تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
حكمة خطيب الجمعة بين الماء والقمار!
ذهبت لصلاة الجمعة بعد معرفة موضوع الخطبة على الانترنت ـ عن المياه والقمارـ وفى ذهنى سؤال: كيف يربط خطيب المسجد بين قداسة المياه وعدم شرعية القُمار الإلكتروني والمادي!.
وبداية..أحسنت وزارة الأوقاف صنعا حين وضعت عنوان الخطبة على صفحتها للتواصل الاجتماعى «فيسبوك» وحددت مدة الخُطبتين بـ 15 دقيقة واشترطت الالتزام بالموضوع، وأعطت حرية المعالجة لكل إمام لتظهر ثقافته واجتهاده وبحثه وفهمه لروح الدين!.
وبعد عودتى من المسجد، حرصتُ على الاستماع لخطبة الدكتور أحمد عمر هاشم على «يوتيوب» فى افتتاح مسجد «أحباب المصطفى» بمدينة الشروق، لأعرف كيف حل «إمام الخطباء» لغز الربط بين الماء والقمار، فهو من كبار العلماء ونهر بيان متدفق يستطيع تشريح الموضوع فى عشرات الخطب،
فطاف مولانا فى خطبته عن الماء فى القرآن والتراث والشعر وما أبدعه حين أفاض بضرورة الحفاظ على هذه النعمة العظيمة مناشداً الجميع عدم الإسراف فى المياه، وطالب بقدسية الحفاظ على النيل طاهرا كشريان الحياة الرئيس. وعدم تمكين الجهلاء المغامرين عند منابعه من الاستغلال السيء للمياه بما يهدد حقوقنا التاريخية!
وقال فضيلته إن شربة الماء كانت صلة بين انتصارالمسلمين فى بدر وانتصارنا الحديث فى أكتوبر٧٣، ففى بدر قاتلوا فى أرض أصابها الجدب والعطش ونصرهم الحق بقوله في الآية 11 سورة الأنفال: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) ، وهو انتصار يشبه المعجزة التى حالفت المصريين فى أكتوبر ـ رمضان 1973 تحت راية «الله أكبر» وهم صائمون!.
أما خطبة الشيخ محمود سالم امام مسجدنا فأهم ملامحها دعوته للحفاظ على قطرة الماء فى حياتنا ومصانعنا ومزارعنا، ثم ضرب مثلا لحكمة الاستثمار فى الماء مع الله: عندما هاجر المسلمون مع رسول الله إلى المدينة لم يستعذبوا ماءها، باستثناء عين ماء محببة للشاربين كانت ملك يهودى من بنى غفار يدعى رومة، فانتهزها فرصة لبيع الماء، القربة بمُدّ، وفى رواية يزن الشربة بملء الكفين، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم:
أتبيعها ولك مثلها عين فى الجنة؟
فقال رومة:
يا رسول الله ليس لى ولا لعيالى غيرها، فلم يجبره الرسول أو يعلن الحرب عليه، بل خاطب أصحاب رؤوس الأموال: من يشترى بئر رومة؟
فبلغ ذلك عثمان رضى الله عنه فاشترى نصفها، ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: أتجعل لى فيها ـ عينا فى الجنة ـ ما جعلت له؟ قال: نعم، قال عثمان: قد جعلتُها للمسلمين،
فكان «رومة» يسقى يوما بالدراهم وعثمان يسقى مجانا فى اليوم التالى ويدلى دلوه «مع دلاء المسلمين» أى مصاحباً لهم ولا يختص نفسه بها، بل سمح لهم أن يخزنوا ما يكفيهم يومين، فكانت النتيجة أن توقف حال نصف رومة الآخر، ولم يشتر منه أحد، ويُروى أن اليهود أنفسهم كانوا يشربون فى يوم عثمان، فيئس رومة وعرض بيع نصف البئر الآخر بضعف الثمن، فاشتراه عثمان، فضاعف الإنفاق فى توسيع وحفر أكثر من عين حول البئر!.
وكما فهمت بالبلدى وبلغة الاستثمار هذه الأيام لم يقل «ذو النورين» رضى الله عنه إننى يجب أن أحصل ثمن البئر و الإصلاحات والتوسعات أولا ببيع الماء أو انتهاز الفرصة لمضاعفة السعر كما قامر اليهودى وباع الماء بالشربة، أو كما يفعل التجار المغالون اليوم، ويتحججون بسعر الجنيه وقيمة الدولار والتضخم وارتفاع الأسعار التى يستغلها الجشعون فى بعض السلع التى كانت مكدسة فى المخازن قبل الزيادة، وكما يفعل الجشع فى سوق العقارات اذ يسعى المالك لتحصيل ما دفعه بالآلاف منذ سنوات من بيع بيت واحد أو شقة واحدة بالملايين الآن دون أن يردعه ضمير!.
ومَثَل «بئر رومة» الذى ساقه الشيخ محمود يوجه رسالة بوضوح وصراحة إلى بعض الأشخاص الذين يقامرون بوضع مصالحهم في التعاون مع العدو الصهيونى اهم من تهويد القدس وإبادة أهل غزة أو طردهم وتصفية قضيتهم على حساب الجيران، كما يوجه رسالة أيضا إلى بعض الأشخاص الذين أنفقوا المليارات للاستثمار فى شركات حول سد النهضة الذى أقيم رغم أنف القانون الدولى ودون اتفاق ملزم مع دولتى المصب، ويجرى هذه الايام مقامرة مع شركات «تعدين بتكوين» التى طردت من بلادها - الصين - لخطرها فى الاستهلاك الزائد من الكهرباء وجاءت متخفية تبحث عن الكهرباء الرخيصة حول «سد الخراب» وتقامر مع حكومة اثيوبيا التي أقامت سدها وصداعتنا بحجة أن نصف سكان بلادها بلا كهرباء!.
وكأن خطيبنا يناشد بعض المستثمرين المسلمين والعرب خاصة أن يقتدوا بفكر عثمان الاستراتيجى فى حماية شربة الماء بالاستثمار الشفاف فى تأمين المصالح والحقوق المشروعة لأشقاء الدين والوطن فى مصر والسودان الذين يجرى مع دمائهم النيل.. أحد أنهار الجنة!.
ويبقى سؤالى: هل ترى أن الشيخين أوضحا سر ربط الوزارة بين التحذير من القمار المادى والالكترونى، وبين التقديس الواجب لمياه النيل التى جعل منها الله كل شىء حى فى بر مصر؟!.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية