تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

..وهل كان فرعون معذورًا ؟!

هم نوعية من بشر، جفَّت الأقلام بشأنهم بحق، وعجزت العقول الطبيعية السوية عن فهم محفزات الأفكار لديهم، ومحركات السلوك بداخل عقولهم المريضة تلك، يحترفون افتعال الخلاف، ثم سرعان ما يلبسونه ثوب العقلانية والمنطق، بغية الوصول لأهداف بعيدة خبيثة لا تخطر ببال بشر أبدًا، ثم يجيدون لعب دور الضحية بعد ذلك ببراعة، فيهرولون للانخراط فى صفوف المظلومين بمنتهى البجاحة ــ بنو إسرائيل!!

لم يسلم تاريخهم الطويل من استفزاز الآخرين قط، حتى وإن كان ذلك ضد قوى هم كانوا أضعف مايكونون من أن يواجهوها: فلقد فعلوها من قبل مجيء موسى عليه السلام مع فرعون، إذ تحوصلوا وانطووا بعيدًا عن ركب سائر الناس (كعادتهم)، ويكأنهم يدبرون بليلٍ ما من شأنه أن يثير الشكوك والارتياب، ويتهدد السلام الاجتماعي، فرَاغَ عَلَیهِم ضربا باليمينِ كمدًا وغيظًا، يُذبِّح أبناءهم، ويستحيى نساءهم.. فانظر مدى الغل، ثم انظر كيف كان عقاب؟!

ولقد فعلوها من بعده أيضًا مع نبوخذنصر، ثانى مُلوك الإمبِراطورية البابلية الحَديثة، فلم يسع الرجل إلا أن هاجم أورشليم (مشكورًا)، فدمر هيكلهم الذى يصدِّعون رءوسنا به اليوم، ثم لم يكتفِ الرجل بهذا، بل قام بأسرهم قاطبة (وشَحْنهم) إلى بابل مكسورى الخاطر لفترة بلغت نحو سبعين عاما متصلة، فيما يُعرف فى تاريخهم باسم (الأسر البابلي).. فانظر مدى الغل، ثم انظر كيف كان عقاب؟!

ثم فعلوها مع أدولف هتلر، والذى اجتثهم من الجذور داخل (كل) دولة وطئها جنوده مضيفًا إليهم يهود ألمانيا (بالمرة)، تطاردهم الجنود فى جميع الشوارع والطرقات والبيوت، يجبرونهم على ارتداء شارات تميزهم عن عموم الناس، ويضعونهم فى أحياء معزولة لا يخرجون منها إلا بتصاريح وفى أضيق الحدود، ثم سرعان ما تم (شحنهم) فى عربات قطارات كانت مخصصة للأسف (لنقل المواشي) نحو معسكرات عمل مهينة، فاحتجزوهم بلا رحمة داخل زنزانات أشبه بالجحور، اكتظت بها أجسادهم الهزيلة العليلة، فأجبروهم على ارتداء خفيف الثياب فى برد قارس، لدرجة أنهم كانوا يسرقون أجولة الطوب والأسمنت ليضعونها خلسة من تحت ملابسهم لاتقاء لسعات برد شديد، وقبعات رثة، من كان منهم يخلعها كان جزاؤه الرمى فورا بالرصاص الحي، حتى أن بعض السفهاء من جنود النازية كانت لعبتهم المفضلة فى أجواء هذه المعسكرات اللاإنسانية هى تغفيل السجين، وخطف القبعة من فوق رأسه، والجرى بعيدًا عنه، فسرعان ما تطول الضحية دفعة من طلقات الحراس من أعلى أبراج المراقبة، من قبل أن يتمكن من استعادة قبعته، فيسقط لتوه صريعا مخضبًا بالدماء، وسط ضحكات الجنود الألمان على الأرض ومن أعلى الأبراج... ثم لن أخاطبك قطعًا فى غرف الغاز الإجرامية التى تم إلقاؤهم بداخلها عرايا، نساء مع رجال، بحجة الاغتسال والاستحمام، ثم سرعان ما توصد الأبواب، فيراهم الجنود من وراء فتحاتها الزجاجية وقد بدأوا يدركون حجم المصيبة التى ألمت بهم، يتدافعون إلى الأبواب متوسلين من أجل خروج، ولا حياة لمن تنادى.. فانظر مدى الغل، ثم انظر كيف كان عقاب؟!

ولقد نجحوا للأسف فى إسقاط إيران أخيرًا فى براثن الفخ الذى نصبوه لها بالأسلوب نفسه الذى سقط به بوتين فى أوكرانيا، ومن قبله صدام حسين العراق، اعتمادا على اختلاق نقطة ضغط مدروسة بعناية، لا تجد الضحية بدًا من أن تتفاعل معها فى غير صالحها بالمرة، فما إن تزل القدم، حتى ينهالوا على ضحيتهم ضربا بالسوق والأعناق!!

استفزاز ما بعده استفزاز، ربما كان ظاهره قصف مبنى القنصلية الإيرانية فى دمشق أخيرًا، ولكن باطنه هو حجم القلق من النمو النووى الإيرانى المتصاعد، والذى وقف نيتانياهو منذ سنوات على منبر الأمم المتحدة يحذر منه، ممسكًا بلوحة مرسومة يدويًا كلوحات الهواة، توضح كيف أن المرحلة النهائية لتخصيب الإيرانيين لليورانيوم أصبحت قاب قوسين أو أدنى!!

منذ ذلك الحين وإسرائيل لا تألو جهدا فى لفت الأنظار لمدى خطورة إيران عليها (وعلى العالم بأسره مجازا). منذ ذلك الحين وإسرائيل تنتوى تلقين الإيرانيين درسا كمثل الذى لقنوه (لمفاعل) صدام، ولكن المناخ لم يكن مهيأ لاكتساب التأييد الدولى اللازم للإقدام على هكذا خطوة، ولكن ها هى الفرصة سانحة اليوم تماما، فما أروعها فرصة أن تتخلص إسرائيل من كل أعدائها جملة واحدة مستغلة أحداث هجمات السابع من أكتوبر: تُنَكِّل بأهل غزة تمهيدًا لتهجيرهم إلى غير رجعة، ثم تفتح الباب لمناوشات مع حزب الله ستفضى حتما إلى صدام محموم، ثم لنجد الحوثيين وقد (دخلوا على الخط) دون مبرر، فترسل أوروبا عظموت أساطيلها لمواجهة حفنة من حفاة أصلا، فمن ذا الذى تبقى إذن لاستكمال المؤامرة؟ إنها إيران.. إذن، فلنقصف القنصلية الإيرانية، فيموت تحت أنقاضها من يموت، فتضطر إيران للذود عن كرامتها الوطنية، فيكون هذا المشهد الهزلي:

٤٠٠ مُسَيَّرة، و٢٠٠ صاروخ باليستي، أطلقوا جميعا ، بحسب زعمهم، من (العراق) واليمن وإيران و(لبنان) صوب إسرائيل!! ولتتجرع إيران الثمن باهظًا خلال أيام حتمًا بسبب هكذا فعلة شنعاء!!

فعمَّا أسفر هذا الهجوم الإيرانى الشامل الكاسح إذن؟

بحسب هيئة الإسعاف الإسرائيلية: إصابة طفل بجروح فى قرية بجنوب إسرائيل!! وهو الحادث (الجلل) طبعًا الذى دفع مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة ليصرح بأن إيران قد انتهكت ميثاق المنظمة، وأنه لابد من إدانة تصرفاتها!! ثم ليستتبعه تصريح (وزير الدفاع) الإسرائيلى عابس الوجه دائما أبدًا، يوآف جالانت، لوضع كثير من البهارات على المشهد، محذرًا العالم: هذه هى إيران !!

ولا تسعفنى الذاكرة الآن لتذكر تلك الكلمة المصرية، (العبقرية)، الموجزة، القادرة على التعبير عن منتهى الاستنكار لكل هذه البجاحة.. بصراحة!!

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية