تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > اشرف محمود > لغتنا هويتنا ومصدر فخرنا

لغتنا هويتنا ومصدر فخرنا

هاقد أطل علينا الثامن عشر من ديسمبر ليذكرنا نحن أمة العرب بلغتنا الجميلة، تلك اللغة التى تحمل قدرا من التكريم لم تحصل عليه لغة اخرى، ولم لا وهى لغة القرآن الكريم، والتى ضمنت به أن تحفظ الى يوم الدين، جاء يوم الثامن عشر من ديسمبر لتذكرنا الأمم المتحدة وهى تحتفى فيه باللغة العربية، باعتبارها أهم وأقدم اللغات التى عرفتها البشرية، لكن وياللأسف لم تعد تحظى بالاهتمام الذى كان لدى الاقدمين، الذين أنصفوها وفتنوا بها وكانت هى مصدر فخرهم وعزهم، بها يتنافسون وبتمكنهم منها يفاخرون، لكن العصر الحديث الذى شهد غزوا من اللغات الاجنبية التى انتشرت مدارسها فى بلداننا العربية، وتولى اهتمامها بلغتها انجليزية كانت أو فرنسية وربما ألمانية وايطالية وغيرها من اللغات، وتمر مرور الكرام على لغتنا العربية، فشبت اجيال لاتعرف عن العربية الا اسمها، وربما لو سألت واحدا من خريجى المدارس الاجنية ماهى لغة الضاد لما عرف انها العربية، ليصدق فيهم قول شاعر النيل حافظ ابراهيم:

 

«أَيهجُرنِى قومِي

عفا الله عنهمُ

إلى لغة ٍ

لمْ تتّصلِ برواة»

فكل ما تعلمه بلغة اجنبية قيل له انها الضمانة للمستقبل والاسرع فى جلب الوظيفة، والمفتاح للتعامل مع العالم الافتراضى والانترنت، واذا ما عمل احدهم فى اى مصلحة حكومية وبات ملزما بالكتابة باللغة العربية، ستجد كارثة ارتكبت فى حق اجيال لم ينالوا مايستحقون من تعليم بلغتهم الام اللغة العربية، وسنكتشف حجم الكارثة أكثر عندما نرى الاخطاء الاملائية التى كان وجودها نادرا فى المرحلة الابتدائية للاجيال السابقة، لكن هذا الجيل معذور، فكل ما يدور فى فلكه ينطق بالاجنبية ايا ما كانت لغتها، اسماء المحال التجارية فى كل الشوارع مضيئة باللغات الاجنبية، وكذلك الاعلانات فى التلفاز، حتى الضيوف فى البرامج التلفزية لاتخلو احاديثهم من مصطلحات اجنبية والحال كذلك عند المعلقين العرب الذين يحرصون على النطق بكلمات اجنبية، كل هذا ينذر بفقدان الهوية العربية، فاللغة هوية القوم الذين يتكلمون بها.

ومن فضل الله ان اللغة العربية ثرية وغنية بالمفردات والمعانى ولها جرس موسيقى لاتخطئه الاذن، ولها متذوقون يهيمون فيها حبا ويتغزلون بكلماتها طربا، ويفاخرون بأنها الاصل لكل اللغات صاحبة الجذر الاقوى كونها لغة المستوى الاول ولديها 16 ألف جذر لغوى ولديها 28 حرفا وعمرها ثمانية آلاف عام، وعندها اقدم مخطوط فى العالم عمره اربعة آلاف عام، كما قال الدكتور مصطفى محمود فى برنامجه العلم والايمان، ودلل الدكتور مصطفى محمود يرحمه الله على عراقة اللغة وقدمها بأن كل اللغات الاخرى أخذت منها، ولذا نجد تشابها بين بعض المفردات العربية تنطق بذات الطريقة فى اللغات الاجنبية، مثل نبيل هى نوبل بالانجليزية ونوبوليس باللاتينية ونوبل بالفرنسية وكذلك السكر يقابلها شوجر بالانجليزية وسوكر بالفرنسية، والكهف يقابلها كيف بالانجليزية وكاف بالفرنسية وكابا بالايطالية وكابوس باللاتينية، وهى لغة تتفرد بأنها لها خاصيتان أولاهما الذاتية والرمزية، مثل حرفى الحاء والخاء، فالحاء مثلا تدخل فى اربع كلمات كلها لها معنى واحد هو الحرارة، مثل حمى، حريق، حرارة، حميم، وكذلك حرف الخاء خمسة، خزى، خيانة، خلاعة، خزلان.

وتتفوق اللغة العربية على غيرها من اللغات بأنها اللغة الاصل التى تفردت عن غيرها وباتت اللغة الام، ويكفيها شرفا انها الوعاء للكلمة الالهية فهى لغة القرآن، التى وعت آياته: كما قال حافظ ابراهيم: «وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ»، وبالقرآن ضمنت الحفظ مصداقا لقوله سبحانه وتعالى «إنا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون».

وقال جل من قائل «قرآنا عربيا غير ذى عوج»، إن اللغة العربية التى كرمت بالقرآن وجب على اهلها التمسك بها والحفاظ عليها، ووجب على الاعلاميين فى المرئى والمسموع ان يلتزموا بها قدر الطاقة والاستطاعة، وعليهم ان يعملوا بنصيحة الشاعر فاروق شوشة يرحمه الله صاحب افضل برنامج اذاعى حمل عنوان لغتنا الجميلة، والتى قالها فى ندوة مع المعلقين الرياضيين عليكم الالتزام باللغة الصحيحة ان لم تتقنوا اللغة الفصيحة، لعلهم ان فعلوا ذلك يسهمون فى تعليم النشء النطق الصحيح للغة العربية، ويجذبونهم اليها ويعوضونهم عما فقدوه فى المدارس الاجنبية، ويذكرونهم بأجمل ماقالت عن نفسها:

«أنا البحر فى أحشائه الدر كامن

فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي».

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية