تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
هل يبارك الرب حروب إسرائيل؟
سنتوقف اليوم فقط عن سرد تاريخ الحروب الصليبية والتى استخدم فيها الصليب كغطاء لتبرير همجية الحروب وقتها لأناقش فكرة مرتبطة بنفس المنهج.
لقد استخدم الرئيس الأمريكى «جورج بوش» نفس الكلمة بكل سذاجة بعد أحداث سبتمبر 2001م فى حديثه مع الصحفيين فى البيت الأبيض وقال لهم: «إنه سيخوض حربا صليبية جديدة على الإرهاب». وفى حوار له مع قادة فلسطين «محمود عباس» و«نبيل شعث» نشرته صحيفة الجارديان نقلا عن بى بى سى فى أكتوبر 2005م قال: «أنا مدفوع بمهمة من اللـه، اللـه قال لى يا جورج اذهب وقاتل هؤلاء الإرهابيين فى أفغانستان، وقاتل صدام حسين فى العراق».
لعل هذه الكلمات نقرأها الآن ونحن نبتسم من سذاجة الطرح ومحاولة تغطية سفك الدماء والقتل باسم الرب، ولكن الغريب أن هذا الأمر أصبح مستمرا وله قناعات فى المجتمع الأمريكى والغربي، ففى لقاء على قناة فوكس نيوز استضاف الإعلامى «تاكر كارلسون» السيناتور الأمريكى «تيد كروز» يوم 18يونيو الماضى الذى برر حرب إسرائيل على إيران ودعم أمريكا لها قائلا: «فى مدرسة الأحد تعلمت من الكتاب المقدس أن مَنْ يبارك إسرائيل يباركه الرب، ومَنْ يلعن إسرائيل يلعنه. وأنا أريد أن أكون فى جانب البركة».
فقال له «كارلسون»: «فى الكتاب المقدس أين تحديدا؟»، فرد عليه السيناتور وقال: «أنا لا أحفظ النص بدقة، ولكنه موجود».
وأثار هذا النقاش الجدل الدينى والسياسى فأعلن التيار الصهيونى المسيحى الأمريكى أن هذه الآية والتى يقصدها السيناتور مذكورة فى تكوين (12: 3) وكانت موجهة إلى إبراهيم الذى منه اسحق ويعقوب والأسباط الإسرائيلية: «أبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه، وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض».
والغريب أن السيناتور الأمريكى يقول إنه تعلم هذا فى مدارس الأحد المسيحية رغم أن السيد المسيح قال فى إنجيل متى 23 لليهود: «أيها الحيات أولاد الأفاعى كيف تهربون من دينونة جهنم؟.. يأتى عليكم كل دم زكى سفك على الأرض. يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها كم مرة أردت أن أجمع أولادك؟ ولم تريدوا. هوذا بيتكم يترك لكم خرابا».
ونعود إلى قول الرب إلى إبراهيم أب الآباء فى سفر التكوين فإن هذه البركة كانت خاصة به شخصيا، وقد يظن أحد أن الرب فعلا أعطى لهم البركة طيلة الأزمنة، وهذا لم يحدث. فأين كانت هذه البركة حين تسلم موسى النبى لوحى الشريعة ونزل فوجد الشعب قد عبد العجل فقال الرب لموسي: «هذا الشعب صلب الرقبة فالآن اتركنى ليحمى غضبى عليهم وأفنيهم... فأصيرك شعبا عظيما»، فالرب الذى قال لإبراهيم هذا قال أيضا لموسى النبى هذا.
وليس هذا فقط، ولكن قال للشعب فى سفر التثنية: «إن لم تسمع لصوت الرب إلهك... تجيء عليك جميع اللعنات تكون ملعونا فى المدينة... فى الحقل، ملعونة ثمرة بطنك وثمرة أرضك». أى أن البركة مرهونة بإتمام وصايا الرب. ويقول أيضا إن لم يسمعوا للرب: «يجعلك الرب منهزما أمام أعدائك، تكون جثثك طعاماَ لجميع طيور السماء ووحوش الأرض».
وقد تركوا الرب فعلا لذلك يقول الرب فى سفر إشعياء ويصفهم بأوصاف بشعة لأنهم تركوا الرب ويقول: «الثور يعرف قانيه، والحمار يعرف صاحبه، أما إسرائيل فلا يعرف وشعبى لا يفهم... كل الرأس مريض وكل القلب سقيم».
وأين هذه البركة حين أتى إليهم نبوخذ نصر وسباهم فى القرن السادس قبل الميلاد؟ وحتى حينما رجعوا فى عصر كورش الفارسى صاروا تابعين وليس مملكة. وتوالت الممالك بعد فارس اليونان والرومان. وأين بركة الرب حين حدث هدم هيكلهم الذى كان رمز وجود الرب وسطهم ثم صاروا مشتتين ولم يعد لهم مملكة أو وطن حتى بداية القرن العشرين؟
ولكن هذا التيار المساند لهذه الأفكار قد بدأ منذ القرن السادس عشر حين انتشر البروتستانت وفسروا الكتاب المقدس حرفيا لصالح اليهود الذين أصبح لهم مركز كبير وسيطروا على الاقتصاد فى أوروبا. وكتب «مارتن لوثر» كتاب عام 1523م اسمه «يسوع ولد يهوديا» وقال فيه: «إن اليهود هم أبناء اللـه». وجاء بعده «جون كلفن» أحد رواد الفكر البروتستانتى فى القرن السادس عشر وأعلن أن اليهود شعب اللـه المختار.
وفى القرن الثامن عشر جاء «ريتشارد باكستر» كاتب ومفكر بروتستانتى إنجليزى لم يقل فقط إن اليهود شعب اللـه المختار، بل قال إن البريطانيين هم القبائل التى هاجرت مع القبائل الجرمانية وأصبحت فيما بعد شعب بريطانيا وأصولهم من الأسباط اليهودية.
وانتشرت هذه الأفكار فى أمريكا عن طريق جماعات مسيحية بروتستانتية صهيونية مثل الأرمسترونجيين أتباع «هربرت أرمسترونج» الذى اعتبر بريطانيا وأمريكا هم شعب اللـه المختار. وجماعة أخرى اسمها «رابطة العهد البريطاني» فى إسرائيل تأسست عام 1919م.
وبدأت هذه الجماعات تؤسس كنائس لها هذه الأفكار مثل كنيسة اللـه العالمية، وكنيسة اللـه الحية، وكنيسة فيلادلفيا للـه. وعلى المستوى السياسى كانت هذه الأفكار تطرح بقوة كمشروع لابد أن يتحقق، فبعد الثورة الفرنسية التى كانت مدعومة من الماسونية عام 1789م دعا نابليون يهود آسيا وأفريقيا للانضمام إليه لإعادة أورشليم. وفى القرن التاسع عشر ازدادت هذه الفكرة ففى إنجلترا كان اللورد «أنتونى كوبر» السياسى ورئيس جمعية لندن لليهود يدعم الحركة الصهيونية وسعى لإقناع الحكومة البريطانية.
وبالطبع وراء هذه الأفكار والضغط السياسى الماسونية التى تحاول تشكيل عالم جديد حسب خطة معدة منذ قرون وتعمل على تحقيقها لصالح اليهود والدين العالمى الموحد وتفتيت القوى المختلفة للعالم لتكون السيطرة الوحيدة فى العالم لها، ولكن للرب تدابير أخرى يفسد بها تدابير الشر والأشرار.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية