تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
وماذا لو استثمرنا في مدارسنا
ينبغي علينا جميعا أن نتكاتف لإعادة المدارس لما كانت عليه قبل الانحلال الأخلاقي.
ولا ننكر أن تجسيد شخصية المعلم المصري في شخصية أبو العلمين حمودة بهندامه المتواضع، وتجربته الهزلية، التي مثلها الفنان محمد هنيدي ربما كانت بداية ثورة بعض المعلمين، اللذين صمموا أن يثوروا لأنفسهم حتى لا يكونوا "أبو العلمين" مع الوضع المادي المتأزم للمعلم المصري، وذلك بنوع جديد من الاتجار في الطلاب بتلقينهم المناهج التدريسية عبر أساليب مبتكرة، بعضها محترم والآخر هزلي يتخلله وصلات من الرقص والمزاح غير التربوي في سناتر واوكار الدروس الخصوصية.
ومع تقليدية عرض المدرسين للمناهج التدريسية في المدارس الحكومية التي أصبحت مملة وطاردة للطلاب، اجتهد أباطرة الدروس الخصوصية في جذبهم، فرأينا اللافتات في شوارع المدن تحمل أسماء نجمية، كارشميدس، و جاليليو، وداروين، وجيوعادل، وجيو مدحت وغيرهم.
وبعد أن كنا نسمع إن من أبرز مشكلات التعليم هي تكدس الفصول بأعداد تصل إلى ال ٦٠ طالب في الفصل، وجدنا سناتر الدروس، التي تتعدى أعدادها ال ٥٠٠ طالب. وبعد حرص الدولة على سلامة وصلاحية الأبنية التعليمية، وجدنا الطلاب يصطفون تحت العمارات وفي الجراجات في أوكار تشبه أوكار النينجا ترتلز. وبعد طابور الصباح المقدس والنشيد الوطني والإذاعة المدرسية بما تبثه من ثقافات تدعم الانتماء الوطني، وجدنا الطلاب يفترشون الطرق ومداخل العمارات في انتظار حصة الدرس، ناهيك عن الألفاظ غير المحترمة والعراك بخلع الملابس (على طريقة النجم محمد رمضان في دورعبده موته) في ظل غياب الرقابة، التي تقزمت في تلك الفتاة التي تقف على باب السنتر تحاول بين الآن والآخر أن تجعل الطلاب ينتشرون بعيدا عن السنتر مخافة مجئ أحد السادة مأموري الضرائب.
وهنا لابد من الاعتراف بالمشكلة بكل جوانبها وتحديد المسئوليات بشجاعة، حتى نتمكن من حلها.
فعدم التجديد في المواد التعليمية والأساليب والسياسات، مع ضآلة دخول المعلمين، وعدم اكتراس ولي الأمر إلا بوصول ابنه أو بنته لإحدى كليات القمة، مع مجتمع أصبح لا يشغله إلا السعي وراء لقمة العيش، وبعض السادة المسئولين، اللذين يحاولون التكتم على مظاهر المشكلة والمدارس التي أصبح كثير منها شبه خال من الطلاب، بل والمدرسين، اللذين قام العديد منهم بأجازة حتى يتفرغ لإفساد المنظومة التعليمية في دولة هي من تكفلت بتربيته وتعليمه بالمجان، كل ذلك يتشابك متسبباً في ضياع التعليم في مصر.
وحتى لا نكون سوداويين، فكل مشكلة لها حلول إذا تضافرت الجهود بإخلاص لحلها. والأمر معروض على القارئ الكريم، فماذا لو تم تفعيل مجالس الآباء والأمناء بشكل أكثر مسئولية، بحيث يوضع مجموعة من المعايير لاختيار من يشاركون في هذه المجالس، تضمن الخبرة والمسئولية في المجال التعليمي، التربوي، وان يكون لكل مجلس صندوق خاضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.
ولابد أن نعترف أن هناك تباين في الظروف بين المحافظات، بل بين مدرسة والأخرى، كما لابد أن نعترف أن ظاهرة الدروس الخصوصية قد ترعرعت في المجتمع فأصبحت كالأدمان، خاصة مع تلك الملايين التي يجنيها البعض من ورائها، وتلك الأنشطة التي ارتبطت بها في مناطق تركز السناتر التعليمية، مما يستلزم القضاء عليها بشكل تدريجي.
وهنا يكمن دور مجلس الآباء في الاشتراك في صياغة خطط التعليم وكيفية القضاء على ظاهرة السناتر ورجوع الطلاب للمدارس تدريجيا من خلال مجموعة من المبادرات، التي تعيد إقبال المعلمين على المدارس.
فماذا لو رصد مجلس الآباء جوائز مجزية للمعلمين الأكفاء من خلال فحص نتائج طلابهم في الاختبارات الدورية، بالطبع لن تكون قيمة الجائزة مماثلة لما يتقاضاه المعلم مقابل العمل في السناتر، إلا إنه سيلقى استحسانا من القاعدة العريضة من المعلمين، ما من شأنه أن يساعد على اسئصال المشكلة.
ومما لا شك فيه إن لتلك الأطروحة جذورها، ولعل تجربة كوبنهاجن تمثل تجربة رائدة، حيث تم تدشين اتحاد لأولياء الأمور ESCPH، في كل مراحل التعليم قبل الجامعي، يهدف لبناء مجتمع مدرسي مثالي، والحفاظ على البيئة من خلال مجموعة من المبادرات ويشارك في تنظيم الأنشطة وتوفير الكتب المدرسية المناسبة، ومجموعات التقوية والدعم الطلابي وغيرها من الأنشطة التربوية.
وهنا لابد أن نتذكر الدور الوطني للمواطن المصري في التصدي لكل الأزمات عبر التاريخ، فهو من يفتدي مصر بدماه.
ماذا لو شعرنا بأن هناك مشكلة حقيقية في التعليم!، ماذا لو اعترفنا بدور كل منا في التصدي لهذه المشكلة!، ماذا لو حاولنا أن نرد جزء من جميل هذا البلد بدلا من محاولة اهانته!، ماذا لو بدأنا في التفعيل الحقيقي لدور مجالس الآباء والأمناء، وبحث كيفية اصلاح التعليم!
حفظ الله مصر وحفظ التربية والتعليم.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية