تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الصحافة ...وخطر" الإستعمار التقنى" !!
من السهل أن نسوق العديد من الحقائق واستشهادات الأبحاث والدراسات والكتب والخبراء التي تكشف هيمنة منصات وشركات المحتوى الرقمى العالمية مثل "نتفليكس وديزني وأمازون برايم فيديو,وهولو ,وباراماونت,وسبوتيفاي" على إنتاج وتوزيع المحتوى الثقافي العالمي الغربى وفرضه على المجتمعات، خاصة العربية والإسلامية منها، وكذلك علاقة تقنية الإتصالات بتدني معدلات الإبداع البشري ووعيه النفسي والوجودي والاجتماعي .
فالمشاهدات الواقعية اليومية في حياتنا تكشف حجم الأزمة التي اجتاحت الإنسانية نتيجة ما يعرف بـ" الاستعمار التقنى"، وفى مقدمتها التراجع الكبير في معدلات القراءة في العالم أجمع، وتواصل إغلاق الصحف والمجلات والمكتبات الكبرى، وتدنى توزيع كل ماهو ورقى ، فالمحمول وما يحويه من تطبيقات ومحركات بحث ومنصات كثيرة متنوعة أبعدت الإنسان عن عادة قراءة الكتب الورقية والصحف والمجلات في الأماكن العامة والقطارات التى كانت تستأثر بها العديد من الدول الكبرى "اليابان –بريطانيا –فرنسا –أمريكا- ألخ ، وساعد فى خفوت هذه الظاهرة إلى درجة الإنقراض "فيروس كورونا " الغامض فى اكتشافه وانتشاره وانحساره !!
وفاقمت وسائل البحث ومحركاتها السريعة على أجهزة المحمول من معضلة تسطيح المعرفة عبر آلية "النقر السريع" وجلب المعلومة دون بذل جهد دماغي، وهو أمر يتجاوز معه "الاستعمار الرقمي" الحدود الجغرافية والسياسية التقليدية، ليشمل الكوكب بأكمله كمجال للهيمنة، والتغلغل في الحياة اليومية من العمل إلى الترفيه، ومن التعليم إلى الصحة، ومن العلاقات الشخصية إلى المشاركة السياسية بشكل خفي وناعم، ومن خلال آليات غير مرئية مثل الخوارزميات والبروتوكولات والواجهات، مما يجعله أكثر فعالية وأقل مقاومة من أشكال الاستعمار التقليدية ، وتهديد لحياة ومستقبل مهن أثرت وتؤثر فى حياتنا اليومية ,وفى مقدمتها الصحافة الورقية التى تواجه طوفان التطور التقنى والتكنولوجى .
صحيح أن كل الهيئات والجهات المعنية تعمل على بقاء الصحافة الورقية ، وأن هناك بارقة أمل فى تطويرتعليم بدا يعتمد على التراكم المعرفى وتعظيم قيمة القراءة، وإن كان عائد ذلك لن يأت بين ليلة وضحاها، فإصلاح ما ينتج عن تجريف الهوية الثقافية بفعل التطور التقنى سوف يستغرق وقتًا، لكنه سيتم عاجلًا أمْ آجلًا طالما حددنا موطن الخلل ووضعنا آليات العلاج ولدى مسئولينا الإرادة فى إحياء وبعث الصحافة من جديد.
ونذهب إلى نقطة أخرى فى مسألة "الإستعمار التقنى "، وهى استغلال البيانات الشخصية على أجهزة المحمول ومواقع التواصل وغيرها تمثل قمة الإستعمار حيث تبيع شركات التقنية هذه البيانات والمعلومات للعديد من جهات الإعلانات والدعاية بمليارات الجنيهات ، ويقع المواطن العادى فريسة لمضايقات وابتزاز لحظى من شركات تروج للعقارات والسلع ، ولعل رنات المحمول لا تنقطع يوما للترويج عن عقارات تعدى سعر المتر فيها قيمة مرتب 10أعوام ، وغيرها من الاتصالات المستفزة عن سلع ومنتجات !!
إننا بحاجة إلى إعادة تشكيل الوعي والهوية الوطنية من خلال السيطرة على آليات إنتاج المعنى والقيمة في الفضاء الرقمي ، بعيدا عن هيمنة المنصات الغربية على إنتاج وتوزيع المحتوى الثقافي المسموم وفرضه على مجتمعاتنا النامية ، وأن تضع اللجان العديدة التى تتشكل يوميا لوضع خارطة طريق لإعلامنا الوطنى فى أولوياتها تنفيذ خطة عاجلة لمجابهة الغزو الثقافى والترفيهى والدينى القادم من تلك المنصات.
إن تبنى تلك المنصات "المأجورة " للدعوة التي تطارد مسامع الناس اليوم بما يقال عن وحدة الأديان أو ما يسمى (الدين الإبراهيمي)، والتى تثار من وقت لأخر وحسم الأزهر الشريف أمرها وبيّن خطورتها، وأنها لا تتفق مع أصول أي دين من الأديان السماوية ولا مع فروعه، ولا مع طبيعة الخلق وفطرتهم التي تقوم على الاختلاف في اللون والعرق وحرية العقيدة.
كما أن الأزهرأوضح فى بيان رسمى ، أن تلك الدعوة الخبيثة تُخالف صحيح ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وما اتفق عليه إجماع علماء كل دين من الأديان وكل ملة من الملل ، وأن الأزهر الشريف يرفض رفضًا قاطعًا مثل هذه الدعاوى، وأن على الداعين لمثل هذا التوجه أن يبحثوا عن طريق آخر يحققون به مصالحهم وينفذون به أجنداتهم بعيدًا عن قدسية أديان السماء وحرية الاختيار المرتبطة بها، وأن يتركوا الدين لله ويذهبوا بأغراضهم حيث يريدون، فإن الله لم ينزل دينه ليكون مطية لتحقيق المآرب السياسية، أو أداة للانحرافات السلوكية والأخلاقية.
حفظ الله مصر.. و حفظ الأزهرمنارة للعلم والدين .
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية