تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
عملية غزة في 7 أكتوبر 2023.. الأهداف والنتائج
1 ـ
استيقظت منطقة الشرق الأوسط، صباح السبت السابع من أكتوبر الماضى على أنباء قيام عدد من مسلحى حركة المقاومة المسلحة الفلسطينية (حماس)، بعملية نوعية استمرت فعالياتها لأكثر من 48 ساعة، كانت كافية لتغيير العديد من الثوابت السياسية والأمنية، بل والجيوسياسية، المتعلقة بطبيعة الصراع التاريخى فى الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
بادئ ذى بدء.. لابد من التعرف على أهداف ودوافع هذه العملية لكل طرف من طرفى النزاع في هذه المرحلة الدقيقة من مراحل النزاع العربى الإسرائيلى، حيث أعربت حركة حماس عبر لسان أحد قادتها أن الغرض الرئيسى من العملية، هو مهاجمة فرقة غزة فى الجيش الإسرائيلى، حيث توفرت معلومات عن استعداد تلك الفرقة للقيام بعملية هجومية داخل القطاع خلال أيام .. وفرقة غزة هى التشكيل المكلف بحراسة وتأمين حدود قطاع غزة المشتركة مع الجانب الإسرائيلى، بالإضافة إلى تكليفها ببعض العمليات النوعية داخل القطاع عند الحاجة إلى ذلك مثل تدمير الأنفاق حال اكتشافها، أوتصفية بعض القيادات العسكرية النشطة حين رصدها.
ومن ثمّ، فقد صدرت التكليفات العاجلة لعناصر القسام (الجناح العسكرى لحماس)، بتنفيذ عملية نوعية شاملة استباقية ضد مراكز قيادة الفرقة، وعناصر المراقبة والسيطرة على السياج الحدودى الفاصل بين إسرائيل والقطاع، وهى عملية قد تم التخطيط والإعداد لها بدقة شملت هجوم عناصر من البر والبحر، تحت غطاء من الصواريخ أرض أرض محلية الصنع، حيث نجحت تلك العناصر فى مهاجمة مركز قيادة الفرقة، بل ونجحت فى احتلاله لمدة سبع ساعات..!!
واستطاعت تدمير أبراج الاتصالات، ونقل المعلومات، مما أربك قيادات الفرقة، وجعلها تنهار فى ساعات محدودة، بشكل كامل، وهو أمر فاجأ الحمساويين أنفسهم، فكان أن اندفعوا فى تلقائية إلى المستعمرات المحيطة بقطاع غزة، والمسماه بمستعمرات غلاف غزة، حيث اشتبكوا مع ساكنى تلك المستعمرات؛ فأوقعوا منهم قتلى وأسروا البعض الآخر.. !! إلى أن استعاد الجيش الإسرائيلى زمام الأمور بعد عشر ساعات من بدء القتال، واستطاع السيطرة على مركز قيادة الفرقة مرة أخرى..!!
وأيا كانت أسباب القصور، أو التميز لدى الجانبين المتصارعين الإسرائيلى والفلسطينى فى هذه الأحداث المفاجئة؛ فإن لها من النتائج والتداعيات الكثير ليس على كلا الجانبين المتصارعين فقط، بل على المنطقة بأثرها، ولا نبالغ إذا امتد هذا التأثير ليشمل عددا من العواصم الكبرى..
فكانت أول هذه التداعيات، وأخطرها، إعلان إسرائيل القيام بعملية عسكرية ضخمة داخل قطاع غزة، خلال ساعات قليلة، وهو رد الفعل التقليدى والمتكرر لدى القادة الإسرائيليين، عقب كل عملية نشطة لعناصر المقاومة الفلسطينية فى الداخل الإسرائيلى، وهو أمر لابد وأن قادة حماس يدركونه تماما، ومن المفترض أنهم يمتلكون ما يكفى من أوراق الضغط العسكرى والمعنوى التى تحول دون تنفيذ هذه العملية البرية ضد سكان القطاع ..والتقليل من آثارها حال تنفيذها ..
وإحقاقا للحق لابد، وأن نعترف بضبابية المشهد السياسى والأمنى اليوم داخل الإقليم، حيث تضاربت المصالح وتقاطعت الأهداف، وتعددت الأقطاب الفاعلة؛ فمنها ما هو متواجد بحكم موقعه الجغرافى، ودوره التاريخى، الذى لا يستطيع التخلى عنه، ومنهم من هو متواجد بحثا عن مصلحة ضيقة أو عن دور مفقود يحاول استعادته، ومنهم من يتواجد بحثا عن دور ينفى به عن نفسه سمة التقذم، والتهميش، الذى يعانى منها، ولا يزال طيلة تاريخه المعاصر ..
ومن ثمّ، وجب علينا محاولة فك تلك المعادلات المركبة للعلاقات الدولية الآنية إلى عناصرها الأولية حتى يتمكن المتابع للشأن العام من استيضاح الأمور، وفهم ما يدور حوله من تداعيات وتهديدات تنعكس بالضرورة على استقراره وأمنه واقتصاده ..
فالجانب الإسرائيلى يعانى منذ فترة ليست بالقليلة من مظاهر عدم الاستقرار الداخلى، حيث دخل فى العديد من الأزمات أقواها كان قانون إقرار السلطة القضائية الجديد، التى كادت تعصف بوحدة المجتمع الإسرائيلى، وأخرجت الآلاف من المواطنين إلى الشوارع فى صور مظاهرات واضطرابات واعتصامات، نادرا ما تعرضت لها إسرائيل طيلة تاريخها، بالإضافة إلى تنامى الشعور لدى المواطن بعدم الاستقرار الاقتصادى حيث يتولد لدى الجميع أن الاقتصاد الإسرائيلى قائم على المنح والمساعدات أكثر من كونه اقتصادا منتجا، ومع افتقاد المواطن الإسرائيلى للأمن والأمان وزيادة معدلات التسرب من التجنيد الى درجات غير مسبوقة، وكثرة مشكلات المجندات داخل الجيش نفسه، وكلها مؤشرات تشير الى ضعف، وبدء تفك المجتمع حتى إن رئيس الوزراء أصبح يعانى لمجرد تشكيل حكومة توافقية تدير شئون البلاد .. فكان له ما أراد من توحيد صفوف الداخل بعد أن تم الإعلان عن عمليه حماس صباح السابع من أكتوبر ..ليس هذا فحسب بل أن أشد ما يزعج القيادة الإسرائيلية اليوم، هو اتخاذ مصر لإجراءات فعلية، وواقعية لتنمية سيناء لأول مرة، منذ تحريرها، فالجميع يعلم أنه لا يمكن تنميه سيناء من خلال معديات سيناء، وفى ظل وجود عناصر تكفيرية، تم تمركزها بتعاون وثيق بين طرفى النزاع اليوم داخل شمال ووسط سيناء ومع انتصار الجيش المصرى فى معركة الإرهاب، وبناء الأنفاق أسفل قناه السويس واستكمال ميناء ومطار العريش، وبدء عبور خط السكك الحديدية إلى سيناء، وتدبير المياه اللازمة لبدء استصلاح 400 ألف فدان داخل سيناء، أصبحت إعادة تمركز 2 مليون مصرى داخل سيناء مسألة وقت، لا أكثر، وهو ما يعنى ضياع حلم التوسع الإسرائيلى شرقا إلى الأبد، والقضاء على فكرة الوطن البديل لسكان قطاع غزة، أيضا إلى الأبد، وهو ما عجل من أمر اتخاذ قرار الضغط على الفلسطينيين فى شمال قطاع غزه لدفعهم إلى جنوب القطاع (على حدود مصر)، لزيادة المشكلة الديموجرافيه للقطاع كمرحلة أولى، وانتزاع منطقة عازلة مؤمنة تفصل بين القطاع وحدود المستعمرات اليهودية مستعمرات غلاف غزة، بعد إعادة تمركزها بالإضافة إلى تدمير شبكة أنفاق حماس أسفل القطاع (الهدف المباشر للعملية البرية المنتظرة).
أما الهدف النهائى، فهو تفريغ القطاع من سكانه على حساب الأراضى المصرية، باستغلال التأييد الدولى لهم نتيجة هجمات حماس فى السابع من أكتوبر عام 23 .. والتى جاءت على ما يبدو كهدية على طبق من ذهب. وعلى الجانب الأمريكى تلهث الإدارة الأمريكية خلف أصوات الناخب اليهودى، وتأثيره على الميديا داخلها وهى تستعد لانتخابات رئاسية، يخوضها الحزب الديمقراطى الحاكم (نوفمبر 24) بخسائر فى كل الملفات الخارجية (أوكرانيا –الاتحاد الأوروبى -الصين –تفكك النظام العالمى الأحادى -..) والملفات الداخلية (تضخم – أكبر نسبة ديون – الدخول فى مرحلة الكساد الاقتصادى ..) فكان لها أن قدمت الدعم العسكرى غير المحدود لإسرائيل بدفع أكبر، وأحدث حاملة طائرات لديها مع 26 من قطع الحماية فى تظاهرة بحرية ليست موجهة ضد حماس بالطبع، ولا حزب الله، ولا الجيش اللبنانى، ولا الأردنى ..ولا حتى الإيرانى فنصف قطر القتال للطائرات f-18 القابعة على ظهر هذه الحاملة من شرق المتوسط لا يصل إلى الأراضى الإيرانية .. !!
ومن ثم اكتملت الصورة إلى حد بعيد، خاصة بعد ما صدر من الإدارة الأمريكية من قرارات بحجب جزء من المعونة العسكرية المخططه ضمن بنود اتفاقية السلام لممارسة مزيد من الضغوط على الجيش المصرى، ومن عجائب (الصدف السياسية)، ان هذه الحاملة، والتى تعد الأحدث والأكبر لدى أمريكا، والتى استمر بناؤها أحد عشر عاما، ودخلت الخدمة عام 2021 كان سبق وأن اتهم أحد المهندسين المصريين فى عام 2014 بمحاولة التجسس، وتحديد نقاط الضعف، التى يمكن مهاجمتها منها وحوكم فى أمريكا بالفعل .. ولتصبح أول مهامها خارج أمريكا بالقرب من الشواطئ المصرية..!!
إن الدولة والإدارة المصرية بالنسبه لكل من أمريكا – إسرائيل – بريطانيا والتى دخلت على الخط اليوم بدفع قطعتين بحريتين لدعم إسرائيل اليوم .. هى كابوس يحاولون الاستيقاظ منه.. ولا سيما وأنها لا تدعم سياسات الهرولة العربية للتطبيع المجانى مع إسرائيل من قبل بعض الأشقاء والتى تتم حاليا ..
يمكرون ويمكر الله والله خيرالماكرين .....صدق الله العظيم
وللحديث بقيه بإذن الله
2 ـ
تعرضنا في مقالنا السابق لعملية غزة في 7 أكتوبر الأهداف والنتائج (الجزء الأول) إلى محاولة إيضاح وتفسير للأسباب التي أدت لهذه العملية وبعض من نتائجها .. ونظرًا لسخونة الأحداث وسرعة تطورها نستكمل معًا تداعيات هذه العملية على كافة الأطراف سواء المشاركة بشكل مباشر في تلك الأحداث أو الغير مشاركة في ما حدث ..
ونؤكد على أن أهم أسباب ما حدث بصرف النظر عن السيناريو الذي تم به، هو وجود أزمة ضخمة يعاني منها الجانب الإسرائيلي سواء على الصعيد الداخلي الملتهب والقابل للتفكك والتحلل بصورة غير مسبوقة .. بالإضافة إلى معاناة الاقتصاد الإسرائيلي في ظل الأزمة المالية العالمية الحالية وانشغال الغرب بتمويل أوكرانيا في حربها ضد روسيا مما أثر بشكل بالغ على حجم المنح والمساعدات الواردة إلى إسرائيل .. ومن ثم كان من الضرورى البحث عن مخرج يحقق لم شتات الدخل الإسرائيلي المتمزق .. وهو ما حدث مؤقتًا عقب الإعلان عن عمليه غزة وفي نفس الوقت يسمح بحزمة من المساعدات الإقتصادية الضخمة والعاجلة .. وهو أيضًا ما تم ما بين ليلة وضحاها، حيث تم تمرير حزمة ضخمة من المساعدات الإقتصادية الأمريكية لـ إسرائيل (14مليار دولار- مرحلة أولى) وحزمة أخرى من الدول الغربية (غير مُعلن عنها) يدفعها دافع الضرائب الأمريكي والأوروبي صاغرًا في كلًا منهما دون حق السؤال أو النقاش أو الاعتراض .. كأحد صور الديمقراطيات العرجاء التي تمارسها تلك الدول على مواطنيها ..؟
فيكفي أن تعلم أن مصر تخوض مفاوضات مضنية مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض (3 مليار دولار) تُصرف على دفعات !! بشروط اقتصادية قاسية تشمل إطلاق سعر صرف الدولار (المزيد من الخفض لقيمة الجنيه) وتقليل تدخل الدولة في الاقتصاد ؟ وتقليل دور الجيش في الاقتصاد ؟ وحدوث تحسن ملموس في الممارسات المتعلقة بـ حقوق الإنسان في مصر ؟؟ وهي كلها شروط شبه تعجيزية وتعد تدخل سافر في الشأن الداخلي المصري .. رغم أن في النهاية حجم القرض المزمع لا يتجاوز 25% من قيمه ما حصلت عليه إسرائيل في 48 ساعة مع الفارق الضخم في عدد السكان .. !!
بالإضافة إلى ما سبق فإن شعور الجانب الإسرائيلي بأن ما يتم في سيناء من تعمير وتنمية حقيقية لأول مرة في التاريخ المعاصر يهدم أحلامهم المؤجلة (بفعل إتفاقيه السلام) في التوسع شرقًا على حساب الأراضي المصرية .. فعملية إعادة تمركز الملايين من المصريين في شبه جزيرة سيناء أصبحت مسألة وقت لا أكثر بعد إستكمال الأنفاق أسفل القناة والدخول الفعلي للسكة الحديد وإنشاء المطار والميناء بمواصفات دولية وتدبير المياه اللازمة لإستصلاح 400 ألف فدان (من محطة معالجة المياه ببحر البقر) وإنشاء عدد من التجمعات السكانية الجديدة في ظل نجاح الجيش في القضاء على الإرهاب الذي تم زرعه أساسًا في سيناء لعرقلة التنمية بها والتمهيد لترحيل الفلسطنيين إليها، ومع فشل هذا السيناريو بفضل دماء وتضحيات شهدائنا من قواتنا المسلحة الباسلة وأهالي سيناء الشرفاء كان لزامًا إيجاد السيناريو البديل وهو ما نراه الأن .. إلا إننا في خضم هذه الأحداث لا نستبعد أيضًا الدافع الاقتصادي لتهجير سكان شمال غزة تحديدًا بغرض إنشاء منطقة عازلة كاملة تؤمن مستوطنات غلاف غزة، والأهم تؤمن التوسعات المخططة لميناء أشدود الإسرائيلي (60 كم شمال قطاع غزة) وخط السكة الحديد السريع المزمع إنشاؤه للربط بين مينائي إيلات (على البحر الأحمر) وميناء أشدود (على البحر المتوسط) وهو الخط المقرر له منافسة مسار قناة السويس .. بالحصول على جزء من حركة التجارة الدولية المارة في هذه المنطقة على حساب قناة السويس بالطبع ..
ومن ثم فإن أهداف وتوقيتات تلك العملية التي بدأت في السابع من أكتوبر ، ولم تنته بعد تبدو واضحة تمامًا لمتخذ القرار المصري منذ اللحظات الأولى لها خاصة مع تزامنها مع العديد من الممارسات والسياسات الاقتصادية والعسكرية التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية ضد مصر منها حجب جزء من المعونة العسكرية (300 مليون دولار) من إجمالي (1300 مليار دولار) بحجة وجود تجاوزات للقاهرة في ملف حقوق الإنسان .. !! ، مما يعني ممارسة ضغوط مباشرة على القوات المسلحة المصرية من حيث تدبير قطع الغيار والذخائر اللازمة للسلاح الأمريكي الموجود في القوات المسلحة المصرية بالإضافة إلى الإعلان المفاجئ عن اتهام السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز رئيس لجنة شئون العلاقات الدولية في مجلس الشيوخ الأمريكي، بتلقي رشاوي للعمل لصالح مصر .. بالإضافة إلى الضغط الاقتصادي من خلال المؤسسات المالية الدولية سواء بالتباطؤ في الإقراض مع التخفيض المتتالي لتقييم الاقتصاد المصري لافزاع المستثمرين وإيقاف عجلة التنمية المتسارعة في مصر بشتى السبل ..
أما عن النتائج المحتملة لهذه العملية فعلى الجانب الإسرائيلي أصبح "نتنياهو" يعاني على المستوى الشخصي من انخفاض حاد في شعبيته، أصبح معها غير مرغوب فيه كرئيس للوزراء ، ومن ثم فمن المتوقع عدم استكمال فترته كرئيس للوزراء وسيتم الدعوة لانتخابات مبكرة كما هو معتاد في إسرائيل في مثل هذه الأحوال للإطاحة بـ"نتنياهو" والذي اعتبر إنه انتهى سياسيًا إلى الأبد بعد هذه العملية .. كذلك سيتم عزل أو استبعاد كلًا من وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس الأركان وعدد من كبار القادة في جيش الدفاع الإسرائيلي ومن غير المستبعد محاكمة البعض منهم على التقصير الحادث في يوم السابع من أكتوبر .. وعلى مستوى الداخل الإسرائيلي ستزداد حالة عدم الرضا عن أوضاع الدولة اليهودية (أمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا) في البلاد بالإضافة إلى حالة عدم الثقة في المؤسسة العسكرية، وبالتالي من المرجح بدء موجة من الهجرة العكسية (الهجرة إلى خارج إسرائيل) قد تستمر لسنوات خاصة لمزدوجي الجنسية ومن هم من أصول أوروبية وأمريكية تحديدًا ..
وعلى الجانب الأمريكي فإن أداء "بايدن" خلال الأزمة قد شابه العديد من الأخطاء الفادحة سواء في الصورة السلبية التي صدرها عن الولايات المتحدة بإعتبارها الراعي الرسمي لمبدأ عدم إحترام حقوق الإنسان في العالم .. وتوجهه إلى المنطقة بنفسه وزيارته لـ إسرائيل لإظهار دعمه وتأييده لإباده شعب محتل أعزل ..!!
بما لا يتناسب مع قيمة الولايات المتحدة كقوة عظمى وكانت الإهانة الكبرى برفض كلًا من الرئيس السيسي والملك عبدالله مقابلته بعد ان تم الاعلان عن قمة تجمعهم في سابقه أظن إنها تحدث للمرة الاولى لرئيس الولايات المتحدة!!
وكان الأغرب إنه أعلن للرأي العام الداخلي في أمريكا وهو في طريق العودة إنه حقق كل ما أتى من أجله إلى المنطقة ..؟؟ ولا نعلم ما الذي حققه إلا إذا كان تبادل العناق مع "نتينياهو" سبب كاف للسفر 20 ساعة ذهاب وعودة في نفس اليوم ..؟ وبالتالي فإن فرص نجاحه في الانتخابات القادمة (9/2024) تتضائل بشدة ليلحق برفيقه "نتينياهو" خارج العمل السياسي نهائيًا كأحد أبرز الرؤساء الأمريكيين اخفاقًا.
أما على الجانب العربي، فقد أصبحت سياسات الهرولة نحو التطبيع المجاني مع إسرائيل والتي تمارسها بعض الأنظمة العربية وخاصة الدول الخليجية تحتاج إلى إعادة نظر، وهو ما حذرت منه مصر مرارًا وتكرارًا، وأعتقد أن الأمور تستحق مزيد من الدراسة والتأني في هذا الملف الشائك، والذي قد يطيح بمستقبل تلك الأنظمة ويزج بها في صراعات داخلية غير مستبعدة .. بالإضافة إلى ضرورة مكاشفة تلك الأنظمة في جدوى وجود قواعد عسكرية أمريكية على أراضيها (الملف المسكوت عنه) .. وتأثير ذلك على قراراتها وسيادتها وهو ما وضح جليًا خلال هذه الأزمة .. وظهر واضحًا في مؤتمر القاهرة للسلام والذي تحاشى البعض منهم الحضور واكتفى من حضر منهم بعدم الكلام ..؟؟
وقبل أن أنهي مقالي، لابد وأن نتوجه بالشكر للسيد "نتينياهو" على ما قدمه من خدمة جليلة لنا رغم الألم الذىي يعتصرنا مما يحدث لسكان غزة من إبادة وتهجير قصري، حيث ساهم عن دون قصد في خلق أجيال جديدة من الصبية والشباب المصري الذي أضحى يكره كل ما هو إسرائيلي .. ويعلم تمامًا مدى ما تتمتع به هذه الدولة من صلف وغرور ونازية، وأنهم لا يأمن لهم جانب، وهو أمر لو تعلمون عظيم .. أما الشكر الآخر فمن نصيب "بايدن" الذي أوضح الصورة الحقيقية للولايات المتحدة لأبنائنا وإنها دولة شعارات جوفاء وتتصرف طبقًا لمصالحها وليس انتصارًا لأي مبادئ أو قيم عكس ما تردده الميديا الأمريكية ليل نهار ، وعكس ما يردده عملاؤها في الداخل المصري أو خارجه من إنها واحة الديمقراطية والحرية و حقوق الإنسان ..
فرُب ضارة نافعة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية