تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > أنور عبد اللطيف > الاثنتان من بنات «حواء وآدم»!

الاثنتان من بنات «حواء وآدم»!

الاثنتان ضحية التغيرات المناخية.. وكل منهما من بنات «حواء وآدم» وتركت كل منهما رسالة تمثل هموم جانب من جوانب الكرة الأرضية .. ليت قمة المناخ تلتفت الى رسالتهما فى توصياتها النهائية!
- الأولى ناشطة سويدية، قطعت 7 الاف كيلو بالدراجة قبل أربعة أشهر لكى تصل وتشارك فى مؤتمر المناخ بشرم الشيخ «كوب 27»، ووصلت والتقت الرئيس السيسى أثناء جولته بالدراجة فى أنحاء انعقاد أكثر مؤتمرات المناخ صراحة ووضوحا فى عرض القضايا.والتزاما بتنفيذ تعهداتها.
 
- والسيدة الثانية اسمها مُزنة سيف الدين حسن سودانية من مدينة الفاشر بولاية دارفور، قطعت وثمانية من أفراد أسرتها ومواطنيها فى سيارة تويوتا مسافة 500 كيلو هربا من الجفاف والقحط والحروب القبلية بالسودان للبحث عن ملاذ آمن ، ووجدته ـ لسوء الحظ ـ فى مدينة الكفرة الليبية.. وبعد اختفائها شهورا ومن معها وجدوا جثثهم فى الصحراء على بعد 400 كيلو من مدينة الكفرة، وبجوارها رسالة أهديها إلى مؤتمر المناخ!

المواطنة السويدية من الناشطين المتحمسين مثلها مثل المئات بينهم مواطنتها الشابة "غريتا ثونبرج" التى عبرت المحيط لمدة أسبوعين للمشاركة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة على متن زورق شراعى ورسالتها الترويج لعدم استخدام الطائرات، ومثلهما أيضا من نشطاء البيئة الذين رصدهم موقع "الاندبندنت البريطانية" عشية انعقاد مؤتمر «كوب27».. اقتحموا مكان توقف الطائرات الخاصة فى مطار أمستردام بعد أن جلسوا أمام عجلاتها عدة ساعات ورسالتهم التوعية بحجم التلوث الذى يسببه التنقل بالطائرات الخاصة، والتى هى أكثر من 5 إلى 14 مرة تلوثاً لكل راكب من الطائرات التجارية، وما يصل إلى 50 ضعفا من القطارات، ويطالبون بأن تكون القمة القادمة افتراضية ولا يستخدم المشاركون الطائرات فى تنقلاتهم لأنها أكثر الوسائل تلويثا!

أما المواطنة السودانية مُزنة صاحبة الرسالة الثانية فكانت تعيش فى الجهة المقابلة من العالم وهى من الدول الأفريقية الفقيرة التى لاتسبب اكثر من ٣٪؜ فقط من الملوثات، ومزنة  أيضا من ضحايا التغيرات المناخية من ولاية دارفور لكن أحدا لم يسمع صراخها خلال قمم المناخ السابقة، لأنها باختصار ماتت ولا أحد يعرف بأى ذنب قتلت، ومثلها مثل الملايين فى إفريقيا تشاد وكينيا وغينيا والكونغو وتيجراي والسودان، الذين عبر عن مأساتهم الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته أمام القمة وقال: «الكوارث المناخية تتسارع وتيرتها، مخلفة وراءها الآلاف من ضحايا الجفاف والنازحين والمصابين، وكأن العالم أصبح مسرحاً لعرض مستمر للمعاناة الإنسانية فى أقسـى صـورها»، مؤكدا أن «ما تنتظره منا شعوبنا اليوم هو التنفيذ السريع والفعال والعادل».

كما اقترب من قضية «مزنة» وأسرتها ضمنيا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش فقال: إن البشرية أمام «خيار العمل معاً أو الانتحار الجماعى»، و«نحن نسلك الطريق السريع نحو الجهنم المناخى» ونواصل الضغط على دواسة السرعة!

ورغم أن الرئيس وصف القمة بأنها "قمة التنفيذ" لا المزيد من الوعود إلا أنها مكنت زعماء العالم بان "يغنى كل على ليلاه"، فالرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون طالب بـ «ممارسة الضغوط» على «الدول الغنية غير الأوروبية» - يقصد الولايات المتحدة والصين -  لتدفع «حصتها» للفقراء، وأن تتخلى الدول «النامية الكبرى» سريعاً عن الفحم، أما المستشار الألمانى أولاف شولتز الذى تشكل بلاده أحد المسببين الرئيسيين فى أوروبا لانبعاثات الغازات الدفيئة فقد طالب بشكل قاطع بوقف «أى إنعاش لموارد الطاقة الأحفورية» على مستوى العالم، وكاد رئيس جزر سيشيل المهددة بلاده بالغرق يصرخ فى الأغنياء «يجب أن تساعدونا على إصلاح الأضرار التى كبدتمونا إياها»!

وفى مؤتمر «التنفيذ» تشكلت ثلاثة تحالفات دولية لإطلاق "الوعود" بمستقبل أفضل، فهذا  تحالف «الشرق الأوسط الأخضر» الذى أعلنه ولى العهد السعودى لدعم مشروعات مبادرة الشرق الأوسط الأخضر على مدى السنوات العشر المقبلة. أما تحالف حماية الغابات برئاسة غانا والولايات المتحدة، فقد انضمت اليه 25 دولة، هدفه التعهد بوقف إزالة الغابات بحلول عام 2030، ولم تنضم اليه البرازيل التى تملك كنزا من غابات الأمازون المطيرة رئة العالم، وجمهورية الكونجو الديمقراطية التى تمثل غاباتها الشاسعة رئة إفريقيا ومأوى الحياة البرية المهددة بالانقراض،!
 
وآخر التحالفات تشكل من دول الصمود «فى وجه الجفاف» برعاية الرئيس السنغالى ماكى سال، وسيضم التحالف أكثر من 25 دولة و20 هيئة وهدفه تحسين الاستجابة المسبقة بدلاً من الاستجابة الطارئة، لكنه اعترف فى بيان مؤسسيه بأن «قدرتنا على الصمود فى وجه التغير المناخى رهن بصمود السكان فى أراضينا»..

وطبيعى ألا يصمد تحالف الفقراء فى وجه الجفاف أو الوعد بمستقبل أفضل، لكنهم وللأمانة أقرب إلى تنفيذ رسالة مزنة بنت دارفور  وجعلها بندا فى توصيات المؤتمر، وهى الرسالة التى حرزتها "نيابة الكفرة" وجدوها بجوار جثتها تقول كلماتها: «إلى من يجد هذه الورقة، هذا رقم أخى محمد…،أستودعكم الله، وسامحونى أننى لم أوصل أمى إليكم، بابا وناصر أحبكما، ادعوا لنا بالرحمة، أرجوكم اعملوا لنا سبيل مياه هنا»!

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية