تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«الأهرام» .. «شاهدة الزمان .. حاضنة الأجيال»
يا لها من رحلة طويلة قطعتها جريدة الأهرام، التى شقت طريقها عبر الزمن، حاملةً معها أخبار العالم وأحداث مصر، شاهدةً على كل التحولات والتطورات. فقد لعبت هذه المؤسسة الصحفية العريقة دورًا عظيمًا فى تشكيل وعى الأمة المصرية، ونقلها من جيل إلى جيل.
لم تكن الأهرام مجرد صحيفة تنقل الأخبار والأحداث، بل هى مدرسة حقيقية للثقافة والمعرفة، أسهمت فى بناء الإنسان المصري، وتزويده بالأدوات الفكرية التى تمكّنه من مواكبة التطورات الحضارية. فمنذ أن كانت تصدر أسبوعيًا، وحتى أصبحت عملاقًا إعلاميًا يمسك بزمام القيادة فى عالم الصحافة المصرية والعربية، ظلت الأهرام عنوانًا للريادة والإبداع.
هى مرآة تعكس صورة المجتمع المصري، وساحة للتعبير عن آراء المثقفين والسياسيين، ومنصة لإطلاق الحوارات الفكرية.ومربية للأجيال من خلال التربية بالثقافة التى تعتبر أرقى أنواع التربية، وتهدف إلى تطوير العقل، وتنمية الفكر، وتوسيع آفاق المعرفة، وبالتالى بناء شخصية متكاملة قادرة على الإبداع والابتكار. وقد أدرك الفلاسفة منذ القدم أهمية القراءة والمعرفة فى تشكيل شخصية الإنسان. فقال ابن خلدون: «إن القراءة غذاء الروح»، وقالوا قديما «الثقافة هى الروح التى تحرك الأمم.» أما بالنسبة لى شخصيا، فكنت أترقب صدور الأهرام كل صباح وأنا طفل صغير، فبيتنا لا يخلو منه يوميا منذ أيام جدى، وكنت مغرما بالأستاذ الكبيرحسنين هيكل ومقالاته وشخصيته وكتاباته الصحفية العميقة التى كانت تشعل شمعة الفضول فى داخلي، فكنت أستمع لقراءتها من المذيع جلال معوض كل جمعه ظهرا، ودربنى والدى أن اضع خطاً تحت الكلمات التى لا أفهمها، وأن أتبين معانيها ثم نتناقش فيها، وهكذا أحاول أن أفهم عالم الكبار من خلال ما أقرأ.
ولا أنسى صفحات الكاريكاتير لصلاح جاهين، التى أدهشتنى بمعانيها العميقة ودلالاتها البسيطة، فكنت أجمعها فى كتيبات صغيرة متساوية العدد. تعلّمت من خلالها الكثير عن التاريخ والسياسة والأدب، وتعرفت على كبار الكتّاب والمفكرين فى مصر والعالم العربي، مثل طه حسين، زكى نجيب محمود، إحسان عبد القدوس، توفيق الحكيم، وغيرهم. كما كنت أتابع بشغف الصفحة الأخيرة التى حملت عنوان «بدون عنوان»، وكان يكتبها أحد عمالقة الصحافة كمال الملاخ.
أتذكر جيدًا فرحتى عندما أصدرت الأهرام أول صورة ملونة على صفحاتها عام 1978، وكيف شعرت بالفخر بهذا الإنجاز. وما زلت أشعر بنفس الفخر والشغف حتى الآن، عندما أتصفح هذه الجريدة يوميًا.
وأحتفظ بنسخة من الصفحة الأولى لجريدة الأهرام بتاريخ 4 نوفمبر 1952، وهو تاريخ ميلادى، وهى هدية تلقيتها خلال زيارتى مؤسستها العريقة فى يناير 2018، حيث استمتعت بالحوار مع نخبة من المثقفين والكتّاب العظام.
واليوم، أشارك بكتابة مقالين فيها سنويًا فى عيدى الميلاد والقيامة، إلى جانب بعض المقالات فى مناسبات متنوعة، مستمتعًا بقراءة أعمدتها الصحفية ومتابعة تطورها المستمر.
إن الاحتفال ببدء العام المئة والخمسين لتأسيس جريدة الأهرام هو احتفال بإرث ثقافى عظيم تركته هذه المؤسسة العريقة. وستظل الأهرام منارةً تُضيء الدروب، ومنبعًا للعلم والمعرفة، ورافدًا للأفكار العميقة والأدب الرفيع والفن الأصيل. إنها تسهم فى بناء مستقبل مشرق لمصر وأبنائها على مر الأجيال، فـ«الاستثمار فى الثقافة هو استثمار فى المستقبل». وكما قال طه حسين: «إن الأهرام ليست مجرد جريدة، بل هى مدرسة حقيقية للثقافة والمعرفة».
وأؤمن أن الأهرام ستظل حاضرةً وستواصل أداء دورها الريادى فى المجتمع المصري. ورغم التحديات التى تواجه الصحافة المطبوعة فى عصر التكنولوجيا، إلا أننى على يقين بأن الأهرام ستجد طريقها للبقاء والتجديد. وكما قال الأديب الألمانى جوته: «الثقافة هى ما يبقى عندما ننسى كل ما تعلمناه فى المدرسة».
أتمنى لجريدة الأهرام المزيد من النجاح والتألق فى السنوات القادمة، وأن تستمر فى أن تكون منارةً للثقافة والمعرفة فى مصر والعالم.وأقدم تقديرى وأعتزازى لكل العاملين فى هذه المؤسسة العريقة التى هى شاهدة على الزمان وحاضنة لكل الأجيال.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية