تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > اشرف محمود > السعادة تدخل العراق من بوابة الرياضة

السعادة تدخل العراق من بوابة الرياضة

لم تعد الرياضة مجرد سلوك إنسانى يهدف إلى تحقيق الانجازات، وإنما باتت حصنا يلجأ إليه الناس للنجاة من الطوفان أيا ما كان شكله، فالرياضة هى السبيل لتعزيز قيم المواطنة والانتماء للوطن، وهى صمام الأمان لتحصين المجتمع ضد العنف والتطرف والإرهاب، وهى أيضا مصدر السعادة ومن بوابتها تدخل المجتمعات والدول، وهو ما حدث أخيرا فى العراق ذلك البلد العربى الذى عاش فترة عصيبة من تاريخه، فمنذ مطلع الألفية الجديدة لا يعرف للاستقرار طريقا، إلا عندما فاز منتخبها لكرة القدم بلقب كأس آسيا عام ٢٠٠٧ فى انجاز غير مسبوق، سطره رفاق يونس محمود ونشأت أكرم، أعادوا به ذكريات انجاز نجوم مونديال 1986 رعد حمود وحسين سعيد وأحمد راضى ورفقائهم، وعادت السعادة لتدخل العراق من بوابة الرياضة، من خلال استضافة البصرة لبطولة خليجى ٢٥، ليعود العراق لاحتضان محيطه الخليجى بعد ٤٤ عاما، اذ كانت بطولة ١٩٧٩ آخر بطولة استضافها، وظل يسعى لاستضافة البطولة فى البصرة دون جدوى فى ظل حظر ملاعبه من قبل الفيفا، إلى أن جاءت الفرصة التى استغلها العراق أحسن استغلال، فقام بتجهيز ملعبين وانفق ٣٠ مليون دولار من أجل التجهيزات وجدد ملعب جذع النخلة الذى احتضن الافتتاح فى حضور ٦٥ ألف متفرج، ودعمت دول الخليج الرغبة العراقية فى التنظيم ووافقت جميعها على المشاركة فى البطولة الأهم خليجيا، وجاء يناير ٢٠٢٣ ليشهد الحدث السياسى الأهم الذى عرفته العراق بعد عشرين عاما على الغزو الأمريكي، فرغم ان البطولة كروية إلا أنها فى المقام الأول كانت سياسية فها هو حفل الافتتاح يشهد مشاركة كبيرة من قيادات الرياضة العربية وحضور انفانتينو رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم، الذى غرد على صفحته انه كان من الرائع حضور افتتاح بطولة الخليج العربى فى البصرة، وانه أمر يعطى الأمل لكثير من الناس وفى هذه الحالة لبلد بأكمله، وشهد الحفل فقرات فنية قدمت تاريخ بلاد الرافدين وارتباطه بالخليج وأمته العربية، وزاد الجمهور الخليجى بتنظيم احتفالات على شاطئ بحر العرب ورفعوا أعلام الدول المشاركة، وكانت كلمة رئيس الوزراء العراقى محمد شياع السوداني، بأن البطولة تحمل طموحات العراق للانتقال إلى مرحلة جديدة على الصعيد السياسي، وأشار إلى أن البطولة تمثل لحظات تاريخية للوحة لها دلالاتها فى الأخوة بين الأشقاء العرب، وأكدت بعثة الأمم المتحدة فى العراق قدرة العراقيين على احتضان المنافسات السلمية، وتناولت الصحف العالمية التنظيم العراقى وأشادت به واعتبرتها الواشنطن بوست لحظة نادرة من السعادة والتفاؤل، وهى فترة راحة من العنف والأزمات السياسية، ويبدو أن النجاح الذى حققه العراق أثار غضب إيران بعد تكرار كلمة الخليج العربي، حيث وجه وزير الشباب والرياضة الإيرانى اتهاما بتحريف اسم الخليج لكل من يذكر اسم الخليج العربي، وطالب الوزير اتحاد بلاده لكرة القدم بتقديم شكوى لكل المنظمات الدولية وفى مقدمتها الفيفا ضد تسمية البطولة، لكن أحدا لم يعر الاتهامات الإيرانية اهتماما فى ظل المستويات الرائعة التى قدمتها المنتخبات الخليجية، والملحمة الكبرى التى قدمتها الجماهير العراقية التى أدركت أن بلدها فى مخاض جديد يحتاج لكل جهد مخلص للخروج من النفق واستعادة أمجاد الماضي، لإعادة اسم العراق إلى الواجهة وكتابته فى المكان الذى يستحقه كبلد صاحب حضارة وتاريخ، فلم تخل مباراة فى البطولة أيا ما كان طرفاها من حضور جماهيرى كثيف، حتى ما شاهدته المباراة الختامية من تدافع الجماهير قبل أربع ساعات من موعدها وكاد يتسبب فى تأجيل النهائي، الا أنه تمت السيطرة على الموقف وأقيمت المباراة بين المنتخبين العراقى والعمانى وقدم الفريقان عرضا فنيا رائعا، وامتد صراعهما الكروى ١٢٠ دقيقة لتنتهى المباراة النهاية الأجمل التى كان يتمناها وينتظرها العراقيون بثلاثية لهدفين، ليضرب العراق عصافير عدة بحجر البطولة الخليجية، أهمها ترديد اسمه فى كل وسائل الإعلام العربية والدولية بأخبار بعيدة عن الصراعات والدمار الذى تخلفه الحروب، وتأكيد جاهزيته لتنظيم الأحداث الرياضية الدولية على ملاعبه، وجاء الفوز باللقب ليتوج التنظيم المتميز للاتحاد العراقى الذى يترأسه النجم عدنان درجال الذى لم يشمله التشكيل الوزارى الأخير وترك منصبه لكنه لم يترك موقعه كرئيس للاتحاد.

ان مكاسب العراق من تنظيم البطولة الخليجية عديدة وستظهر آثارها على كل مناحى الحياة، بعد ان تسببت الرياضة فى وضع حد للصراعات والانقسامات وارتفع العلم العراقى فوق كل الخلافات، وسكنت الابتسامة وجوه العراقيين وأثق أنهم لن يتركوها تغادرهم، ليتأكد الجميع من قدرة الرياضة على إصلاح ما تفسده السياسة، وأن الرياضة سبيل لنشر السلام فى ربوع الوطن وجمع الفرقاء على مائدة الحوار من أجل الارتقاء بالوطن، لتبقى الرياضة قوة ناعمة تستطيع أن تحلق فى سماء الإبداع وتتجاوز العقبات لتشيد مجدا يصل الماضى بالحاضر.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية