تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
بداية جديدة.. «اتكلم عربى»!
هل تكفى 100 يوم لإعادة بناء الإنسان المصري؟، جاءنى هذا السؤال من أحد الأصدقاء المشاغبين، فأجبته: تأمل منطوق المبادرة، عنوانها مجرد "بداية جديدة" .. فلا بأس من وقفة متجددة مع النفس.. أشخاص ومجتمعات، لحشد كل الجهود الثقافية والاعلامية والتعليمية والدينية لتكون «بداية جديدة لبناء الإنسان»، في عدد كبيرا من مجالات غايتها المساهمة فى رفع الأعباء عن كاهل المواطن المصرى واستدامة تنميته، أتمنى أن تكون الدولة جادة هذه المرة، أضع ثلاثة خطوط تحت ثلاثة مواقف ضرب فيها وزراء حكومتنا المثل فى السلوك القويم الذى يشكل بداية جديدة:
الموقف الأول: كنت أتابع الفضائية المصرية وسط مجموعة من الشباب، وانتبهنا فجأة لموقف الدكتور أسامة الأزهرى وهو يقدم شيخ الأزهر فى حفل «الأوقاف» بذكرى ميلاد النبى الكريم، وأعرف مدى ما يتمتع به هذا الوزير الشاب من خلق وعلم واحترام لتراثنا ولا يخلو خطابه من الإشارة إلى كتاب اسلامي علم العالم، لكن هذه المرة جعل الثقافة والأخلاق سلوكا وتصرفا راقيا حين ترك مقعده، وأسرع جهة مولانا الإمام الأكبر أحمد الطيب ويحمل له الورقة التى أعد فيها كلمته واصطحبه حتى المنصة، وسط تصفيق الحضور والناس فى البيوت، شعرت بالإعجاب بهذا التصرف النبيل، وتمنيت أن نتحلى به جميعا تجاه أصحاب الفضل علينا، وتذكرت زمنا ولي؛ كانت «الأوقاف» تضع نفسها كتفا بكتف مع الأزهر الشريف، فيصنف علماء الدين الواحد والمذهب السنى الواحد إلى فسطاطين، علماء الأزهر وعلماء الأوقاف، وعندما جاء الوزير الشاب أسامة الأزهرى توقف هذا التقسيم، لأن الأزهر الشريف شرف للمنتسبين اليه حول العالم، ووزارة الأوقاف أو دار الإفتاء هى محل الوظيفة التى يقدم من خلالها العالم الازهرى علمه أو فتواه، واذا كنا نتحدث إلى الناس عن إعادة تأهيل سلوك المصريين فلنتصرف مع الكبار كما تصرف معالى الوزير مع الإمام الأكبر!
أما الموقف الثاني.. فكان توجيهات الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء الأسبوع الماضى بوقف تصدير السكر لمدة 6 أشهر أخري تنفيذا لقرار وزير التجارة ، وظهرت نتائج هذا القرار بعد أسبوع واحد على السوق، وعاد الرشد لسعر سلعة السكر، وهدأت أسعار سلع عديدة مثل المخبوزات والمربات والحلويات والعصائر، لدرجة أننى اشتريت أمس الأحد من مول "سعودي» بدريم جركن زيت طعام وعليه كيس سكر هدية مجانية!
ولو تم تطبيق قرار الحظر على الإنتاج الزراعي، ساعتها لن نكتفى بالتصفيق لمعالى الوزير علاء فاروق لأنه بالفعل حقق الاكتفاء الذاتى من 9 مجموعات محصولية؛ بل سنقف له احتراما وتقديرا لو أوقف تصدير الخضر حتى يعود «العقل» إلى سعر الخيار والطماطم والبامية والملوخية، ويتوقف الجنون الذى أصاب البصل وجعل سعره يتجاوز سعر الجوافة والعنب والمانجو ويضع رأسه برأس التفاح الأمريكاني!
الموقف الثالث.. «اتكلم عربي»، وهى مبادرة انطلقت برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى من وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج فى ديسمبر 2020 فى ولاية السفيرة النبيلة «نبيلة مكرم» لربط المصريين بالخارج بوطنهم وتعليمهم اللغة العربية، ورغم أهميتها لأبناء المصريين بالخارج لكن ما أحوجنا لتطبيقها فى الداخل الآن، فلا يصح أن تكون اللغة العربية مجرد حروف جر وأدوات عطف فى حوار مذيع مع ضيوفه باللغة الإنجليزية فى برنامج تليفزيون مصري فنى صحى اجتماعي، ولا يعقل أن تكون أسماء الكافيهات والمولات والكمبوندات والأحياء والقرى السياحية باللغات الأجنبية، ولا يصح أبدا أن تكون الإعلانات على محور 26 يوليو من ميدان لبنان حتى طريق الواحات لمسافة 30 كيلومترا باللغة الاجنبية، لا يتوجه للمصريين العاديين إلا بعض إعلانات المطاعم وأسماء مسلسلات التليفزيون واسم جامعة النيل!،
ماذا يقول عنا الشاب العائد من الخارج وقد تجاوب مع نداء الوزيرة السابقة فى المرحلة الأولى من المبادرة بأن (حافظ على لغتك)، ثم يعود لبلده فى المرحلة الثانية التى حملت عنوان (جذورنا المصرية). فيجد أن جذوره المصرية قد غرقت فى حمى المصطلحات واللغات الاحنبية ؟!
بكل ثقة أتوقع أن تنجح مبادرة إعادة بناء الإنسان المصرى لو اعادت الاعتبار للغة العربية، لحظتها لا يساورنى شك فى قدرة المبادرة على إعادة الابتسامة للغتنا الجميلة، فهى لغة علم وتاريخ وحضارة، ويتكلم بها أكثر من 400 مليون نسمة حول العالم، ومازالت العديد من لغات العالم الإنجليزية والفرنسية والروسية واليونانية والإيطالية تحمل المئات من ألفاظ العربية ومازالت آلاف المصطلحات فى علوم الفلك والطب والهندسة والرياضيات والاجتماع بـ«العربية»، ويكفى العربية قداسة أنها لغة القرآن الكريم !
أدعو الله أن تعود الروح الى لغتنا الجميلة بمبادرة «بداية جديدة» ليرضى عنا شاعر النيل حافظ إبراهيم الذى نعاها قبل موته قبل 85 سنة قائلا:
وَسِعْـتُ كِتَـابَ الله لَفْظَـاً وغَايَـةً..
وَمَـا ضِقْـتُ عَــنْ آى بــهِ وَعِـظِـاتِ/
فكيـفَ أَضِيـقُ اليـومَ عَـنْ وَصْـفِ..
آلَـةٍ وتنسيـقِ أَسْـمَـاءٍ لمُخْتَـرَعَـاتِ/
أنا البحرُ فى أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ..
فَهَلْ سَأَلُـوا الغَـوَّاصَ عَـنْ صَدَفَاتـي؟
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية