم أكن تابعة للمصلحة إذا ما دِيست الكرامة!..
كنت أول حكام الأسرة البطلمية إجادة للغات المصرية الديموطيقية والهيراطيقية، كما كنت أول حاكم بطلمي يتزوج على السنة الفرعونية وحين هوجمت فى قصرى، مكثت بين أهلى فى دروب البحر الاحمر ودندرة وطيبة أكثر من عامين مع جند من رجال القبائل والعتقاء والعمال، حمونى وأطلقوا عليَ «ست ابوها» وشبهونى بالإلهة "إيزيس" رمز الوفاء، وقد وهبت مافى بطنى للآلهة، «قيصرون» نصف قيصر ونصف فرعون، يرثنى ومجد آلهتى وعزم الإسكندر المؤسس وعلم جدى بطليموس..لا يستجيب لقيصر روما بغزو سوريا خلافا لكل شرف ومصلحة وحصافة، هذا ما علمنيه المؤرخ بلوتارك، وسط ماتعلمته بسبع من لغات الأرض، لن تهدأ رايتى حتى يأتينى ذلك الرومانى بموافقة مجلس السنات راكعا كونى ملكة مصر وروما،
لن أذهب إلى روما تابعة اطلب حماية عرشي كوصية ابى الزمار بطليموس الثانى عشر، لن تجدنى روما الأميرة التى كانت مضجعة تحت شراع أحمر منذ خمسة أعوام، سيجدونى امرأة تحاول صد الغزاة عن بلدها المكشوف، الجريئة التى انتصرت فى الخامسة والعشرين من سنيها هى التى تقف الآن فى مقدم السفينة هى كليوباترا السابعة العالمة المتفلسفة الرشيد فى الثانية والثلاثين من سنيها، أرضعت ثلاثة أولاد وجلس فى حضنها جبار متيم بقميصها الوردى، وهى اذا كانت قد أضاعت فتون صباها فإنها مازالت تشع ينبوعا، وليس لديها الوقت لفتح شفتيها للشتم، اوصانى "الزمار" الا أعادى روما أبدا، كما أوصى الرومان ألا تغفل أعينهم عن تاج بطليموس الخامس عشر مقابل أجرة "اثنى عشر ألفا منا؟
لكن.. وإذا كان خنجر بروتس قد قضى على "الرومانى الأكبر" أمام شعبه حتى لا يتم الزواج، فقد جعلنى ارى على البعد اليوم نصف روما الآخر، على الرومانى الاصغر أنطونيوس أن يطيعنى فى "اكتيوم"، يقينى أن اولادى يحتاجون الى أب وأن مملكتى تحتاج الى حلف، فلا يوجد أمامى ما هو أعلى من سلطانى ولا أملاك أكثر مما كان لأجدادى!
آن أوان سيدة "البحر المصرى المتوسط".. مقابل أمر شكلى بسيط، أن يثق جنودى بى وبأنفسهم، وأن يظل أنطونيوس يحلم بعرش مصر، ولا بأس أن أدقق فى ثيابى وأختار أى المشابك والقرط الملائم لكل لباس، إنها الحرب بين الاستغلال والقبح وبين الوطن والجمال!
وفي الختام اودعكم مع شوقى:
أرانى لم يحسن إلىََ معاصريّ
ولم أجد الإنصافَ عند لُداتى
فكيف إذا غيب الموت زادتى
وبدد أنصارى وفض حُماتى؟!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية