تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أخلاق رمضان طوال العام!
نبتهل الى الله شكرا ان بلغنا رمضان وأعاننا على صيامه وقيامه، وندعوه جل وعلا ان يجعلنا من المقبولين ومن المعتوقين من النار بفضل شهر الرحمة والغفران، وجاء العيد الذى هو منحة الله للصائمين بعد ان أدوا الفريضة التى هى الركن الرابع من أركان الإسلام، بعد الشهادتين وأداء الصلوات والزكاة وقبل الحج الذى اقترن بالاستطاعة ، وبلا شك ان الصوم عبادة روحية يتقرب فيها المسلم من ربه، ويجدد عهده مع الالتزام بأوامره ونواهيه، وما أحله وما حرمه، فالصوم ليس مجرد امتناع عن المطعم والمشرب، ولكنه امتناع عن كل ما نهى الله عنه، سواء كان قولا أو فعلا أو تلميحا أو تصريحا، حتى ما يدور داخل النفس البشرية من صراعات بفعل شواغل الدنيا، وجب على الصائم كبح جماحها، وقد توصل العلماء الى ان للصوم فوائد عظيمة على الصعيد النفسى والسلوكى للإنسان فهو وسيلة للسلام النفسى ويقلل التوتر والأرق، ويعزز السكينة فى نفوس الصائمين، ويمتد اثر الصوم على الأجواء المحيطة سواء فى المنزل أو الحى أو المدينة حتى أجواء العمل يغيب عنها التوتر والصراعات ويلتمس كل طرف العذر للآخر، وتسود أجواء روحانية فى جميع الارجاء ما يعزز الشعور بالانتماء إلى المجتمع ويعزز الإحساس بالراحة النفسية، وخير دليل على ذلك ما نشاهده على الطرق السريعة فى مصر على طول البلاد وعرضها من تطوع أهل الخير فى كل البلاد بتقديم إفطار سريع للمسافرين وعابرى السبيل من تمر وعصائر ومياه، ويلحون على كل المارة ليتوقفوا ويتناولوا الإفطار، ويمتد هذا الأمر لغير المسلمين فى تأكيد ان الوحدة الوطنية هى نسيج أصيل لهذا الشعب المصرى صاحب الحضارة والتاريخ، حتى ان قساوسة ورهبانا يقومون بتقديم إفطار للصائمين ويمتنعون عن تناول الطعام أو الشراب فى الأماكن العامة والعمل وكثيرون منهم يصومون عن الطعام إلا فى ذات التوقيت الذى يتناول فيه الإفطار أشقاؤهم وشركائهم فى الوطن، وتلك عادة مصرية قديمة وأصيلة تبرهن على متانة النسيج الاجتماعى لأبناء الشعب المصري، غير ان ما ينقص الصائمين من إدراك فلسفة الصوم وآدابه، ان كثيرين منهم يعودون بعد نهاية الشهر الكريم الى سابق عهدهم فى الحياة وفى المعاملات، ويتناسون قيم رمضان من تسامح وتعاضد وبر ورحمة، فيمضى الشهر ولايترك أثرا لدى كثيرين إلا من رحم ربي، فتعود الشحناء الى تعاملاتنا والعصبية والحساسية وتنشب القبلية بأظافرها فى كل ما يقرب بين أبناء البلد الواحد، وتعود الأنا لتصدر المشهد على حساب الـ «نحن»، ويعود الضمير الى ثباته الذى استفاق منه لثلاثين يوما، فتجد التكاسل فى أداء المهام فى العمل والمنزل، ويضيع حق الطريق فتلقى الفضلات فى الشوارع، ونتسابق مع بعضنا البعض فى السير بسياراتنا دون مراعاة لضوابط المرور، ونطلق العنان لألسنتنا لتسب هذا وتذم اخر، رغم ان المفترض فينا التحلى بالخلق الذى تعلمناه فى رمضان، وتجد ملاعب الكرة وصفحات التواصل الاجتماعى تعج بأقذع ألفاظ السباب والانتقاد الذى يتخطى حدود الأدب ويخالف الذوق العام، فترتكب المعاصى ونجمع الذنوب بلا سبب، وننسى ان أناسا سيكبون على وجوههم فى النار حصائد ألسنتهم، وننسى ان كل ما تنطق به يدونه ملك وكل منا سيتناول كتابه يوم القيامة، وساعتها سيدرك عاقبة مافعله بنفسه، فإن كان كتابه تلقاه بيمينه فهذا من علامات الخير ورضا الله وان كان عكس ذلك «حفظنا الله جميعا» كان طريقه ممهدا الى النار، مصداقا لقول الله عز من قائل: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا.. وقال جل من قائل: «فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ، إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ، فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ، فِى جَنَّةٍ عَالِيَة»ٍ.. اما الذين يتلقون كتابهم بشمالهم فقال عنهم الله عز وجل: «وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتَابِيَه،ْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَه،ْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ، مَا أَغْنَى عَنِّى مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّى سُلْطَانِيَهْ، خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ».. والحال كذلك لمن يتلقى كتابه وراء ظهره مصداقا لقول الله تعالي: واما من اوتى كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا، ويصلى سعيرا، انه كان فى أهله مسرورا، انه ظن ان لن يحور، بلى ان ربه كان به بصيرا، لكل هذا علينا جميعا ان نذكر بعضنا البعض، بما اكتسبناه من قيم رمضان وسماحته خلال الشهر الفضيل ليمتد الأثر النبيل طيلة العام، ويسود المجتمع التسامح والسلام، ليكون شعار المجتمع المصرى «كلنا واحد» وهو أحوج ما يحتاج إليه مجتمعنا هذه الأيام فى ظل تربص قوى خارجية بمنطقتنا ومحيطنا الإقليمي، تتطلب تماسك جبهتنا الداخلية والتفافها خلف القيادة السياسية ولنصطف خلف جيشنا لنكون على قلب رجل واحد، يدرك حجم المخاطر ويكون على قدر اسم مصر ومكانتها وتاريخها وحضارتها وجديرا بالانتماء إليها والدفاع عنها، ان رمضان الذى ودعناه سكن وجداننا وعلينا ان نبقيه فى داخلنا، ليكون نبراسا لنا فى حياتنا وتعاملاتنا طوال حياتنا الى ان يبلغنا الله رمضان المقبل .
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية