تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
إسرائيل التى خرجت من المولد بلا «.....»!!
عاد دوى القصف المدفعى، وعادت الانفجارات تُسمع مرة أخرى فى (الخرطوم)، وعادت الأنباء ترصد تقدم القوات الروسية على الجبهة (الأوكرانية)، وعادت التنويهات الإخبارية حول الأوضاع فى (ليبيا) للظهور على استحياء فى الفواصل الإخبارية...
وفى المقابل، بدأت قصة المعارك فى غزة تخبو شيئًا فشيئًا، وتخلى بنيامين نيتانياهو أخيرًا عن ارتداء القميص الأسود الذى دأب على ارتدائه بطول مدة الحرب، وتم السماح بتوافد الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية نحو القطاع البائس رويدًا رويدًا، وبدأت الأخبار تتوالى بشأن اتفاقيات ناجحة لتبادل الأسرى بين الجانبين الحمساوى والإسرائيلى على وتيرة متسارعة لم يتوقعها المحللون، وتواترت المشاهد من داخل شوارع غزة ترصد عودة الحياة إلى طبيعتها وسط أطلال المبانى المهدمة. فمن المهزوم إذن ومن المنتصر؟! بحسب السيناريو الإسرائيلى، كان من المتوقع أن يؤدى تحويل القطاع لجحيم بطول الليل والنهار إلى انهيار الأنفاق من فوق رءوس المقاومة تباعًا، ما سيؤدى إلى رفع رايات الاستسلام الحمساوية خفاقة وسط صرخات الاستغاثة، يستتبعها رضوخ تام للمطلب الإسرائيلى بالإفراج غير المشروط عن الأسرى الإسرائيليين، ونزوح الجموع سيرًا على الأقدام من شمال القطاع إلى جنوبه تحت نير القصف، ثم الانتقال من الجنوب إلى جنوب الجنوب نحو الحدود المصرية، فما إن يتكرر مشهد القصف الوحشى بواسطة (بواسل) سلاح الجو الإسرائيلى (المطمئنين) أيما اطمئنان إلى عدم وجود أسلحة دفاع جوى حمساوية لصدهم، حتى لا تجد السلطات المصرية بدًا أمامها من فتح الحدود للنازحين بدافع إنسانى بحت، (وتوتة توتة خلصت الحدوتة )!! ثم لتنعم إسرائيل وقتئذ بقطعة أرض خاوية جديدة على مساحة نحو 350 كيلو مترا مربعا هى مجمل مساحة القطاع، (تواترت الأنباء بشأن قيام شركات تسويق عقارى إسرائيلية بتدشين حملات ترويجية لتقسيمها وبيعها كأرض فضاء مع انطلاق شرارة الحرب).. أوليست توشك على أن تصبح خاوية على عروشها؟!
ولكن شيئًا من هذا لم يحدث، فصحيح أن الدمار قد طال جُل القطاع، وصحيح أن الناس قد تضررت أيما تضرر، فسقط منهم من سقط ما بين جريح وشهيد، غير أن الاستسلام بالمعنى الإسرائيلى المتعجرف لم يتحقق!! وبحسب التصور الحمساوى مع انطلاق عملية السابع من أكتوبر، فإن إسرائيل سوف تصاب بشلل كامل فى التفكير من جراء احتجاز أعداد كبيرة من الأسرى داخل القطاع، ما سيمنعها من توجيه ضرباتها الجوية المعتادة خوف إصابة هؤلاء بمكروه، الأمر الذى سيجبر إسرائيل على التفاوض، وإطلاق سراح آلاف المعتقلين الفلسطينيين مقابل مئات الأسرى المحتجزين، بل إنه حتى لو لجأت إسرائيل إلى توجيه ضرباتها الجوية للقطاع، فإنها ستكون ضربات غير مؤثرة بالمعنى المتعارف عليه، ذلك لأن الأنفاق المشيدة بحرفية ستكون هى الملاذ الآمن بحق لمقاتلى المقاومة من هكذا ضربات، وهى الأنفاق التى ستكون بمثابة العرين الذى سينطلق منه المقاتلون لمباغتة الدبابات والجنود الإسرائيليين من حيث لا يحتسبون، حال ما قرر جيش الدفاع تنفيذ هجوم برى واسع النطاق!!
ولكن شيئًا من هذا لم يحدث أيضًا، فلقد اعتبرت إسرائيل أسراها (ولأول مرة) فى عداد الموتى، وبدأت فى توجيه ضربات مركزة غشيمة شديدة القسوة للقطاع بأسره، ثم استتبعته باجتياح برى منظم وصل إلى أعماق القطاع دون مقاومة تُذكر، اللهم إلا من بعض مناوشات لا ترقى لمستوى المعارك الطاحنة التى (وعد) بها الحمساويون، أطلعنا عليها قطاع الإعلام العسكرى الحمساوى بين الحين والحين ذرا للرماد فى العيون ليس أكثر، وتكبد القطاع (وأهل القطاع) ما تكبدوه من خسائر بحق فادحة!!
فلما نضع نحن خلاصة النتائج التى استطاع كلا الجانبين بلوغها، سنكتشف أنه وبالقياس لحجم قطبى الصراع وإمكاناتهما، فإن حماس هى من خرجت بصيد ثمين (برغم الجراح)..
لماذا؟
ففى الوقت الذى تصورت فيه إسرائيل أن تضخيم الهجوم الحمساوى صبيحة السابع من أكتوبر إعلاميا سيؤدى حتما إلى تعاطف غربى واسع المدى، من شأنه أن يبرر كل الجرائم التى دبرت لها إسرائيل (للدفاع عن نفسها) !! غير أن شيئا من هذا لم يحدث، فقد انتفضت أوروبا وأمريكا على المستوى (الشعبى) بل والرسمى (جزئيًا) تنددان بهكذا جرائم على نحو لم نتوقعه نحن، وليس فقط الإسرائيليون!!
وفى الوقت الذى تصورت فيه إسرائيل نيتانياهو أنها قاب قوسين أو أدنى من إتمام حلم التهجير القسرى للفلسطينيين، اكتشف نيتانياهو وأتباعه الأشاوس حجم الرفض لهكذا فكرة، سواء من جانب دول الجوار وفى مقدمتها مصر السيسى، أو على مستوى الغرب وفى مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية... فذهبت الفكرة أدراج الرياح تماما (إلى غير رجعة)!!
وفى الوقت الذى تصورت فيه إسرائيل (كما ألمحت لك فى مقالى السابق) أنها قادرة على خداع الأمريكيين بزعم حاجتها فقط لبرهة من الوقت للقضاء نهائيًا على حماس بالقطاع، شريطة ضمان صمت عالمى ودعم عسكرى ومادى أمريكى طوال مدة العملية، ها هو الرئيس بايدن يضيق ذرعا من هكذا حرب، مصرحا أخيرًا بأن القضاء على حماس يبدو غير ممكن، وأن هذه الحرب ستطول!! وهو ما أصاب الخطة الإسرائيلية فى مقتل، وأجبرها على لملمة أوراقها بأى ثمن، وحرك دفتها نحو الرضوخ للتفاوض السريع بغية الخروج بأى مكسب شعبى يوحى بانتصارها!!
أما المضحك بحق فهو إثبات مقاتلى حماس فى كل مرة أنهم قد أحسنوا معاملة أسراهم إلى حد مشاهد الوداع الحميمية مع كل أسير أطلقوا سراحه، وهو ما يتنافى تمامًا مع كل ما روجت له إسرائيل لحلفائها من أن أسراهم يتعرضون للاغتصاب والتعذيب والقتل!!
فلما نضيف إلى ذلك أن رءوس حماس الفعليين ليسوا فى غزة التى أمطروها بالقنابل وأساءوا إلى العزل من أهلها، وإنما (طلقاء) فى قطر!!
ولما نضيف إلى كل ذلك حجم الخسائر المادية التى تتكبدها إسرائيل مع إشراقة كل يوم قتال، فيما لا تستطيع ميزانية دولتهم دفع فاتورته، لا لشيء سوى لتعويض فشل نيتانياهو ورجالاته الذريع فى التنبؤ أو التعامل مع هذه الهجمة الحمساوية غير المتوقعة..
إذن فإن إسرائيل قد خسرت الحرب (وخرجت من المولد بلا (.....)!!
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية