تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

رسائل الرئيس على الهواء!

من ظلم النفس والذاكرة اختصار ٤٠ سنة من ضحايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلى، وحصره فى تداعيات هجوم "طوفان الأقصى" فى ٧ أكتوبر الماضى على مستوطنات غلاف غزة رغم أنف الجدار العازل والقبة الحديدية، هذه هى الرسالة الاولى التى خرجت بها من متابعة لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع وزير الخارجية الأمريكى بلينكن أمس الأول -الاحد- والذى لفت نظرى أن مباحثات من هذا النوع تذاع على الهواء لأول مرة، ربما أراد الرئيس ان يخاطب العالم كله بجوهر القضية لعدم الحاجة  للغرف المغلقة!

والحقيقة أننى مشفق على الوزير بلينكن من طول الجولة التي بدأت بإسرائيل وانتهت بإسرائيل مرورا بعمان حيث التقى أبو مازن وعبدالله ثم الدوحة والرياض، ثم القاهرة فهل جاء الرجل يبحث عن حل أم يفرض حلا ، ومطالب محددة لا يحيد عنها أهمها خروج الأجانب عبر معبر رفح، وعددهم يقترب من 1800 يحملون جنسيات أمريكية وغربية و1100 جنسيات مزدوجة، وترحيل أهل شمال غزة إلى جنوبها وفتح ممر إنسانى لخروج "آمن" لأهل الجنوب إلى خارجها ! حتى لا يضاروا من الاجتياح البرى والبحرى والجوى الوشيك للجيش الاسرائيلى «الذى لا يقهر» والمستعد فى أقرب فرصة لتخليص العالم من «خطر» حماس، التى قتلت خلال ايام 1200 اسرائيلى وجرحت 2700!.

والرسالة الثانية: هى دعوة من الرئيس على الهواء للانتباه أن مشكلة غزة لم تبدأ كما يرى الوزير الامريكي منذ 7 أكتوبر 2023 فقط، ولا مستوطنات ولا قدس ولا حل الدولتين ولا تهويد الاراضى ولا رواسب مذابح فى جنين والشيخ جراح وطنطورة ولا دير ياسين ولا قانا، ولا قرارات دولية ولا أن بلاده كانت الراعى الأوحد للسلام بين مصر وإسرائيل، وأن آخر «حسنات» هذا الراعى التى حققت بعض الامل فى حل القضية هى اتفاقات أوسلو، التى قتلتها «خريطة طريق» بوش الابن  وحولتها الى الفوضى فى بغداد ودمشق وليبيا والسودان!.

الرسالة الثالثة: أن الكاميرات لم تستطع إخفاء غضب الرئيس أثناء اللقاء وانتباهه لما يجرى حول مصر وما يدبر لسيناء بدعوات تطهير غزة من حماس والغزاويين، كما يحمل الرجل فى ذاكرته الرقمية تفاصيل خمس جولات على الأقل من الصراع بين إسرائيل وفلسطين، لأن السيسى لا يؤمن باختصار قضية أمة فى فصيل، لكن ذنب الفلسطينيين فى الضفة وغزة أنهم انفجروا يأسا بعد أن أهمل قضيتهم قطار التطبيع ، دون أن يحمل لهم أى أمل فى وطن، فتمسكوا «بغزة» التى حشرهم فيها شارون، وخاض هذا الشعب كل معاركه خلال الاربعين سنة الماضية فوق أرضها وفى أنفاقها إلى أن فوجئ بأن المطلوب منهم ترك هذه «الشقفة» إلى «شقفة» أخرى - بتعبير الرئيس أبو مازن- من سيناء، فرفضوا الخروج الآمن وغير الآمن وشعارهم ننتصر او نموت!

الرسالة الرابعة: أن ذاكرة الرئيس الرقمية تضاءلت أمامها الأرقام التى حملها الوزير بلينكن من إسرائيل، فأرقام الضحايا الحقيقية التى ذكرها «السيسى» خلال الجولات الخمس الأخيرة تكشف تفوق الفلسطينيين فى الضحايا : سقط 12500 قتيل مدنى فلسطينى، ومن الجانب الإسرائيلى سقط 2700 قتيل منهم 1500 سقطوا فى الأزمة الأخيرة. وأن 100 ألف فلسطينى أصيبوا، بينما أصيب 12 ألف إسرائيلى. كما قتل 2500 طفل فلسطينى، بينما قتل 150 طفلا إسرائيليا. أما إذا كنتم تتحدثون عما حدث قبل تسعة أيام فقد كان كبيرا وصعبا، ولا شك فى ذلك، ونحن ندينه أيضا، لكن المغزى هو حرص الرئيس على العودة الى جذور القضية، كبداية لأى حل لحقن الدماء ومنع وقوع الضحايا، فخطورة تراكم الأزمات ومعالجتها بالتخدير المؤقت ترتب عليه عنف فى الغضب والكراهية تراكم على مدى أكثر من 40 عاما!.

الرسالة الخامسة: تأكيد الرئيس على الهواء تمسكه بموقفه المبدئى بأن إدخال المساعدات للمحاصرين فى القطاع من الأغذية والأدوية والبطاطين والملابس هو الأولى بالبحث قبل خروج الأجانب الغربيين والحالات الطارئة
(وأثناء الاجتماع أعلن الجيش الإسرائيلى عن فتح المياه إلى أماكن محددة بجنوب غزة، التى أنذر أهل شمال القطاع بالانتقال اليها!! وبعد الاجتماع وعد بلينكن بفتح المعبر لدخول المساعدات مع خروج الجرحى والمصابين وافلح ان صدق!).

الرسالة السادسة: هى الانتباه إلى أن علاج الإرهاب والتطرف لن يتم بالسيوف الحديدية، لكنه مسئولية كل حاكم على شعبه، فقتلة السادات بطل السلام هم المتطرفون أعداء السلام مع إسرائيل، وقتلة رئيس الوزراء رابين مهندس اتفاقات أوسلو هم المتطرفون اليهود وجماعة كاهانا أعداء السلام فى القدس ورام الله وغزة ومع سوريا والاردن ولبنان!.

المشهد الأخير: حرص الرئيس على  لفت نظر بلينكن  الى إعلانه فى تل ابيب "أنه ليس وزير خارجية لكنه مواطن يهودى قلبا وقالبا، بالاقوال والافعال"، وأضاف الرئيس: انه نشأ فى حى شعبى بالقاهرة يتعامل فيه اليهودى مع المسلم والمسيحي دون تمييز، ولم يتعرض اليهود فى مصر ولا أى دولة عربية لأى اضطهاد كما حدث فى أوروبا واسبانيا!
 !أنا فهمت أنها إشارة ذكية الى ان الافراط فى التعاطف الأمريكي والغربي شعور بـ«عقدة ذنب» غربية أوروبية قديمة فى اضطهاد اليهود وطردهم إلى فلسطين، وان راعى السلام العادل لابد أن يكون محايدا بين طرفى أى نزاع!.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية