تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > أنور عبد اللطيف > سبعة مشاهد فى مسرحية القطن المصرى!

سبعة مشاهد فى مسرحية القطن المصرى!

عويل وحسرة على المسرح وأصوات تعلو وتخفت همزا ولمزا عن مؤامرات خارجية على ذهبنا الأبيض، مسرحية بدأ التحضير لها قبل 70 سنة منذ أن كان القطن المصري معقودا على حصاده نهضة أمة وموعد الأفراح في البيوت، حتى صار اليوم اسم القطن لا يُذكر إلا باللعنات دون أن يقدموا سندا حقيقيا عن سبب ما جرى ، لكنى أخيرا وجدته، موثقا بمشاهد درامية فى كتاب، بعنوان: أصدقاء الطابق الرابع عشر، أصدرته الصحفية الباحثة ميْ الخولى بأسلوب علمى متأدب، يحاكي الواقع، عن كواليس لم يرها أحد، أحاول تقديمه فى مشاهد!

 مشهد أول: جون فوستر دالاس وزير خارجية أمريكا يصر على مقابلة قائد ثورة مصر جمال عبدالناصر فى مايو 1953، وقدم الوزير الأمريكى «المندوب السامي الجديد» أول مطالبه: «انتم تقدروا تساعدوا الرئيس أيزنهاور فى أزمته».. رد عبدالناصر مندهشا: إحنا.. إزاي؟ فأجابه دالاس بوضوح: تقللوا إنتاج القطن طويل التيلة لأنه يذبح القطن الأمريكى ويخنق فرصته للتصدير، ويسبب لنا مشاكل فى ولايات الجنوب، والرئيس سيقدر لكم جدًا هذا الجميل، ويتساءل عبدالناصر فى دهشة أنا أتحدث عن تسليح ومساعدات ودعم سياسى، وأنت تتكلم فى قطن!

مشهد ثان: الحكومة الألمانية تلح على وزير التموين محمد مرزبان في الجمهورية العربية المتحدة منحهم القطن المصرى الخام والسماد ـ وكانت مصر تصنع السماد ـ مقابل أن تمول حكومة ألمانيا معدات وقطع غيار مصانع الغزل والنسيج، ويتكرر نفس الطلب من حكومات الهند والصين وباكستان وأنجولا وقبرص والبرتغال ورومانيا!

مشهد ثالث: الرئيس السادات يصدر قرارا سنة 1980 بإنهاء المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، وتطبيع العلاقات واعتماد أوراق السفير موشى ساسون - قائد مجموعة عمليات 146 فى حرب أكتوبر - أثناء زيارة وزير الزراعة آرييل شارون ـ قائد عمليات الثغرة ـ لبحث التعاون الزراعى، فاقترح الرئيس تطوير الزراعة في الوادى الجديد فيصر ساسون على العمل فى الدلتا ومن «جميزة» مزرعة الرئيس ذاته فى ميت أبو الكوم، لأن هدفهم  بعد ان فشلوا فى قتل مصر بقوة السلاح جاءوا يقتلونها من الداخل فلم يكن  هدفهم معرفة الزراعة المصرية بل معرفة الفلاح المصرى، لـ«نتمكن من إقناعه بالتحول الى محاصيل جديدة جدا»، مثل الخيار والفجل وشمام الماكديمون الإسرائيلى، واقترحت اللجنة التى تشكلت لتحديث الزراعة المصرية وبدعم ومشاركة الوكالة الأمريكية للتنمية بأن يقترن تحسن مستوى المعيشة بزراعة الخضراوات، والاستغناء عن القطن بتمويل أمريكى يضمن حصول الفلاح على التقاوى ومستلزمات إنتاج الخضروات الجديدة من إسرائيل!

مشهد رابع: منذ بضعة أشهر وصل الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء إلى المحلة الكبرى لتفقد مشروعات تطوير قلعة الغزل والنسيج معقل صناعة القطن الذى كنا سادته حين وصلت مساحة إنتاجه فى مصر فى الستينيات إلى اثنين ونصف مليون فدان من القطن طويل التيلة وتنتج مصر 85% من الإنتاج العالمى، ويقول رئيس مجلس الوزراء: إن صناعة القطن مثلت 40% من قوة الاقتصاد المصرى فى مرحلة ما، قبل أن تتهاوى الآن وتصل إلى ما بين 2.5 و3 فى المائة حاليا، وأمامنا اليوم استراتيجية قومية، لإعادتها إلى سابق عهدها، وفق توجيهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى إطار التوجه التنموى الشامل الذى تنتهجه الدولة!

مشهد خامس: (فلاش باك) تشرح المؤلفة ميْ الخولى ما جرى للقطن بين التاريخين من محصول استراتيجى شارك فى بناء السد العالى وحسم العديد من صفقات السلاح ويشكل 40% من قوة الاقتصاد المصرى، وكيف هبط إلى 2% فقط، وصار الفلاحون يهربون من زراعته بسبب مشاكل الإنتاج والتسويق وانخفاض الطلب العالمي!

وتواصل المؤلفة ـ تتبع سياسة بدأت من التسعينيات بإغراق شركات حلج وغزل القطن بالديون، وقفل أسواق تصديره وترصد نتائج عمليات التحديث «المشبوهة» للزراعة بدعوى أن الفلاح المصرى استوعب التكنولوجيا الحديثة فى الجميزة، فيعطيهم الوزير يوسف والى «بكرمه الشديد» النوبارية ضمن 10 قطع على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوى، وتضمن برنامج الوكالة ـ التى كانت تتخذ من وزارة الزراعة مقرا لها ـ تحفيزات للمزارعين والقطاع الخاص لزراعة المحاصيل البستانية ومضاعفة دخولهم بفتح الأسواق أمامهم لتصديرها إلى الخارج طازجة أو مصنعة، أما منتجو القطن فيمنح كل منتج 20 قرشا عن كل قنطار إذا رفع رتبة محصوله وزاد إنتاجه على 8 قناطير للفدان!

مشهد سادس: كشفت دبلوماسية القطن عن وجهها العالمي الأسود، فزادت بعض الدول إنتاجها مثل الولايات المتحدة والهند والصين و«الاتحاد السوفيتى»، لتحتل مكان الأقطان المصرية فى أسواقها العالمية، والنتيجة وصل إنتاج مصر عام 1991 إلى 260 ألف قنطار فقط، وزاد استيرادها على مليون و30 الف قنطار!

مشهد النهاية: الذى كشفت عنه زيارة رئيس الوزراء، تجار القطاع الخاص يرفضون المشاركة فى المزاد الحكومى لشراء القطن فى العام الجديد 2025، رغم الطموحات الكبيرة على زراعته فتصر الحكومة على إنقاذ القطن المصرى وتشجيع زراعته كتوجه استراتيجى وتدفع وزارة المالية دعما للفلاحين يزيد على 3.5 مليار جنيه، لأن المسرحية انتهت، فهل انتهت المؤامرة وصار النهوض بالقطن وصناعته توجها لا رجعة فيه؟!

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية