تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > أمينة شفيق > الولايات المتحدة الأمريكية.. ماذا تريد منا؟

الولايات المتحدة الأمريكية.. ماذا تريد منا؟

لم أعد أفهم الخط السياسى الذى تتعامل معنا عليه الولايات المتحدة الامريكية. كل الذى أعرفه ومتأكدة منه أنها منحازة إلى اسرائيل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أنحيازا مطلقا. وهذا أصبح واضحا تماما حتى لهؤلاء الذين لم يفهموه من قبل. والسبب بسيط للغاية وهو أنى باستمرار كنت انحاز الى قضية العدل الاجتماعى ليس فقط بين الأغنياء والفقراء بشكل عام وفى بلدى بشكل خاص وإنما أقف بلا تردد مع حركات التحرر الوطنية وحقوق الشعوب الصغيرة، وهذا ما لا تفهمه الولايات المتحدة.

أو الأصح تعرفه ولكنها تعمل عكسه لمصلحة مؤسساتها البترولية والعسكرية والمعلوماتية وقواعدها العسكرية ومصالحها المنتشرة فى بلدان العالم. وهى على استعداد أن تضحى ليس فقط بالدول الصغيرة حفاظا على مصالحها الخاصة هذه وإنما على رؤساء جمهوريتها «شخصيا» حماية لهذه المصالح. ومثال على ذلك الراحل جون كينيدي. فنحن إلى لحظتنا التى نعيشها ننتظر معرفة من قتله.

 

المهم الآن أنى أعرف أن انحيازها الى إسرائيل مطلق ولا يحتاج الى مناقشة وبدأ ذلك من بعد الحرب العالمية الثانية بوضوح. فإسرائيل هى صنيعة بريطانيا العظمى عندما كانت بريطانيا عظمى ثم قفزت بولائها من بريطانيا الى الولايات المتحدة بعد ان بات الدولار السيد القائد.

وإذا أحست أن القيادة تنتقل الى بلد آخر فسوف تقفز عليه. ويمكن أن تحتفظ بعلاقات قوية مع سيدها القديم ولكنها تستمر وراء مصالحها ومدركة تماما رسالتها الأساسية منذ مؤتمر بازل عام 1897 التى وجهتها إلى الغرب «نحن حماة مصالحكم فى الشرق الأوسط» والتوقيع «هرتزل» وكان ذلك قبل اكتشاف البترول. فمصالحها، أى إسرائيل، كولونيالية من الدرجة الأولى. ولم يكن من مصالح غربية فى ذلك الوقت فى الشرق الاوسط إلا قناة السويس. الطريق السهل الى المستعمرات فى الشرق الأقصى.

لذا من جانبي، لا أثق فى البلدين معا وأعلم أنهما ضد مصالح بلدنا الذى أرادت الجغرافيا أن يكون مسئولا عن شعبه وعن الشعب الفلسطينى منذ أن طرد من بلده عام 1948. هكذا أرادت الجغرافيا التى درسناها منذ أن كنا صبايا.

والآن.. ماذا تريد الولايات المتحدة منا؟

فى القديم كانت تريد منا السلام مع إسرائيل وكان لها ما ارادت مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد بغض النظر عن معارضة البعض منا أو تأييد البعض الآخر لها.

لكن فى نهاية الامر استطعنا إغلاق حدودنا عندما ارادت إسرائيل التخلص من الشعب الفلسطينى وقضيته عند بداية شنها حربها الضروس الهادفة إلى إخلاء غزة من البشر وجعلها أرضا إسرائيلية تتوسع فيها المستوطنات والمستوطنون الجدد.

وهو ما جاء على لسان نيتانياهو فى رده عل سؤال صحفي: «ماذا تتوقع من الشعب الفلسطينى إذا ضغطت عليه حربا؟». اجاب سوف يزحف إلى المعبر الفاصل بينه وبين مصر ليزحف على شمال سيناء. وهو الرد الذى اعقبه مباشرة خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى ذكر فيه موقف مصر الحاسم «لن نقبل بتهجير الفلسطينيين إلى أى بلد لأن ذلك يعنى تصفية القضية الفلسطينية وهو ما لن نقبله. ثم كرر، نحن لن نقبل تصفية القضية الفلسطينية». وهو موقف لقى قبولا عاما من كافة جموع وطبقات الشعب المصري.

ولكن شهية الولايات المتحدة لا تغلق أبدا. تستمر مفتوحة وتطلب «المزيد».

الآن..

تريد منا أن نقف موقفا سلبيا مما يحدث فى أرض غزة.
بمعنى أنها تريدنا ان نسكت على إبادة الشعب الفلسطينى فى غزة وفى الضفة بحجة أن إسرائيل دولة صغيرة تعيش على مساحة صغيرة الحجم وتسعى الى التوسع لمواجهة الزيادة السكانية اليهودية فى بلدها» هكذا صرح ترامب عندما أعلن نيته الاستيلاء على غزة وجعلها الريفييرا العربية «ومن وجهة نظره يكون التوسع على البلدان المجاورة التى تملك الأرض المتسعة على ناسها». فرئيس البيت الابيض يتعامل مع البلدان وحدودها المستقرة كتعامل رجل الأعمال. فهو يذهب بمفهومه إلى البعيد يريد ضم كندا لتصبح الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة الأمريكية. بغض النظر عن اتفاقية النافتا التى وقعت بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك منذ سنوات والتى سهلت مرور السلع بين البلدان الثلاث.

والآن..

وبعد إلغاء بنود الاتفاقية من الجانب الأمريكى يقف المستهلك الامريكى فى الطابور لشراء البيض الذى هو البروتين الأساسى للفقراء. فالبيضة فى الولايات المتحدة أصبحت بـدولار ونصف دولار. وتستمر شهية الولايات المتحدة مفتوحة لا تغلق أبدا مادامت تحركها مصالح المؤسسات المالية الكبرى التى ذكرتها قبلا.

وفى النهاية..

حدد إحدى رؤاه وبدأ يعلق صراحة عن عدم رضاه عن أوضاع حوض البحر الابيض المتوسط دون ان يحدد ماذا يخبئه لنا. ولا أتوقع أن يكون خيرا لا علينا ولا على أوروبا التى يحاول إضعافها. فشهية الولايات المتحدة دائما مفتوحة ومتجددة حتى وصلت بغرورها إلى صلب العالم القديم.

ثم ماذا نريد منها؟

كل الذى نريده هو الاعتراف بالحقوق التى يضمنها لنا القانون الدولي. ولنا هنا تعنى الدول والشعوب الصغيرة التى كانت فى يوم ما مستعمرات ثم أعلنت الولايات المتحدة إعلانها الشهير «إعلان ولسون الخاص بحق الشعوب بتقرير مصيرها».

نريد منها أن تلتزم بما تقوله وتعلنه.

نريد منها الانسحاب من أى مشروع يهدف الى المساس بوحدة دولنا وأوطاننا. فنحن شعوب تبحث عن نموها ووحدتها وسلامها. هذا مطلبنا الوحيد والأساسي. ونكره التدخل فى شئوننا الداخلية من أى قوى مهما عظم شأنها عالميا.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية