تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > د. آمال عثمان > القصور الثقافية تحت القبة!

القصور الثقافية تحت القبة!

جاء قرار إغلاق نحو 120 بيتًا للثقافة والمكتبات العامة، فى لحظة بدت أشبه بالانسحاب من ساحة المعركة. القرار الذى فجّر عاصفة من الرفض تحت قبة البرلمان، لم يكن مجرد خطوة إدارية، بل زلزال ثقافى ضرب أطراف الوعى فى جسد الوطن، وكأن الحكومة قد ضاقت ذرعًا بالفكر، ورأت فى الوعى عبئًا ثقيلًا على الخزانة العامة.

واجهت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، د. أحمد هنو، وزير الثقافة، بأسئلة لم تتعلق فقط بمدى مشروعية القرار، بل أيضًا بتوقيته، ودلالته السياسية والرمزية. تحوّلت الجلسة إلى ما يشبه محاكمة علنية لسياسات الوزارة، فى وقت تمر فيه البلاد بتحديات ثقافية وفكرية جسيمة، وحملت كلمات النواب فى طيّاتها صرخة واعية ترفض أن يصدر قرار كهذا من وزير محسوب على النخبة الثقافية.
 

تذرّع الوزير بديون تجاوزت 2 مليار جنيه، لكن تبريره لم يُقنع من يرون أن الإصلاح لا يعنى إغلاق «المستشفيات الثقافية»، فهل يُعالَج ضعف الأداء بالبتر؟! وهل الغلق هو الحل فى وطن لا يملك أصلاً رفاهية البدائل؟ إن البيوت الثقافية ليست جدرانًا ومقاعد مهجورة، بل ذاكرة شعب وسجل حياة، وجسور قائمة بين المواطن والدولة، والعقل والفراغ. ورغم هشاشة البنية، وضآلة الميزانيات، وانعدام الإمكانيات، ظلت تلك البيوت لعقود ملاذًا لفقراء الحلم، وجمهور الظل، ممن لا يملكون منبرًا فكريًا أو متنفسًا ثقافيًا.

الأزمة أعمق من مجرد قرار إدارى، إنها تجلٍّ واضح لتآكل إيمان الوزارة بأهمية الثقافة فى بناء الإنسان، ما دفع النائبة «منال هلال» إلى وصف القرار بأنه «مساس بالأمن القومى الثقافى»، نحن أمام لحظة فارقة، ليس فقط فى ملف الثقافة، بل فى صورة الدولة كحارس للوعى، فحين تُدار الثقافة بالأرقام الجافة، دون استحضار أثرها فى نسيج المجتمع، فإننا نسير عكس اتجاه التاريخ. المعركة ليست حول أبواب مغلقة، بل حول عقول يجب أن تظل مفتوحة، فإغلاق بيت ثقافة لا يعنى فقط إطفاء مصباح، بل إشعال ظلام تمتد آثاره لما بعد أعمار الوزراء والسياسيين أنفسهم.

صحيح أن الوزير أكد انفتاحه على جميع الاقتراحات التى تصب فى صالح الثقافة وزيادة الوعى، لكن النية شىء، والتنفيذ شىء آخر تمامًا. وإن كنا نتحدث عن «جمهورية جديدة»، فلا يجوز أن تكون بلا ضمير ثقافى ولا ذاكرة حية، ولا حلم مشترك.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية