هى المرة الاولى التى أزور فيها معرض الكتاب الذى تنظمه إمارة الشارقة سنويا، وتزامنت نسخة عام ٢٠٢٢ مع فوز الإمارة بلقب عاصمة الثقافة الرياضية العربية فى نسختها الاولى تحت رعاية السيد احمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية ومباركة مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب ومكتبهم التنفيذى برئاسة الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة، وأتاح هذا التزامن فرصة ذهبية لشباب العرب من وفود الدول المشاركة فى الاحتفال بفوز الإمارة الباسمة باللقب العربى، لزيارة المعرض وتفقد اجنحته التى بدت فى حلة باهية تجذب الزائرين، وكانت إيطاليا ضيف شرف المعرض فى نسخته الحادية والأربعين، وتنوعت المشاركات العربية من مصر ودول الخليج وفلسطين ولبنان وسوريا وغيرها من الدول العربية ، لكن العارضين المصريين كانوا فى صدارة الترتيب من حيث الاقبال على شراء الكتب، وكان الإقبال على الجناح السعودى كبيرا وقدم الجناح نسخا من المصحف الشريف لزواره، وكان للاطفال وجود كبير من خلال جناح يخص كل ماكتب من أجلهم، الامر الذى يترجم مقولة الشيخ الدكتور سلطان القاسمى عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة: نحن فى الشارقة نقرأ، ونريد المجتمع القارئ، وندعو إلى تعميق عادات القراءة بين فلذات الأكباد، بل وإلى توفير الكتب المناسبة للرجال والشباب وللمرأة، كتب لهم فيها منافع.

ولم يكن التنوع والتنسيق والديكور أبرز ماميز معرض الشارقة الدولى للكتاب هذا العام، وانما انضم اليها استضافة السويدى زلاتان إبراهيموفيتش نجم ميلان ويوفنتوس وباريس سان جيرمان وبرشلونة والمنتخب السويدى، ليكون ضيف الشرف فى اليوم الختامى، ليس بصفته نجما كرويا ذائع الصيت، وانما بصفته أديبا قدم للمكتبة العالمية عدة كتب منها انا إبراهيموفيتش، وادرينالين قصصى التى لم ترو، وانا كرة القدم، وجذب حضور إبراهيموفيتش المعرض كثيرا من الزائرين من عشاق الادب، الذين حرصوا على حضور ندوته التى لم تخل من أسئلة رياضية كان ابرزها هل اعتزل اللعب وتفرغ للكتابة؟ وجاءت إجابته بأنه لايزال قادرا على العطاء فوق البساط الأخضر ولم يحدد موعدا لاعتزاله، واشار الى أن البعض أصابته الدهشة عندما قدم كتابه الاول وطالبوه بالانتظار حتى اعتزال اللعب والتفرغ للكتابة، لكنه رفض تأجيل تنفيذ أفكاره وشرع فى الكتابة التى يعشقها، وحققت كتبه مبيعات لفتت انظار الناشرين والسينمائيين الذين سارعوا للتعاقد معه لتحويل كتابه الى فيلم، وعن مستقبله وكيف خطط له؟ اجاب بأنه قد يتجه الى التمثيل الذى يعشقه وتلقى عدة عروض بشأنه وربما يمثل فى روايته «أنا زلاتان» التى ستتحول الى فيلم سينمائى، ولم يفت إبراهيموفيتش أن يثنى على تنظيم معرض الشارقة الدولى للكتاب، ولم يكن معرض الشارقة للكتاب وحده الذى استوقفنى فى زيارتى الاخيرة التى تنقلت فيها بين كلباء حيث دورة الألعاب الشاطئية التى تحمل شعار سبعة فى سبعة فى سبعة اى سبع لعبات فى سبعة أيام فى سبع ساعات يوميا، وذلك على شاطئ مدينة كلباء الممتد لنحو ١٥ كم، ومدينة خورفكان حيث قلعة السحب احد اجمل المناطق السياحية فى الإمارات، وسفارى الشارقة احد اكبر سفارى فى العالم، ولكننى توقفت امام مؤسسة ربع قرن والتى ترعاها الشيخة جواهر القاسمى زوجة حاكم الشارقة، تلك المؤسسة ذات الفروع الممتدة فى كل مدن الإمارة، وتعنى بالإنسان من سن ست سنوات حتى سن الحادى والثلاثين، وتتنوع الانشطة فى المؤسسة مابين الرياضية والثقافية والفنية والابتكارية والعلمية والتكنولوجية، فى محاولة لتعليم الاطفال من الجنسين مهارات الحياة، إلى جانب تشكيل برلمانين الاول للاطفال والثانى للشباب ،حضرت افتتاح دورتهما الجديدة، مع أولياء الامور وقيادات مجلس الشارقة الرياضى برئاسة عيسى هلال الحزامى، وأدركت ان بناء الإنسان هدف رئيسى لدى قيادات الشارقة، لانهم يدركون أن الإنسان هو عماد الاوطان، وأهم اسلحته للدفاع عن وطنه هى الفكر والثقافة والعلم، فالانسان الذى يملك هذه الادوات يكون محصنا ضد محاولات استقطابه وزعزعة انتمائه لوطنه.

ان ماشاهدته فى معرض الشارقة للكتاب ومؤسسة ربع قرن وملاءمتها إليه من خطط وبرامج واستراتيجيات فى الملتقى العلمى الثقافى الرياضى العربى يعكس رؤية الإمارة لمستقبلها، ويؤكد ان اختيارها للثقافة عنوانا رئيسيا لم يأت من فراغ، وإنما فى إطار استراتيجية تهدف الى مجتمع متميز ومبدع ومبتكر وقبل كل هذا منتم لإماراته ووطنه وامته.

وهذا ليس غريبا على إمارة تولى اهتماما بكل ماهو معرفى وحضارى وتراثى فلديها بيت الحكمة ومتحف الحضارة الاسلامية ومتحف القرآن الكريم ومتحف الفضاء، وسبق لها أن فازت بلقب عاصمة الكتاب وبعده عاصمة الثقافة العربية، وهاهى الآن تحتفى بفوزها بلقب عاصمة الثقافة الرياضية العربية لتجمع الحسنيين والقوتين الناعمتين اللتين ان اجتمعتا فى انسان شب سويا راجحا قويا نافعا لوطنه وقادرا على العطاء ورفع رايته فى كل المحافل.