تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > الأنبا أغاثون أسقف العدوة > الحضارة المصرية القديمة وعلاقتها بالحاضر والمستقبل

الحضارة المصرية القديمة وعلاقتها بالحاضر والمستقبل

يسرنى كمواطن مصرى  ويسر أيضاً بقية المواطنين المصريين  قيادةً وشعباً  أن نهنئ  أنفسنا ، بافتتاح المتحف المصرى الكبير  الذى أقامته الدولة المصرية  وأقرت افتتاحه يوم السبت  الموافق 1 نوفمبر 2025م  فى المنطقة القريبة من أهرامات الجيزة .

ودعت إليه القيادة المصرية  ممثلةً فى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى  رئيس الجمهورية  كل قيادات دول العالم  والمؤسسات الدولية العديدة  فى نفس الوقت .
لكى تشارك مع القيادة المصرية  والشعب المصرى  هذا الحدث التاريخى الهام  ألا وهو افتتاح المتحف المصرى الكبير  الذى يُعد أكبر متحف أثرى فى العالم .
وهذا الحدث  يجسد التلاقى بين عظمة مصر  ورؤيتها للحاضر والمستقبل  وأن هذا المتحف  بكل ما فيه من قطع أثرية  فهو يُعد كنزاً  من كنوز مصر العريقة  وتحفة معمارية أيضاً.

وإن دل هذا الحدث التاريخى الهام  فهو يدل على أن مصر فى تاريخها وحضارتها  هما من أقدم التاريخ البشرى  والحضارة الإنسانية  فى العالم كله .
بلاشك  يعد هذا المتحف الكبير  هو هدية تقدمها مصر  إلى العالم أجمع  ولكن بأسلوب متحضر ، فى عصر جديد  يتميز بسرعة نقل الخبر  من خلال السوشيال ميديا المتنوعة .

لذلك موضوعنا  الذى نتحدث فيه  فى هذه المناسبة الهامة  هو عن : الحضارة المصرية القديمة  وعلاقتها بالحاضر والمستقبل .

أولاً – وفى مقدمة مقالى فى هذا الموضوع  ينبغى أن نشير إلى:

تسمية الدولة المصرية  باسم مصر:

1 - دُعيت الدولة المصرية  باسم مصر  وذلك منذ بداية تاريخها  لأن عراقة مصر  وأصالتها التاريخية والحضارية  ظاهرة من ذات اسمها .
فاسم مصر  يرجع إلى مصرايم  الأب الأول لجميع المصريين وهو أول مَن سكن بلادنا  وتناسل فيها .... إلخ .

ومصرايم  هو الابن الثانى لحام  وحام هو الابن الثانى  أيضاً لنوح البار  كما ذكر لنا الكتاب فى سفر التكوين ( تك 10 : 6 ، 1 ) .
ويُعد نوح البار  هو العاشر من آدم  أب الجنس البشرى، وهو الذى نجا من الطوفان  ومعه زوجته  وأبناؤه الثلاثة سام وحام ويافث وزوجاتهم .
2 - على أن لمصر اسماً آخر  أطلق عليه المصريون أنفسهم  فى العهد الفرعونى  ومنه اشتق الاسم فى اللغات الأوربية إيجيبت Egypt  وهذا الاسم مأخوذ من الكلمة المصرية الهيروغليفية : ( حا – كا – بتاح )  وهو يعنى ( بيت روح فتاح )  وفتاح هو الله الخالق .

وما زلنا نحن المصريين  نردد إلى اليوم بالعامية قولنا : (( يافتاح يا عليم ! )) .
3 - لذلك فلما جاء اليونان إلى مصر وأرادوا أن ينقلوا اسم مصر ( حا – كا – بتاح ) إلى لغتهم  نطقوه ( إيجيبتوس )  على أن ينطق حرف الجيم  كما ينطق أهل الصعيد قاف  وكما تنطق الجيم عند الألمان  وبعد ذلك ، لما جاء العرب إلى مصر فى القرن السابع  وسمعوا المصرى يقول : إنه (جبطى) وأرادوا أن ينطقوه بالعربية لم يجدوا فى لغة العرب  ما يقابل الجيم القاسية ، فقربوها إلى  ( القاف)  فصارت ( جبطى )  أى هى ( قبطى ) .
وعلى ذلك فكلمة ( قبطى ) العربية  هى بعينها كلمة مصرى  والكلمتان إذاً بمعنى واحد .

4 - ولقد اعتنق بعض الأقباط الإسلام ديناً  وبقى بعض الأقباط على دين المسيح  فمن هنا جميع أهل مصر مصريون  مسلمون ومسيحيون  كلهم نشأوا على أرض مصر وجميعهم يشربون من نيل واحد ويأكلون من خيرات مصر وثرواتها  ويتنفسون هواء مصر  وترجع منابعهم  إلى مصرايم ابن نوح  العاشر من آدم .

5 - والنيل الذى يشربون منه  يرجع إلى جنة عدن  وحضارتهم هى أعرق حضارة وهذا يتضح لنا  من وقت أن خلق الله آدم  الإنسان الأول  ووضعه فى الجنة  التى يبدو أنها كانت فى أرض  حول ما بين النهرين أو العراق .... إذ قال الكتاب المقدس  أنه كان يجرى من تحتها أربعة أنهار : هى دجلة  والفرات  وجيحون  وفيشون ( سفر التكوين 2 : 10 – 14 ) .

ومن مصادرنا القديمة  نعلم أن (جيحون) أحد الأنهار الأربعة  ( هو النيل )  فى العصر الجيولوجى الأول  ( أما النيل الحالى ، فهو العصر الجيولوجى الخامس) إذ يصفه الكتاب المقدس  بأنه : ( هو المحيط بجميع أرض كوش )  وهى الحبشة  ومصر  وبعض بلاد أفريقيا ( تك 2 : 13 ) .

6 - مصر إذاً نهرها النيل  كان يجرى من تحت الجنة، وهذا يوافق عقيدة المصريين القدماء  فى العصور الآتية : (( إن نيل مصر  ينبع من عند الله ))  ولذلك قدسوه وسموه ( حابى )  لأنهم رأوا  فيه  ( ماء الحياة ) النابع من عند الله  وهو إذاً مظهر ، من مظاهر عناية الله بمصر والمصريين  ورعايته لهم .

ثانياً –  تاريخ وصفات  الحضارة المصرية القديمة:

إن الذين ينادون  بأن الحضارة المصرية  ترجع لسبعة آلاف سنة سابقاً  يظلمونها كثيراً فيما يظنون أنهم يمجدونها ويفخرون بها :

1 – إنها أقدم حضارة  فى تاريخ الإنسان  لأن اسم مصر  يرجع إلى مصرايم  ومصرايم هو ابن حام  ابن نوح ( تك 10 : 6 )  .

على أن مصرايم  هو نفسه الوارث فى مصر  لكل التراث القديم  الذى صنعه السابقون عليه  منذ آدم الإنسان الأول .

لقد درسنا الآثار المصرية والقبطية  فى معاهد الآثار المصرية والقبطية  وفى أقدم جامعاتنا المصرية  جامعة القاهرة  وفى جميع بلاد العالم  التى اهتمت منذ القديم بتتبع الحضارة المصرية فى جذورها التاريخية .

ودرسنا الآثار المصرية  فى متاحفنا المصرية والقبطية  ثم فى متاحف العالم كله .... وزرنا المكتبات العامة فى مصر والإسكندرية  ودول العالم  وأيضاً درسنا المخطوطات القديمة  فى مصر وخارج مصر  بالخطوط المصرية القديمة  والقبطية  واليونانية  والعبرانية  واللاتينية ولغات أخرى على مر العصور .
وجميع هذه وتلك ، تكشف عن الحضارة المصرية القديمة ، بوصفها أقدم حضارة إنسانية .

2 - ولن تجد فى كتب التاريخ  فى جميع العالم  مما يدرسه طلبة العلم  فى المدارس والمعاهد والجامعات  أقدم وأعرق من الحضارة المصرية  التى أخذت منها وعنها كل الحضارات الأخرى .

3 - لكننا إلى معلوماتنا السابقة  مما درسناه فى معاهد الآثار المصرية والقبطية  تكشف فى كل يوم شيئاً جديداً  يثرى معرفتنا بالعلوم المصرية والقبطية  والحضارة التى ضربت جذورها فى كل تاريخ الإنسانية  ومقوماتها اللغوية  والفنية  والدينية  والطقسية . 

4 - وذلك بما تكفله الهيئات  والبعثات العلمية والحفريات  تزيد إيماننا بما بذله المصريون والأقباط  بل فتوح علمية فى كل ميادين الحضارة ، ومنها الطب  والهندسة  والعمارة  والفلك  والموسيقى  والكيمياء  وغير ذلك من علوم الدين والدنيا .

5 - والجميل المبهر أن المصريين القدماء والأقباط  تشهد آثارهم وعلومهم ومخطوطاتهم  بدخولهم البعيد فى عالم الروح  فقد عرفوا من أسرار الوجود والحياة  ماوراء المنظور والمحسوس .

ومن أمثلة ذلك : المسلات الشاهقة  التى أقاموها ، وكذلك الأهرامات  والمعابد التى شيدوها : مثال معبد الوادى  والمعبد الجنائزى  والتماثيل العملاقة للملوك  وغيرها من الرموز الدينية تكشف كلها عما وصلوا إليه من فنون العمارة والهندسة .

6 - كذلك علم التحنيط للموتى هى عملية كيميائية  بإدخال بعض المواد فى جسم مومياء بعد غسلها  وهذا يؤكد على معرفتهم الوثيقة  بعلم التشريح .

7 - على أن الحضارة المصرية القبطية  شملت أيضاً مجالات آخرى  فى عالم الإنسانيات  منها الموسيقى بأنغامها المتنوعة  فى الفرح والحزن  ثم الفن بأنواعه  فى الرسم والتصوير  فضلاً عن علوم الفلك والتنجيم  بصورة بلغت ماوراء الروعة والإبهار .

8 - على أن الحضارة المصرية القبطية  خالدة أيضاً فى طقوسها الدينية  والطقوس الدينية  وسائل إيضاح يرتبط بها المعنى ارتباط الروح بالجسد هذه الطقوس الدينية المصرية القديمة  باقية حية فى ممارسات كنيستنا القبطية المصرية  فى جميع ممارساتنا الدينية والصلوات .

9 - وهكذا يمكن أن نتبع مناسبات الأيام  فى التقويم المصرى القبطى  فنجد جذورها  ممتدة فى حضارة مصر القديمة .

وفى ممارساتنا الدينية والشعبية عند جميع المصريين مسيحيين ومسلمين – لأنها ترتبط ارتباطاً أصيلاً  بالإنسان المصرى  الذى فيه أودع الله الواحد الأحد سره  ليكون الناطق بعظمة  خالق الكون : (( هو الرب باسط السماوات  ومؤسس الأرض ، وجابل روح الإنسان فى داخله ))  ( زكريا 12 : 1 ) .

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية