تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
التقييم الأوليمبى يتطلب مناقشة هادئة!
لاتزال الغالبية تتعامل مع الرياضة وفق منظور محدود يقتصر على كونها سبيلا لتحقيق الألقاب فإن لم تتحقق أصبح الإنفاق على الرياضة إهدارا للمال العام، وفتح مزاد الانتقادات ليدلى كل واحد بدلوه ويوجه ما وسعه من انتقادات لاذعة بغض النظر عن مدى إدراكه للرياضة وفلسفتها وقوانين لعباتها ومستوى المنافسين للاعبينا، ويتوقف عند ما أنفق على إعداد اللاعبين من أموال فاقت المليار جنيه، دون ان يتوقفوا أمام ما يمكن لهذا المبلغ تحقيقه في إعداد الأبطال الاوليمبيين، قياسا بما يتم انفاقه في العالم، حيث يتكلف إعداد البطل الاوليمبي عشرة ملايين دولار، فالبطل تتم صناعته خلال ثماني سنوات، ومن هنا فإن ما تعرضت له البعثة المصرية من انتقادات فاقت الاحتمال منذ وطأت أقدامها باريس، ولم تستمع الجماهير لصوت العقل الذي يطالب بالصبر والانتظار حتى نهاية المشاركة ليبدأ التقييم في هدوء، وفقا للقواعد العلمية، واعتقد انه لو جربنا هذا الأسلوب في التعامل مع الرياضة عقب أي إخفاق، لما تكرر، فمثلا منذ اوليمبياد مونتريال كندا 1976 تتعرض البعثة للانتقادات ثم يتكرر المشهد في الدورة التالية، كما حدث في اوليمبياد لوس انجلوس 1984، ولم تحرز مصر إلا ميدالية فضية لمحمد علي رشوان في الجودو، وفي سول 1988 لم نحقق أي ميداليات، ومن بعدها برشلونة 1992، والحال ذاته في اتلانتا 1996 ومن بعدها سيدني 2000، كل تلك الدورات شهدت إخفاقا أعقبته انتقادات دون التوقف لمناقشة هادئة لتحديد أسباب الإخفاق ووضع خطة عمل تستهدف المستقبل، وجاءت اوليمبياد أثينا 2004 لتروي ظمأ السنين ونحقق خمس ميداليات منها ذهبية المصارع كرم جابر، لكن التفوق لم يستمر وتراجعنا في بكين 2008 لنكتفي بميدالية برونزية في الجودو لهشام مصباح، ثم كانت العودة في لندن بثلاث فضيات لكرم جابر وعلاء أبو القاسم وعبير عبد الرحمن، وفي ريو دي جانيرو 2016 أحرزنا برونزيتين في رفع الأثقال لمحمد إيهاب وسارة سمير وبرونزية في التايكوندو لهداية ملاك، وكانت الطفرة في طوكيو 2020 وأحرزنا ست ميداليات منها ذهبية لفريال اشرف في الكاراتيه، لكن أحدا لم يتوقف أمام سؤال: هل ما تحقق كان نتيجة طبيعية للإعداد أم إنها الصدفة والتوفيق الإلهي؟ واعتقد اننا لو فكرنا قليلا لعرفنا ان التوفيق الإلهي كان وراء هذه الإنجازات خصوصا ذهبية فريال التي لم تكن مرشحة للفوز بميدالية لكنها فاجأت الجميع واعتلت القمة ورفعت العلم وحققت الذهب، ومن هنا فإنني أطالب د.أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة بالدعوة إلى مؤتمر علمي يناقش الواقع الرياضي المصري ويبحث في جذور المشكلات، ويحدد المستوى الحقيقي للاعبينا قياسا بمنافسيهم، نعم لدينا موهوبون يملكون القدرة على المنافسة، ولا ينقصهم إلا امتلاك الإرادة وتلقي الدعم من الأجهزة الفنية ومجالس الإدارات والإعلام، على ان يكف الأخير عن تدليل لاعبي كرة القدم.
إن تحديد المشكلات التي تعوق مسار الرياضة المصرية يحتل أهمية كبيرة في خطة الإصلاح الشاملة لكل فرقنا، وعلينا ان نصارح أنفسنا بكل السلبيات ونبحث في أسبابها وسبل علاجها، وأول ما يحب التوقف أمامه قانون الرياضة الذي أوجد سلبية إدارية تمثلت في احتكار عدد من الأشخاص مواقع القيادة في الاتحادات الرياضية، وألغى بند الثماني سنوات أو الدورتين المتتاليتين، كما ألغت بعض الاتحادات بند السن ففتحت المجال أمام من تخطوا السبعين عاما ليبقوا في مواقعهم، كل هذا مكنهم منه القانون الذي ترك لكل هيئة وضع لائحتها الداخلية، فجاءت اللوائح على الأهواء، فهناك اتحاد لعبة يمارسها مئات الآلاف في مئات الهيئات الرياضية، ولكن جمعيته العمومية تعد على أصابع اليدين، إن إصلاح الجمعيات العمومية التي تختار قيادات الاتحادات أمر له من الأهمية ما يجعله في مقدمة بنود الإصلاح الرياضي الشامل، وعلى تلك الجمعيات القيام بدورها وتحمل مسئولياتها الوطنية والرياضية في اختيارات قيادات الاتحادات، ثم على قيادات الاتحادات ان تحسن اختيار مجلس إدارة اللجنة الاوليمبية بعيدا عن الشللية والتربيطات والمصالح الخاصة، ثم على الحكومة ان تراقب وتتدخل متى تطلب الأمر ذلك دون انتظار لوقوع كارثة ثم التدخل بعدها، فالوقاية خير من العلاج.
أما اذا ما توقفنا أمام ما كان في باريس فلن نهيل التراب على المشاركة كلها فهناك لاعبون بذلوا قصارى جهدهم وحققوا أفضل ما يمكن لهم تحقيقه من نتائج، وأن الدولة ممثلة في وزارة الشباب والرياضة لم تقصر في الدعم المادي والتشجيع المعنوي، وربما لا يعلم كثيرون ان ما انفق على البعثة جزؤه الأكبر كان من الرعاة وليس ميزانية الوزارة، ومن هنا فإن الحساب بات حتميا ليس لعقاب من أخطأ وقصر، وإنما لوضع قاعدة حاكمة يخضع لها كل القائمين على أمر الاتحادات واللجنة الاوليمبية، ليدركوا ان مهمتهم ليست تشريفا وإنما تكليف، وان عديد الاتحادات التي شهدت انقسامات بين أعضائها أو تكتل عدد ضد فرد أو اثنين، فتفرغوا للصراعات على حساب العمل الجماعي والتركيز في المنتخبات أمر يتطلب تدخلا حاسما لمنع تكرار هذا الأمر.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية