تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
بعد أن تناولنا إفطار كعك العيد
كل عام والمصريون والفلسطينيون بخير. لقد ذهب رمضان ليأتى العام القادم. والذى أتذكره جيدا آننى كتبت مقالا بعنوان «رمضان كريم يا أهل غزة» فى بداية رمضان 2024 لينشر فى هذا الموقع من الجريدة، وتمنيت فيه ان تنتهى الحرب ويعود أهل غزة إلى ديارهم أو إلى بقاياها. كانت أمنية ولكنها لم تتحقق. الذى حدث كان المزيد من الدمار والكثرة غير الإنسانية من الشهداء وقعت حتى إنى لم استمتع بأى من المسلسلات المصرية التى تم إنتاجها حديثا والتى اعلم جيدا انها قدمت وجوها فنية جديدة لم تأخذ مكانها بعد بسبب ازدحام فنانينا الكبار للأعمال الرمضانية.
للأسف استمرت أحداث غزة تأخذنى وتشدني، كما تأخذ وتشد ملايين المصريين الآخرين، طوال الشهر الكريم. فلم أتركها لأنها لم تتركنا. حتى باتت المبانى انقاضا والشهداء بالالاف غالبيتهم من النساء والإطفال «رجال المستقبل». «نعم رجال المستقبل» لذا لابد من إبادتهم بمنطق الإسرائيليين.
فى وسط هذا الوضع المقلق لا يزال الجدل المصرى «حتى لوكان فى صفوف الصفوة من السياسيين» مستمرا ودائرا حول سؤال «مهم أيهما الأفضل بالنسبة للقضية الفلسطينية، الاستمرار فى المقاومة المسلحة ام محاولة قيادة المقاومة السلمية كما حدث سابقا فى هبة انتفاضة الحجارة؟.
ويثار هذا السؤال بعد أن تم تدمير غزة كلية واستشهد اكثر من 51 ألف فلسطينى وتم حصار ما تبقى من مقاومة ومعها البعض من الأسرى الإسرائيليين فى مساحة صغيرة ولكن غير معلومة فى أنفاق غزة «فى آخر تصريح إسرائيلى انها لم تستطع تدمير الا ربع الأنفاق الحمساوية». لم يستمر الوضع كما كان بل أصبح اسوأ وتعالت اصوات خارجية وإسرائيلية تشير إلى التهجير القسرى أو الطوعى لما تبقى من فلسطينيين الى بلاد أخرى لم تعلن اسماؤها او موافقتها كما استمر الفلسطينيون أو ما تبقى منهم على أرض غزة يعلنون تمسكهم ببلدهم وبأرضهم وبوطنهم.
إذن فقد تعقد الوضع وباتت الأمور اكثر ظلاما. ومع ذلك لا يزال بعض العقول المصرية تناقش وتختلف فيما بينها حول الحل السلمى والحل المسلح. وتشد وراءها العديد من العقول البسيطة التى لا تملك من القدرة إلا الحزن والبكاء على ما حدث ولا يزال يحدث وسيحدث مستقبلا فى غزة.
وفى خضم هذا الصراع الفكرى جاء ماكرون فى زيارة رسمية، هى الرابعة إلى القاهرة، واستقبل بحفاوة رسمية وشعبية غير مسبوقة. فى جامعة القاهرة تحدث الى مثقفى بلدنا حديثا تميز بقدر كبير من الحريات العامة والافق المستقبلى الواسع الذى يليق بالبحث العلمى وأفقه الواسع.
أما فى خان الخليلى والجمالية فقد شهد الرئيس الفرنسى حقيقة المصريين اولاد البلد الذين ربما قرأ عنهم فى موسوعة وصف مصر التى كتبها العلماء الفرنسيون فى بيت السنارى فى منطقة السيدة زينب ثم تركوها لنا مع رحيلهم عن بلادنا مع نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر. ولا تزال مرجعا اساسيا لدارسى تاريخ مصر الحديث. ولكن حدث أنه فى أثناء زيارة ماكرون للقاهرة ان طار نيتانياهو الى واشنطن واجتمع بـترامب فى البيت الأبيض وأكدا معا ان التهجير الفلسطينى سيتم إلى بلاد لم يعلناها.
مما اعطانى احساسا بانى اعيش أمام عالم غربى حكومى منقسم لطرفين متناقضين الأول بقيادة الاتحاد الأوروبى والثانى بقيادة البيت الأبيض. أحساس شخصى أرجو الا يكون الواقع أو الحقيقة. ولكن اكتشفت انه احساس عدد كبير من اصدقائى وأحبائى المصريين. فالقضية الفلسطينية التى استمرت بؤرة وموطنا للخلاف السياسى بين العرب والإسرائيليين منذ 1948 باتت موطن خلاف بين دول الغرب. بالمنطق الذى خرجت به من زيارتى ماكرون للقاهرة ونيتانياهو للولايات المتحدة ترسخ لدى احساس أن أوروبا بدولها السبع والعشرين أقرب إلينا من الولايات المتحدة «بالنسبة للقضية الفلسطينية» بولاياتها الواحد والخمسين «خمسين ولاية أمريكية بالإضافة إلى ولاية إسرائيل».
نعم إسرائيل التى اسسها الغرب لتكون سلاحه فى طعن العرب منذ نهاية القرن التاسع عشر. فى كل مرحلة من مراحل الصراع وحلقات الصراع الفلسطينى والعربى الإسرائيلى كان التصريح الاول الصادر من البيت الأبيض هو «أمريكا مسئولة عن أمن وحماية إسرائيل». وكأنها إحدى الولايات الأمريكية. حتى لو كانت هى المعتدية على الحقوق العربية. ولنتذكر العدوان الثلاثى على مصر عام 1956. خرجت كل من بريطانيا وفرنسا بضغط من البيت الابيض بلا مكاسب تذكر.
أما الموقف المتشدد المصرى الحالى من رفض التهجير بكل اشكاله وانواعه فقد بدأ منذ فترة حين اقترب نيتانياهو من المخلوع محمد مرسى وطلب منه اعطاء الغزاويين قطعة ارض من شمال سيناء، يومها سمعنا ان الرفض جاء من جهتين، من الرئيس محمود عباس ومن القوات المسلحة والمخابرات المصرية على اساس ان هذا الطلب يعنى تصفية القضية الفلسطينية.
وقد عرض شريط تليفزيونى للمقابلة بين أبومازن ومحمد مرسى خاص بهذا الطلب. وفى إطار هذا الموقف اعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى موقف مصر الحاسم الذى لا يتزحزح عن رفض مصر للتهجير من اى نوع فور أحداث السابع من اكتوبر 2023 وهو الموقف الذى يؤيده بشدة الشعب المصري.
ولا يزال. وهو موقف أراه أكثر نضجا من المواقف الشعبية السابقة التى كانت تتغنى بالسلاح والبندقية والتى لم تكن تعترف بأننا نقاتل الولايات المتحدة بمؤسستها العسكرية المكونة من ملاك وصناع وتجار الأسلحة التى تقتل كل الشعوب دون أن يستطيع الشعب الأمريكى محاسبتها.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية