تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > إسلام عفيفي > إمبراطورية الجريمة المنظمة والاقتصاد الخفى

إمبراطورية الجريمة المنظمة والاقتصاد الخفى

نبت شيطانى خرج من رحم الفتنة تحت غطاء أسمى المعتقدات، وهل هناك أنبل من الدين ليلتحف به هؤلاء يخربون ويقتلون مستحلين الدماء باسمه؟ فلا ضير إذا ما قُتل الآلاف من أجل الملايين حسب تصور مفكرهم الدموى سيد قطب. يزرعون بذور الانقسام والاحتراب أينما حلّوا أو ارتحلوا، فهم من ينطبق عليهم «هم العدو فاحذرهم».

باحثون عن السلطة أو ما يسمونه «التمكين» منذ عام 1928، يتلهفون شوقًا لتقلد المناصب والكراسى، «الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»، لذلك يريدون ثوب السلطان وصولجانه، ليس كما يدعون لخدمة دعوة أو دين، بل لخدمة التنظيم عابر الحدود. وفى سبيل ذلك، يدوسون بأقدامهم على كل قيمة، فيدلّسون ويكذبون ويخونون الأوطان، فلا ولاء لحفنة تراب!

منذ ميلادها، تختزل الجماعة الدنيا والدين فى تنظيمها، فهى الحق وما سواها هو الباطل. وتحت هذه الغاية، يتم نسف كل شيء، وصياغة المجتمع البديل حسب رؤيتهم وإن ضلت، وفقه مكتب إرشادهم وإن غوى وأساء.

لا يخفى على أحد أن الجماعة المارقة تتجاوز فى تأثيرها حدود الدين والتدين، فهى كيان يحمل طموحات اقتصادية وسياسية تتجاوز الحدود، تغذيها أهداف تسعى لزعزعة استقرار الأوطان وتحقيق نفوذ مبنى على الاستغلال والتحكم فى مقدرات الشعوب. لقد نجح هذا التنظيم عبر السنوات فى بناء شبكة معقدة من العلاقات الاقتصادية والسياسية، تديرها بإتقان تحت شعارات زائفة، لكنها فى جوهرها أداة لتحقيق مصالح خاصة تهدد الاقتصاد الوطنى وتزعزع استقرار المجتمع بأسره.

تستغل الجماعة الأموال التى تتدفق إليها تحت مسميات «التبرعات» و«الزكاة» و«الدعم الخيرى» لتمويل مشروعها السرى، الذى يتغذى على أموال المجتمع، ليستنزفها ويستغلها لصالحها، بدلاً من أن تعود بالنفع على أبناء الوطن. إن المتبرع الذى يعتقد أنه يساهم فى دعم قضايا إنسانية أو مجتمعية، يشارك دون علمه فى تغذية ماكينة اقتصادية ضخمة تعود بالفائدة على أفراد هذا التنظيم، وتجعلهم قادرين على شراء النفوذ والسيطرة، بل والتحكم فى قرارات اقتصادية وسياسية تخدم مصالحهم وحدهم.

جماعة الإخوان عائق رئيسى أمام التحول الديمقراطى والنمو الاقتصادى فى المجتمعات التى تنشط فيها. فمن خلال سعيها المستمر للهيمنة والسيطرة، تتسبب فى إضعاف المؤسسات الديمقراطية وتضييق فضاءات الحرية، مما يثنى الاقتصادات الوطنية عن التقدم. ولأنها لا تؤمن بالدولة الوطنية، فإنها تُعطل مسيرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وتخلق بيئة تنافسية غير عادلة من خلال استحواذها على قطاعات اقتصادية حيوية بطرق غير قانونية. إن هذا التنظيم يقوض الاقتصاد الوطنى عبر خلقه لاقتصاد موازٍ يستنزف الموارد، ويمتص الاستثمارات الشرعية التى من شأنها تعزيز الاستقرار الاقتصادى. كما أنه يضعف قدرة الحكومات على تطبيق سياسات فعالة تشجع الاستثمار والتطور، ويجعل البيئة الاقتصادية خاضعة لنفوذها ومصالحها الخاصة، مما يحرم المواطن من فوائد النمو، ويضعف فرص العمل والتوظيف، ويزيد من الفقر والتهميش الاجتماعى.

فى الواقع، وجود الإخوان كعقبة أمام الديمقراطية هو كذلك عائق مباشر أمام تطور اقتصادى مستدام. فالتنمية الاقتصادية لا يمكن أن تزدهر فى ظل فوضى النظام المزدوج، حيث يتم عرقلة المحاولات الإصلاحية الحقيقية التى تسعى لتمكين المواطنين وإشراكهم فى بناء مستقبلهم، وتحل محلها شبكات اقتصادية خفية تستغل حاجات الناس وتستثمرها لخدمة أهدافها الضيقة.

والخطورة هنا لا تتوقف عند حدود الاقتصاد الوطنى، بل تتعداها إلى تشكيل تهديد عابر للحدود. فالأموال التى تجمعها لا تقف عند حدود الوطن، بل يتم تهريبها وتبييضها بطرق لا أخلاقية لتصل إلى حركات ومنظمات متطرفة فى دول أخرى. كيف لا؟ والجماعة فى الأساس تتبنى فكراً عابراً للحدود، ولا تعترف بالدولة الوطنية، وتعتبر نفسها جزءاً من كيان عالمى يسعى لفرض نفوذه وهيمنته حتى وإن أدى ذلك إلى الفوضى والدمار.

عندما تدخل جماعة الإخوان إلى القطاع الاقتصادى، فإنها تدخل بنية الاستحواذ والتحكم، لا المنافسة. تجدها تستهدف القطاعات التى يمكنها من خلالها غسل الأموال بسهولة، أو التى تمنحها القدرة على التحكم بالموارد وتوجيهها بما يخدم مصالحها. ولعل القطاع العقارى والتعليم والصحة أمثلة صارخة على ذلك، فهى قطاعات تتيح مساحة واسعة للتلاعب بالأموال، وإنشاء شبكات اقتصادية خفية، تتسرب من خلالها الأموال بطرق لا تُحصى، ولا تُحاط بقدر كافٍ من الرقابة.

إن الهدف من استحواذ الجماعة على هذه الأنشطة الاقتصادية ليس تحقيق ربح اقتصادى مشروع، بل هو تعزيز النفوذ والسيطرة، وكسب ولاءات سياسية واقتصادية، تجعل الجماعة فى مركز قوة، قادرة على فرض شروطها، وإملاء أجندتها على الآخرين. هذا النوع من الاقتصاد الموازى لا يخدم سوى الجماعة، ويقوّض من أسس الاقتصاد الوطنى، حيث يخلق بيئة اقتصادية مسمومة، تنهش فرص المنافسة العادلة، وتحرم الشركات والأفراد من العمل فى مناخ اقتصادى شفاف يخدم الجميع.

أما على المستوى الإقليمى والدولى، فتمويل هذا التنظيم للجماعات الإرهابية والعنيفة هو أمر لا يمكن إنكاره أو تجاهله. لقد باتت جماعة الإخوان منبعاً لتمويل الحركات المتطرفة، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة. إنها تتلاعب بأموال المجتمع لتتحول إلى رصاصات فى صدور أبنائه، وإلى أدوات تدمير تستهدف استقرار المجتمعات وتنهش أمانها.

تلك هى الحقيقة المُرة: جماعة الإخوان المسلمين ليست كياناً دينياً يهدف لخدمة المجتمع، بل هى منظمة خطيرة، تملك أدوات اقتصادية وسياسية خبيثة، هدفها تحقيق هيمنة مطلقة، حتى وإن جاء ذلك على حساب استقرار المجتمعات وأمنها. ما يقتضى أن نكون مدركين وواعين، وأن نواجه خطرها بكل الوسائل، وأن نحصّن اقتصادنا الوطنى من محاولاتها المستميتة للسيطرة والاستغلال، كى لا يتحول مستقبل الأجيال إلى لعبة بين يدى كيان لا يعرف إلا لغة مصالح التنظيم الذى يهدد بحرق كل ما حوله لتحقيق أجنداته المظلمة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية