تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
المحطة الثانية مع أعلام الصحافة
فى ذلك الزمان كنت مع الاستاذ الذى لن تجود به الأزمنة مرة أخرى أحد أعظم من انجبت أمة العرب فى مجال الفكر والصحافة عمنا أحمد بهاء الدين، وقد اكتحلت عيناى بعمنا بهاء منذ الطفولة المبكرة، والحق اقول إننى فى هذه المرحلة تعلمت اولاً السباب والشتومة قبل أن أتعلم أى شيء آخر،
وكان عمنا بهاء من النادرين الذين لم أجرؤ أن أوجه لهم السب أو الشتومة حتى الولد الشقى السعدنى الكبير لا يناديه باسمه، بل كان يناديه بـ عم وعند عم بهاء!
وجدت مفكرا من الطراز العظيم وقد صممت كثيرا بعد ان أبديت له برغبتى بالعمل فى الصحافة بعد فترة من الصمت قال يا أكرم أنت تربيت وسط مجالين مختلفين لكن يجمعهما ضوء وجاذبية وفوق ذلك اعلم انك وقعت فريسة للحيرة بين الجاذبية الطاغية «السعدنى الكبير» والمجال المغناطيسى لعمك صلاح!
والآن .. أنا أرى أمامى اختيارا أرجو ألا يكون الولد الشقى هو صاحبه وعندما نفيت هذا الأمر قال عمنا الكبير إذا عليك اولاً ان تضع حجر الأساس وهو قراءة المصحف بشكل جيد للغاية وأيضا ان تهتم بتفسيره، هناك كتب رائعة، واستدار عم بهاء ناحية مكتبه ثم قام بسحب كتاب جمع الحسنيين معا، وهنا ارتسمت ع وجهى علامات الدهشة لهذه النصيحة العجيبة، فأنا لن أقوم بالتدريس لطلاب الأزهر ولن أعمل خطيبا فى الجامع بالطبع قرأ عم بهاء علامات الدهشة على وجهى ومن تلقاء نفسه أجاب: الجيل بتاعنا يا أكرم كان جيلا محظوظا جدا مافيش حد نجح فى اى مجال إلا وستجده كان احد المحظوظين بالانتماء الى الكتاتيب التى كانت مؤسسة تعليمية رائعة،
وهنا خرجت من السعدنى ضحكة محللة ظنها العم بهاء استنكارية، فسأله أنت معترض على كلامى يا محمود يرد الولد الشقى بالعكس بس كانت مؤسّسة عقابية فى الوقت نفسه يا عم بهاء ويحكى السعدنى حكايته مع الشيخ فلان الفلانى الذى وجه سؤالا الى التلاميذ ذات مساء وهم يفترشون التراب أمامه وهو يجلس فوق كرويته أمام الترعة: ما هى أحب فاكهة إلى قلبك وثم رفع الخرزانة وأشار للسعدنى لكى يجيب فقد كان الشيخ يعلم مدى الشقاوة التى سكنت الولد الشقي،
قال السعدنى والنشوة تملأ قلبه والسعادة تفط من عينيه الجوافة يا مولانا وهنا انهال سيل من السباب والشتومة التى يجيدها ابناء حارة رابعة وفوق ذلك اتجه الشيخ وضرب جسد السعدنى بالخرزانة وهو يؤكد ان اجمل الفاكهة هى التفاح!
ويضحك العم بهاء وأنا واستكمل الأستاذ حديثه قائلا: بعيدا عن ذكريات السعدنى التى أسعدت كل مَن قرأ سواء فى كتاب أو تلك التى يرويها لنا -أطال الله فى عمره- فإن الكتاب يا أكرم كان أول مؤسسة دراسية، بل افضلها على الإطلاق أنت تستخدم اللغة العربية فى الكلام والكتابة والقراءة إذا قرأت كتاب الله سوف تمتلك اسرار العربية ع الوجه الأفضل !
والحق أقول إننى تمنيت لو أن الزمن عاد بى من جديد ووجدت سبيلا إلى الكتاب الذى استمعت كثيرا إلى حكاياته من الولد الشقى ومن عمى أحمد بهاء الدين ومن آخرين وكيف أثر فى هذا الجيل الأعظم كما لم تفعل أعظم الجامعات فى العالم.
خرجت من عند عمنا الكبير أحمد بهاء الدين وأنا أحمل (الكتاب) مكتوبا بين دفتى كتاب،
ونصيحة لوجه الله للاخ وزير التربية والتعليم العودة إلى الكتاتيب مرة أخرى فضيلة لو تعلمون عظيمة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية