في ظل التحديات الإقليمية والدولية التي تمر بها مصر، أصبحت قضية الإعلام على رأس الأولويات الوطنية تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن دور الإعلام في المرحلة القادمة ليست مجرد تحديد مسار أو خطة للإصلاح بل تكشف عن رؤية استراتيجية تسعى إلى تحويل الإعلام المصري إلى أداة مؤثرة، بعيدًا عن كونه مجرد وسيلة تواصل، إلى أداة تنمية وتوعية حقيقية، طموح رئاسي حقيقى، ورؤية شاملة، وحق مشروع لإعلام أكبر دولة عربية، وأعرق شعوب المنطقة، ووطن فى قلب المخاطر يتشبث بالحلم ويسعى للأفضل بنموذج تحديث وطنى قائم على استقلالية القرار

في وقت تتسارع فيه التغيرات على جميع الأصعدة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، تأتي تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي لتفتح نافذة على مرحلة جديدة في كيفية التعامل مع الإعلام الوطني في مصر، هذه التصريحات التي تتجاوز حدود الكلمات التقليدية، تُشكل إشارة واضحة إلى أن مصر بصدد إحداث تحول جذري في مجال الإعلام، سواء من حيث آليات العمل أو من خلال توجيه الرؤى التي ستحدد معالم هذا القطاع الحيوي في المستقبل

في تصريحاته الأخيرة، شدد الرئيس السيسي على ضرورة إصلاح الإعلام المصري، و ليصبح أكثر فعالية في نقل الأخبار والمعلومات، بعيدا عن المبالغات والشائعات إن هذه الدعوة إلى التغيير في الإعلام ليست مجرد كلمات دعائية، بل هي انعكاس لواقع حقيقي وسعى نحو المكانة التى نستحقها فى مجال هو الأخطر على الأمن القومي، هذا الهدف الذى ظل حلما عصيا على التحقق لعقود مضت ربما حان الوقت الآن  لتصبح مصر مركزًا إقليميًا للإعلام الفعال والمؤثر بما يتناسب مع الدور والحضور والتأثير ومع تزايد تأثير وسائل الإعلام في رسم السياسات وتوجيه الرأي العام، أصبح من الضروري أن يُعزز الإعلام المصري قدراته ليصبح أكثر تطورًا، مرونة، واستجابة للمستجدات وفي هذا السياق، فإن حديث الرئيس بإتاحة المعلومات وإضفاء مزيد من الحرية على الإعلام يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى استعادة مكانة مصر الإعلامية في الوقت الذي تتجه فيه العديد من الدول الكبرى نحو التحول الرقمي، تركز مصر على استعادة قوتها الإعلامية من خلال تحسين الإنتاجية الإعلامية المحلية وضمان استقلالية المعلومات التي تصدر عنها.

ما تحدث عنه الرئيس السيسي حول أهمية تحسين الكفاءة الإعلامية يتضمن دعوة صريحة لتحقيق توازن بين حرية التعبير وحماية المصالح الوطنية هذا التوازن هو سر نجاح الإصلاح بمعنى أن الإعلام يجب أن يكون خاضعًا لضوابط تضمن المهنية، وموضوعية الطرح والتناول والأخلاقيات وإذا كانت الحرية هى الرئة التى يتنفس من خلالها الإعلام، إلا أنه لا بد من الوعي بأن هذا الحرية يجب أن تتقيد بمسؤولية أخلاقية ووطنيّة، وخاصة في الظروف الراهنة التي تعيشها المنطقة في هذا الإطار، ظهرت الحاجة الماسة إلى ضرورة تقديم تقارير موضوعية وطرح قضايا من زاوية تراعي مصالح الشعب وتحمي الأمن القومي.

من الجوانب التي تم تسليط الضوء عليها أيضًا في تصريحات الرئيس هو دعوته لفتح المجال أمام مختلف الآراء ولعل هذا يشير إلى التحدي الأكبر الذي تواجهه مصر في ظل انتشار الإعلام البديل، الذي ربما لا يلتزم بالمعايير المهنية في بعض الأحيان هناك رغبة متزايدة في تحسين مستوى الإعلام المصري ليعكس جميع الآراء والاتجاهات الفكرية، ولكن في الوقت ذاته يجب أن يتم تحجيم أي محاولات لإشاعة الفوضى أو نشر الأخبار الزائفة تلك الظاهرة التي أصبح من الصعب تجاهلها، حيث تتنامى قوة الإعلام البديل في ظل الانفتاح على منصات التواصل الاجتماعي، ومع ذلك فإن الضرورة تقتضي أن يتم الإحساس بالمسؤولية في توظيف هذه المنصات لصالح المجتمع، والجهود التى قامت بها وزارة الداخلية خلال الأيام الماضية حظى بإشادة واسعة من الرأى العام لتطهير وسائل التواصل من المرتزقة الجدد على حساب القيم والأخلاق 

إذا كان الإعلام المصري يواجه تحديات كبيرة في مجال الصحافة التقليدية، فإن ما يطرحه الرئيس السيسي بشأن الإعلام الرقمي يعد خطوة هامة نحو المستقبل مع انتشار منصات التواصل الاجتماعي والفضائيات الرقمية، أصبح الإعلام التقليدي في مصر يحتاج إلى التكيف مع هذا الواقع الجديد ونبدأ في الاستثمار في منصات جديدة، ونبتكر آليات جديدة للوصول إلى الجماهير عبر الإنترنت، وهو تحدى آخر 

فمازال الإعلام الرقمي في مصر يعاني من قلة المهنية والاحترافية فالعديد من المواقع الإلكترونية لا تزال تعتمد على نشر الأخبار الكاذبة والشائعات لإثارة الجدل وتحقيق الزيارات، ما يساهم في نشر الفوضى هنا تبرز الحاجة إلى توفير ضوابط ومعايير فنية تضمن أن تظل هذه المنصات جزءًا من الحل، لا جزءًا من المشكلة، مصر تستحق أن تكون رائدة في تحويل الإعلام الرقمي إلى أداة لتقديم المعلومات الموثوقة، بعيدًا عن الأخبار المغلوطة التي قد تُضر بمصالح الدولة والمجتمع.